لينا قادري، فنانة فلسطينية شابة قررت أن تكرس لوحاتها للانتصار لقضايا المرأة، في مجتمع لا زال تحت وطأة الذكورية التي تضع المرأة في إطار تقليدي، رغم تبؤها مناصب رفيعة في المجتمع.
تدور لوحات لينا جميعها حول موضوع واحد وهو المرأة، أحيانا تتحاوز الخطوط الحمراء، فتحظي بمعارضة داخل بلدها وخارجه، لكنها مصممة على كسر هذه النظرة التقليدية؛ فهي تأمل في “أن تحصل المرأة الفلسطينية على حرية كاملة وأن تستطيع أن تقول لا لما لا يعجبها وتلغي نظرة التمييز السائدة في المجتمع الفلسطيني الذكوري”.
قد تكون لينا مختلفة في تعبيرها عن المرأة، فهي تبتعد عن الفكرة التي تحاول أن تلصق بالمرأة صفات رجولية حتى تكون مع الرجل على قدم المساواة؛ فتقول :” إن هناك من يحاول تصوير المرأة بأنها كائن ضعيف وآخرين يصورونها بأنها قوية لكني أقول إن المرأة ببشرتها الناعمة وجسدها الذي يقل قوة عن جسد الرجل ومشاعر الخوف والفرح والحزن والنشوة هي إنسان يجب أن تكون له حريته بعيدا عن المبالغات”.
وتضيف “من خلال لوحاتي فأنا أشعر بما تشعر به النساء وأحاول إزالة الأقنعة لأعبر عن حقيقتها بكل مشاعرها وكينونتها”.
وانتقدت شعور بعض النساء اللواتي زرن معارضها بالخجل حين رأين لوحات تعبيرية لنساء يظهرن في أوضاع حميمية قائلة هذا ليس عيبا فهي طبيعة إنسانية ومشاعر تعيشها المرأة.
وتتابع قادري، أن مشاعر الخوف التي جسدتها في إحدى لوحاتها لامرأة تبكي وهي تعانق شخصا، “ليس عيبا بل هي جزء من التجربة الإنسانية للمرأة وللإنسان بشكل عام”.
وتشير لينا إلى أن كل لوحة فنية من لوحاتها تعبر عن شعور معين وهي تختلف اختلافا كليا عن الأخرى “فعندما أبدأ الرسم وليس في ذهني موضوع معين تبدأ مشاعري بصقل اللوحة عبر مزج الخطوط والألوان لتخرج في النهاية لوحة معبرة أكون راضية عنها”.
عاشت لينا قادري طفولتها في دولة الكويت وحازت وهي في المدرسة الابتدائية، على جائزة كانت الأولى لها في حياتها حيث عبرت بألوانها الخشبية وأفكارها الصغيرة عن العيد الوطني لدولة الكويت، الأمر الذي نال إعجاب مدرساتها بحسب ما تقول.
ورغم أنها ضده ، فإنها لا ترى في الزواج المبكر عيبا إذا كانت الفتاة قادرة على تحقيق ذاتها، وعدم الخضوع للحياة الروتينية كما أصرت هي على ذلك.
وتقول “عندما أصبحت في الـ 26 من عمري كان أطفالي يذهبون إلى المدرسة ففكرت باستدراك حياتي التعليمية ولم أجد أحدا يدعمني بذلك، بل واجهت انتقادات كبيرة من المقربين لي إلا أنني مضيت بما أريد ودرست الفنون الجميلة في جامعة النجاح بنابلس وتخرجت ودرست فيها سابقا لأحقق ذاتي”.
وتلتقي قادري نساء فلسطينيات أخريات من الموهوبات فنيا، لكنهن يجدن صعوبة في تحقيق ما يصبين إليه من متابعة الفن كمسار لحياتهن بسبب العقبات الاجتماعية والحواجز الاقتصادية.
وتشير إلى أن هؤلاء يبقين لوحاتهن التي يرسمنها حبيسة الأدراج فلا يستطعن الخروج بهن إلى العلن وعمل معارض بسبب القيود الاجتماعية، رغم أن الجمهور يتوق دائما لرؤية أعمال الفنانات كون ذلك شيئا لا يحدث كثيرا في المجتمع الفلسطيني.
وتشير بهذا الصدد إلى أنه رغم كونها أنثى إلا أنها من الفنانين الفلسطينيين الحاليين القلائل الذين تمكنوا من إنجاز أربعة معارض فردية خلال 10 سنوات شهدت إقبالا كبيرا.
وعلى الرغم من نجاحاتها تقول قادري، إن هناك قيودا عليها في بلدها كفنانة، “فالدين والمجتمع لايزالان يضعان القيود على عملي، ولهذا السبب أبقي بعض اللوحات لنفسي”، معربة عن أملها بأن “تتمكن النساء من تقوية مساعدة بعضهن البعض”.