هي إنسانة وإعلامية شابة متميزة بالأسلوب السلس والجريء بالحوار، استطاعت أن تثبت نفسها في وقت قصيرة في البرامج.
المذيعة شام العدوي تحاول قدر المستطاع أن تكون ذات الشخص أمام الكاميرا وخلفها رغم أنها ترى أن الكاميرا آلة عجيبة لقدرتها على ابراز كل ما تريد اخفاؤه من انفعال، قلق، خوف، توتر وشك تخرجت من جامعة حيفا .
“أنتِ لها” التقتها في هذا الحوار.
– حدثينا عن ملامح نشأتك وطفولتك، وكيف أثرت بشخصيتك؟
نشأت في قرية من أصول فلاحية وأنا الصغرى بين أشقّائي وشقيقاتي، لأسرة متواضعة تعتزّ بالزيتون الذي زرعته شجرة شجرة وتحفظ تفاصيله عن ظهر قلب، وبنفس الدرجة التي تقدّس فيها عائلتي حبّ الأرض، كذا تولي اهتماما جمّا للعلم، ولا زلت أذكر الحكاية التي لطالما حكاها لي والدي، بأنّ جدّي علي “باع ثيابه” حتّى يتمكّن من تعليم أولاده.
لكن، بالطبع كوني الشقيقة الأصغر لإخوة وأخوات كثر يسبقونني بالكثير من السنوات لم يكن أمرا سهلا… حيث لم تخلو سنوات التسعين من المماحكة الجميلة، المستمرة، لكن يمكن القول بأنّ فارق العمر كان عاملا ايجابيا في المراحل الأولية لبناء ذاتي هذه والتعرّف إليها، فأصدقائي كثيرا ما فاقونني سنا.
طفولتي تذكر والدي جيدا منهمكا في القراءة والكتابة، فلست أذكر من شبابه سوى مقطع رأسه الخلفيّ تحت المصباح والمنهمك بإعداد شيء ما، وهو أوّل من نمّى في ذاتي شغف القراءة، كثيرا ما اشترى لنا بإمكانياته المتواضعة كتبا وقصصا وروايات انتقاها بعناية من معارض الكتب المختلفة في حينه.
أمي قد أكملت عن أبي المسيرة حيث لم تخاطبني في طفولتي إلّا وكأنني شخص كبير، ولطالما استرقت لي السمع وأنا أحادث نفسي ساعات طوال، متلذذة بلعب جميع الشخصيات المتخيلة والمفتعلة في ذهني، وللُطفها لم تفكر حتى في إرسالي لمصحّ عقليّ.
– لماذا اخترت دراسة الإعلام؟
الحدس.
في سنوات التسعين رأيت في التلفاز أمرا ساحرا، شاشة جامدة تستطيع إثارة عواطف جمّة، ومنذ مراحل المدرسة المبكّرة وأنا أشعر بالانتماء لهذا العالم الغريب في حينه دون أن أدرك شيئا عن كواليسه.
الفضول.
هو فضول للمعرفة، ما الذي يجري في هذه الدنيا خارج أسوار القرية ومقثاة المحاصيل؟ ما الذي يحدث في هذه الاثناء بعيدا عن درس التاريخ والفيزياء. كيف يعيش الاخرون في محيطهم؟ كيف يفرحون ويلبسون ويعتاشون ويُقمعون ويُظلمون؟
الإثارة.
لا شك بأنّ لحظاتي المفضلة في المدرسة كانت عندما يقام حفل ما، هذه اللحظة التي أكتب فيها شيئا وألقيه على مسامع الجمهور، فهذه الرّعشة تعادل سنة دراسية كاملة من المواضيع المملة، ومن هنا يمكنكم التكهن بالطبع بتاريخي الأسود مع المؤسسات التعليمية.
– ما هي فكرة برنامجك «معالم» وبماذا يتميز؟
برنامج معالم يفتش عن القصص، ويحاول الإجابة عن اسئلة تراودني، حيث أزور أسبوعيا مكانا جديدا أتعرّف على أهله، يسردون لي قصصهم وقصص أجدادهم وبطولاتهم، وما تركوه خلفهم من معالم وموروث ثقافي وتأريخيّ يعتزون به
أحاول وصول القصة في الأماكن القريبة والبعيدة والنائية، الضخمة منها والمهمشة أو حتّى المنسية.
– هل تشاركين بالإعداد والبحث لبرنامجك أم أن المذيع يقتصر دوره على التقديم؟
هنالك مفارقة غريبة في هذه المسألة، من الجانب الأول تقتصر المهنية على أداء دورك الخاص بشكل مهنيّ في الجسد الإعلامي أو المؤسسة الإعلامية، كي يتمكن كل شخص من أداء دوره بشكل فاعل، ما يؤدي الى أفضل جودة وصورة، على سبيل المثال المصوّر هو مصوّر، وكذا المخرج والمحرر والمحقق والمنتج، تماما كما الالة، لا يمكن للمحرك أن يتحولّ الى فرامل.
لكن من الجانب الاخر، لا يمكن أن تقوم بمنتج فني دون أن تحلم بالتفاصيل وتعيدها مرارا في مخيلتك. لا يمكن بناء القصة دون سبر غور أدقّ التفاصيل فيها، وعن نفسي أقوم باقتحام مزعج لأعمال الطاقم والتدخل حتى بكيفية اتخاذ زاوية التصوير وتركيب المشهد، فلا يمكنك آن تكون محاورا جيدا دون الاصغاء لكافة تفاصيل المضمون وشكله وتقنياته.
– هل قمت بتغطيات وإعداد تقارير إخبارية خارج الاستوديو، ما أهمها ان وجدت؟
المثير في هذا المجال هو أنّك تؤدي وظيفة معينة، لتجدك نفسك في مهمة أخرى على الإطلاق يوما بعد ذلك.
قمت بالعديد من التغطيات الإخبارية خارج الاستوديو، سواء لمواكبة ملفات سياسية أو اجتماعية وغيرها، الميدان هو العمل الصحفي الحقيقي، ففي نهاية المطاف شخوصه هم الحدث.
وبالنسبة لي -وقد يختلف معي الكثيرين-، فإنّ جميع هذه التغطيات مهمة مهما كانت كبيرة أو صغيرة، لأنّها أساسية بالنسبة لشخصية الحدث وتسمع صوته ولربما مأساته التي قد لا يكترث إليها أحد.
–ما المواقف التي صادفتك أثناء العمل في الاستوديو وكيف تغلبت عليها؟
تحديات كثيرة، أقساها ضبط النفس.
الكاميرا آلة عجيبة لقدرتها على ابراز كل ما تريد اخفاؤه من انفعال، قلق، خوف، توتر وشك.
التقديم التلفزيوني يكمن في فن تمثيل “الانسيابية والعفوية” بكلمات أخرى عليك أن تمثّل لتكون طبيعيا، وللسخرية، فإنّ التصنّع والتكلّف أمام العدسة يتضح جيدا للمشاهد، بكلمات أخرى يستطيع المشاهد أن يرى بأنّك تقوم بالتمثيل أمامه، وتخادعه.
هي نقطة حسّاسة تقع بين المسارين أعلاه تتطلب مجهودا مكثّفا مصحوبا بالكثير من خيبات الأمل والنتائج غير المرضية حتى تتمكن أخيرا من أن تشعر بالضغط في بثّ مباشر، وأنت بقمّة الأريحية.
– ما هي أدواتك للسيطرة على انفعالاتك أمام الكاميرا؟
تدارك الموقف.
الأخطاء المميتة يمكن أن تحصل في كل لحظة٬ بعضها يكون المقدم مسؤولا عنها، واخطاء أخرى تأتي تباعا لما يدور وراء الكواليس، وفي كلا الحالتين يكون وجه الشاشة مسؤولا عنها، ما يؤدي الى الانفعالات التي ذكرتها.
لذا على الرّاغب في تحمل هذا العبء أن يتحلى بحزمة من الأدوات لتدارك مثل هذه المواقف، لست أتحدث عن ترسانة أسلحة، ففي أحيان كثيرة تكون الابتسامة كفيلة لأن يغفر لك المشاهد فعلتك.
الثقة عامل أساسي وضروري، عليك بالثقة المطلقة لما تقول وتفعل وإلّا سيقوم المشاهد بصرفك من أمامه بلمح البصر، بنقرة زر إن صحّ التعبير.
– ماذا تمثل لك الأسرة؟ وهل يؤثر العمل بمجال الإعلام في الاستقرار والحياة الشخصية؟
الآسرة هي أهمّ شيء في هذا العالم، تأتي أولا، في مقدمة الأشياء وفي ختامها.
ليس سرا بأنّ العالم قام بخداعي ومراوغتي وإغوائي بعظمته وغرابته وعملقته واضواءه، حيث شعرت باستقلال الحياة الشخصية من جيل مبكّر نسبيا، وسطى عليّ طابع “النمردة” الذي لطالما وصفتني امي به حتى اللحظة… لكن اتضحت لي المسألة التي تغافلت عنها سهوا وقسرا، أنّ العائلة تأتي في مقدمة الأولويات، لأنهم يحبونك بصدق، بكل ما فيك من هراء وتفرّد ومميزات وأشياء كثيرة لا تطاق.
كما ولا يخفى بأنني شكلت خيبة أمل لوالدي اللذان أراداني طبيبة -لست متيقنة من اختفاء هذه الفكرة وزوالها من مخيلتهم بعد-، لكنّ عنادي كان كفيلا لحشدهم جمهوري الأول، الذي يرصد عن كثب كل ما أقوم به، فهما لا يفوّتان ثانية واحدة لي أظهر فيها على التلفاز.
طبيعة العمل في كوادر هذا الجهاز تخلّ بالتوازن، نظرا لأيام العمل المرهقة المستنزفة للوقت وللأعصاب، وفي بعض الحالات لا يمكنني تكهن موعد عودتي الى البيت، دائما هنالك مفاجئات وأشياء يجب تداركها، إضافة لعدم امكانية انفصالك الحقيقي والكليّ عن هذا العمل لأنّه شيء مستمر دون توقف.
كل هذا يخلّف “اللا-استقرار” بطبيعة الحال، لكن ذلك يروق لي نوعا ما.
– هل الشهرة في حياة المذيع صالحة أم تعجل باستهلاكه ويهمله المشاهد بسرعة؟
الاثنتين معا، وذلك يعتمد على الطريقة التي تكون مشهورا خلالها، جملة واحدة لها أن تلخّص ذلك: “أنت جيّد… بقدر قصتك القادمة”.
–ما هو شكل برنامج أحلامك؟
الحقيقة، ليست لدي بعد رؤيا واضحة.
– الحياة لكِ بكلمة… وماذا تعلّمتِ منها؟ –
الحياة خيال، علّمتني أني لا اعلم.
– اخيرا رسالتك للفتيات في الداخل الفلسطيني خاصة وفلسطين عامة عبر “انت لها”؟
الثقة، ثقي بنفسك.