المشهد الذي اعتاده الفلسطينون واللبنانيون كل 4 سنوات لم يتغيّر كثيرا من حيث الحماس والاندفاع في تشجيع الفرق المشاركة في المونديال. تُعلّق الأعلام في المقاهي والمطاعم وعلى السيارات وشرفات المنازل، ويتزين المشجعون بأزياء منتخبهم المفضل بانتظار مشاهدة مباريات كأس العالم في كرة القدم. والبدء بالتحليل والتخمين والافتراض ومناقشة أسباب الربح والخسارة عادة يتحلى بها المشجعون وتدخل في إطار جدي، وفكاهي أحياناً أخرى. واللافت هذا العام تزايد عدد المشجعات بشكل هائل، واللواتي بدأت تحليلاتهن تضاهي بحرفيتها تلك التي يطلقها الرجال.
لكن يبدو أن سمير هبر استفزه الأمر، ورأى انه من الافضل على الفتيات الابتعاد عن عالم كرة القدم والتشجيع، لأنه من غير المنطق ان تقوم فتاة لم تشاهد أية مباراة لكرة القدم إلا كل 4 سنوات مرة، بتفجير طاقتها التحليلية في المونديال. وتتخذ لها منتخباً مفضّلاً بحسب وسامة اللاعب، وتتابع المباراة من دون ثقافة رياضية. والأسوأ من ذلك عندما تبدأ بتحليل الركلات واللعب والأخطاء ومناقشة قرارات الحكام. وتوجّه هبر للفتيات المشجعات قائلا “مطرحكم مش هون، روحو شوفو شي تعملو ينفعنا”.
كما لم تسلم المشجعات النساء من الدعايات الترويجية التي تدور حول المونديال، اذ عكست بعضها عدم اهتمام وحماس المرأة في عالم كرة القدم وتركيزها لا يصب على مشاهدة المباراة. من هنا، أشارت سارة الى انها لا تفهم شيئا من متابعة المباراة الّا ان اندفاع زوجها ورفاقه لمشاهدة المباراة يلزمها الانضمام إليهم ومحاولة اتخاذ منتخب تشجعه. وتضطر للجلوس والتظاهر بفهم ما يحصل ومن يلعب ضد من والتمثيل بالحماس، خصوصا لأن رفيقاتها الموجودات ضليعات باللعبة ويفهمن بأدق تفاصيلها.
وفي الوقت الذي لا يزال فيه الرجل يستخف في قدرات المرأة الرياضية واستيعابها لهذه الألعاب لمعت أكثر من فتاة اعلاميا من حيث تغطية الأحداث الرياضية في لبنان، وأثبتن قدرتهن في مواكبة الأحداث الرياضية وفهمها والضلوع في آخر أخبارها أكثر من الرجل نفسه.
وهذا ما بدا واضحا على أكثر من محطة تلفزيونية محلية وفي أكثر من صحيفة أو وسيلة اعلامية، اذ طغى الطابع النسائي على الأجواء الرياضية في لبنان. وفي هذا الإطار، لفتت الصحفية الرياضية مابيل حبيب في حديث لـ”ليبانون ديبايت” الى ان هناك مشجعات لرياضة كرة القدم تضاهي بل تضاعف خبرتهن بالرياضة خبرة بعض الشبان.
وعلّقت على من يصف الفتيات بأنهن بعيدات عن جو الرياضة بشكل عام قائلة “ليست المرة الأولى التي أسمع فيها هذا الوصف، وهناك فعلا فتيات بعيدات عن هذا العالم، وربما يعتبرن مشاهدة المونديال مجرد نشاط ترفيهي، ويشجعن فريقاً من دون علمهن حتى بأسماء أفراد المنتخب أو النادي الذي ينتمي له كل لاعب”.
لكن حبيب التي عُرفت بهوسها منذ الصغر بالرياضة خصوصا كرة القدم لم تمتنع عن مشاهدة أي مباراة سواء كانت أندية أو غيرها من البطولات. وهي قادرة على تحليل الأخطاء وطريقة اللعب والمباراة كلها حتى انها امتهنت الصحافة الرياضية بسبب حماسها وخبرتها واطلاعها في هذا المجال. ولم تنكر ان هناك بعض الفتيات يستفززنها بسبب تعليقاتهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحماسهن لمنتخب لا يعرفن عنه شيئا، لكن ايضا هناك شباناً من هذا النوع.
ولاحظت خلال تغطيتها أجواء المونديال منذ بدايته ازدياد عدد المشجعات النساء. وأشارت الى انها فعلا تفاجأت بتفاعل وتعليق معظمهن بحرفية على كل مباراة، ما يعكس ضلوعهن فعلا بكرة القدم. وهذا ما لم يكن شائعا في الأعوام السابقة وحتى في تغطية الأحداث الرياضية إعلاميا، لم يكن للفتيات دور مثل حضورهن الراهن، بحسب حبيب.
وشددت على اهمية احترام رأي الآخر والتحلي بالروح الرياضية، وهي رغم خسارة منتخبها ألمانيا الذي تشجعه لا تزال تتابع كل المباريات وتبدي ذلك على أي شيء ضمن يومياتها.“ليبانون ديبايت”