وُلدت مادلين مُصابةً بمتلازمة داون، لكن بمساعدة والدتها ودعمها، إلى جانب شغفها الحقيقي بالموضة والأزياء.
أبحرت مادلين بعيداً لتتبع حلمها في أن تصبح عارضة أزياء محترفة وتسير على منصات العرض الرئيسية في عالم الموضة.
وفي حين قد يرى شخصٌ ما أنَّ كونه مولوداً بإعاقة يعني افتقاده مؤهلات مزاولة عددٍ كبير من المهن.
فمادلين وأمها روزان ستيورات اعتبرتا الإعاقة شيئاً يميزها بشكلٍ فريد على الآخرين الذين يسعون لتحقيق الحلم ذاته.
وفي حالة مادلين، كان الأمر أكثر من ذلك، فبالنسبة إليها، كونها مولودة بمتلازمة داون لم يكن الشيء الذي يجعلها فقط تتميز على أقرانها.
لكنَّه سيوفر أيضاً فرصةً فريدةً من نوعها للمساعدة في تحسين تصوُّر المجتمع المُشوه عمن وُلدوا بإعاقاتٍ مثل مادلين.
قصتها بدأت بفضل والدتها
حين أخبرت مادلين والدتها برغبتها في أن تصبح عارضة أزياء، بدلاً من أن تُحبطها بقولها لـ vergecampus «آسفة، ذلك لن يحدث أبداً، فهو شيءٌ غير معقول!»، أجابتها أمها قائلةً: «سيتطلَّب الأمر الكثير من العمل الدؤوب والتفاني، لكن في حال كنتِ مستعدةً للالتزام بالأمر، فسأدعمكِ كلياً».
بعد أن أخبرت مادلين والدتها بأنَّها ترغب في أن تكون عارضة، أجابتها: «أياً كان ما تريد مادلين أن تفعله، سأحاول تحقيقه.
هذه شخصيتي، هذا ما أنا عليه».
وتابعت: «بوصفك أُمّاً، حين يخبرك طفلك المعاق، أو أي طفلٍ على الإطلاق، برغبته في أن يصبح شيئاً ما، فأنت لا تقدم لهم إجابةً سلبيةً أو شيئاً قد يبدو لهم سلبياً».
الخطوة الأولى.. إنقاص الوزن
بدأت مغامرة مادلين برمتها حينما عكفت على إنقاص وزنها لكي تحظى بصحةٍ جيدة وقدرةٍ على الاستمرار في استكمال شغفها بالرقص، بينما تُطارد حلمها بأن تُصبح عارضة.
ونظراً إلى أنَّ معظم المصابين بمتلازمة داون أحياناً يلاقون صعوبةً مع زيادة وزنهم، فلا يمكن أن يرقى أي استعدادٍ فطري إلى الدافع الشجاع للنجاح الذي كان يسري في عروق مادلين.
بعد أداء التمارين الرياضية واتباع نظام غذائي صحي، خضعت مادلين لعملية تحوِّلٍ كاملة بفقدان 20 كيلوغراماً من وزنها.
وبمجرد نشر الصور الموضحة لما قبل فقدان وزنها وبعده على الشبكات الاجتماعية، انتشرت قصتها انتشاراً واسعاً.
وفي غضون بضعة أيامٍ، حقَّقت الصورة الموضِّحة للتحوُّل في وزنها، أكثر من 6.8 مليون مشاهدة.
في حين زاد وجود مادلين على الشبكات الاجتماعية بأكثر من 100 ألف متابع. ويرجع إلى تلك الصورة الفضل في بدء حياة مادلين المهنية.
وبعدها بدأت تنهال العروض عليها
لم يمر وقتٌ طويل قبل أن يرن هاتف مادلين من دون توقُّف، لتحصل فوراً على عروضٍ مُقدَّمة من 3 شركات لتصبح عارضة. وخلال الأسابيع القليلة المقبلة، حققت مادلين قفزة مهنية إلى الأمام بعد أن تلقَّت مكالمةً هاتفية أخرى تجاوباً مع صورتها المنتشرة.
وقالت أمها: «في الوقت نفسه تقريباً، تلقينا مكالمةً هاتفية لجعل مادلين عارضةً في أسبوع نيويورك للموضة، كان هذا أمراً جللاً!»، وفي غضون أسابيع قليلة من إطلاع العالم على عملها الجاد والتزامها بأن تصبح شخصاً أكثر صحة.
انطلقت مادلين سريعاً نحو عالم الأزياء من خلال تلقيها عرضاً للمشاركة في أسبوع الموضة بنيويورك. وهناك بدأت مهنة مادلين في مجال الأزياء فعلياً.
في أسبوع الموضة بنيويورك، التقت مادلين مصمم الأزياء الجنوب إفريقي هندريك فيميولن، الذي لم يُصمم أزياء مادلين التي ارتدتها في العرض فقط؛ بل أصبح أيضاً مصمم الأزياء المفضل والمثال الحي وراء رغبة مادلين في أن تصبح عارضة.
الجزء المفضل من كل ما تقوم به
حين تسأل أي عارضة أزياء صاعدة عما انتابها من شعورٍ حين دُعِيَت إلى منصة العرض في أسبوع الموضة، ستتحدث أغلبهن عن التقدير، أو الروعة، أو المكانة، أو ربما حتى عن الشعور بأنَّهن مُعترفٌ بهن رسمياً كعارضات في عالم الأزياء.
لكن حين سئلت مادلين عن شعورها حيال كونها أول نموذج لعارضة محترفة في عالم الأزياء مُصابة بمتلازمة داون.
جاء ردها كالآتي: «عندما أسمع شيئاً من هذا القبيل (النموذج الأول لعارضة محترفة مصابة بمتلازمة داون)، دائماً ما أربط الأمر بالجزء المُفضَّل لديّ حول عروض الأزياء كلها. إنَّه الناس».
استكملت مادلين حديثها عن أسبوع الموضة، وكيف اعتُرف بها كعارضة محترفة في هذا الوسط.
وأضافت: «حين شاركت للمرة الأولى في أسبوع الموضة بنيويورك، التقيت هندريك فيميولن، مصمم الأزياء الجنوب إفريقي.
أشياء مثل مقابلة هندريك هي كل ما أفكر فيه حين يسألني الناس عن شعوري حيال كوني أول عارضة محترفة.
أحب فقط مقابلة أشخاص جُدد وممتعين مثل هندريك، في أثناء مشاركتي الأولى في أسبوع نيويورك للموضة».
لذا بالنسبة إلى مادلين ستيوارت، فالسبب الرئيسي وراء كونها شغوفة بشدة بعروض الأزياء هو الأشخاص الذين تلتقيهم وتتواصل معهم خلال مسيرتها.
هذا الجزء من شغف مادلين المتفاني بالأزياء والموضة لا يؤثر بأي حالٍ في نجاح حياتها المهنية.
وفي الواقع، الأمر معكوسٌ تماماً.
لا تُعد مادلين فقط النموذج الأول لعارضة أزياءٍ محترفة مصابة بمتلازمة داون.
لكنَّها شاركت أيضاً في عروضٍ كأسبوع الموضة بنيويورك، وعروض Art Hearts، وعروض Style Fashion Week، وعروض Melange، وعرض أزياء قزوين، وعرض الأزياء في دبي، وأسبوع Mercedes Benz للأزياء في الصين، ومهرجان Sunshine Coast للموضة.
كما تحدثت عنها مجلات وصحف رائدة مثل مجلة Vogue، ومجلة Cosmopolitan الأميركية، ومجلة Woman’s Day، ومجلة Women’s Weekly، وصحيفة New York Times الأميركية، ومجلتي Elle وMarie Claire الفرنستين العالميتين، ومجلة People الأسبوعية الأميركية، على سبيل المثال لا الحصر.
وفي حين تستمر مادلين في كونها واحدةً من أنجح النماذج بمجال الأزياء.
فكل قصة تُكتب ويجري مشاركتها عن مادلين ستيوارت تصل إلى عشرة أضعاف عدد الناس المتأثرين بالإلهام المصاحب لمسيرتها.
وهي أول وأجمل عارضة أزياء مصابة بداون لشركة مستحضرات تجميل
على الرغم من حقيقة أنَّ مادلين ربما لا تشير إلى نفسها بهذه الصفة، فلا خلاف على أنَّها أصبحت رائدةً في مجالها.
وإلى جانب خرق الحدود المجتمعية لما هو متوقعٌ من شخصٍ ما ليصبح عارضاً محترفاً (أو أي مجالٍ آخر)، تواصل مادلين التميز والوصول لما هو أبعد من المسموح به.
تُعد مادلين أيضاً أول عارضة محترفة مصابة بمتلازمة داون تصبح وجهاً لشركة مستحضرات تجميل.
فضلاً عن امتلاكها خط إنتاج حقائب يد من تصميمها يحمل اسم «The Madeline».
وهي أيضاً أول عارضة أزياء من ذوي الإعاقة تسير على منصة عرض أزياء كبيرة في باريس.
وعرض أزياء مهم بدبي، إلى جانب المشاركة في عرضٍ ضخم بالصين.
كل هذا النجاح لا يُعيد فقط تحديد ما يمكن أن يحققه شخصٌ وُلد بإعاقة في حال عزم أمره؛ بل يمنح الإيمان والثقة لكل أولئك الذين يكافحون من أجل اكتشاف الحافز لرؤية ما وراء العقبات التي تبدو غير محتملة وتعرقل رؤية أهدافهم.
سافرت إلى أوغندا للتوعية بمرض التوحد
لا يتوقف تأثير قصة مادلين الملهمة عند هذا الحد؛ ففي أثناء رحلتها إلى أوغندا، كانت قصتها قد أحدثت أثراً هائلاً في ذلك المجتمع خلال الأيام العشرة التي أمضتها هناك.
أوغندا هي المكان الذي لا يزال يُقتل فيه الأطفال ببساطة لكونهم وُلدوا بإعاقاتٍ مثل متلازمة داون أو التوحد! وإبان رحلتها إلى أوغندا.
ظهرت مادلين على شاشة التلفاز لتشارك قصتها مع المجتمع المحلي، إلى جانب المشاركة في مناقشات مجموعات الدعم والمدارس مع مؤسسة EmbraceKulture (التي كانت مفوِّض مادلين في رحلتها).
بعد كل هذه الأشياء، بالإضافة إلى مقابلة تلفزيونية، بلغ التأثير نحو 50 عائلة ممن لديهم طفلٌ معاق لمنحهم الشجاعة للخروج من مخابئهم. العديد من تلك العائلات عاشت مختبئةً طيلة حياتها، في خوفٍ من أن تتسبَّب إعاقة أطفالهم في الخروج عن المألوف؛ بل واحتمالية مقتلهم.
ورؤية قصة مادلين على شاشة التلفاز منحت تلك العائلات ما كانوا يحتاجونه للعيش على مرأى ومسمع من الجميع، من دون التخوف من أنَّ الناس ستفشل في إدراك الأرواح المذهلة لأطفالهم ذوي الإعاقة.