بطلة من بطلات مستشفى البشير
(لكي لا ننسى ابطالنا المجهولين) .
_______
بقلم هيا كلداني
“الممرضة مزهر حجازين — وردةٌ كركية’ٌ لا تذبل.
في أحِد أيّام شتاِء عماَن القارسِ٬ كانِت الفتاُة المزيونة/ مزهر عودة الحجازين متواجدًة في سكنِها المشَترِك مَع
زميلاتٍ لها في منطقِة أبو نصير٬ فقد انتقلْت بسبِب طبيعِة عملِها كممرّضٍة في مستشفى البشير من قريتِها/
السماكية محافظة كرك الأبطال إلى عّمان.
لا شّك أن كثيرين من الأردنيين ما زالوا يتذكّروَن شتاَء ٬۱۹۹۲ فقد كان موسماً استثنائيّاً بكِّل المقاييس٬ شتاء منَح
ذلك العاَم اسَم “سنة السبع ثلجات”.
وفي ظّل حالِة شبِه الّشلِل الذي ضرَب مفاصَل الحياِة في معظِم مناطقِ الممكلة٬ كانْت مزهر في بيتِها حين سِمعْت
ضجيجاً مفاجئاً وُصراخاً من البيِت المجاور. (فزّت) مزهر على الفوِر من مكانِها في بيتِها الدافِئ وتوّجهْت إلى مصدِر
الصّراخ. ومع كِّلُخطوٍة أخَذْتها بهلعٍ٬ ازداَد يقيُنها أنّهم أطفاٌل يستغيثون من ألِسـنِة نيراٍن بدْت كوحشٍ لاُيخَترق.
أدركْت مزهر أّن الأطفاَل على بعِد دقائَق وربّما ثواٍن من الموتِ الُمحّقق.. الدفاُع المدنّي لم يصْل بعُد٬ الأصواُت
والصرخاُت تتعالى٬ الدخاُن يملأ الدنيا٬ والقلوُب بلغِت الحناجَر مع امتلاِء الفضاِء فيُبكاِء وصراخِ الأطفاِل بأْن يهطَل المطُر
الآَن وهنا ليطفئ هذه المأساَة..
لم تسمْع مزهر تلك الكركيُّة الأبيّة سوى بقايا أنفاسٍ تستجدي الحياة.
يا إلهي! كيف لهذه النيراِن أن تأتي على كِّل شيء بهذه السرعِة المتوّحشة؟ كيف لهذا الأبيضِ الجميِل أن يغدَو نيراناً
وأن يصبَح ضباُبُه الندّي دخاناً؟ وفي خضِّم ذلك كلّه٬ لم تأبْه مزهر لَِهْول المنظِر. هي لا تعرف هذا البيَت ولا من فيه. ما
سِمَعْته فقط هو صراُخ الأطفاِل وصوُت ضميِرها٬ فركضْت نحو النيراِن ثّم غابْت وسطَ الّدخان. ازداد المشهُد حيرًة ووجعاً
مع اختفائها ولكنّها طلّْت بعَد دقائَق وبيِدها أحُد الأطفال. لم يَثنِها ألَُمها ولا أنفاُسها المتقطّعة ولا تعُبها عن معاودِة غزِو
النيران لإنقاذ الطّفِل الثاني.
وبكل بسالة٬ أخرَجْته ثّم عاودتِ الكَّرة مرًّة ثالثة لترى من بقي في الداخل٬ لكّن النيراَن ازدادْت ضراوًة والدخاَن كثافًة٬
َفَضلّْت طريَقها إلى الباب وأغِمي عليها بعد أن ناَل منها الدخاُن الأسَوُد اللعين. وعندما وصَل رجاُل الّدفاعِ المدنّي٬
أخرجوا مزهر ولكن بعَد أن افترسِت النيراُن والدخاُن جسَدها.
نجا الأطفاُل من موتٍ محتٍّم لكّن المزيونة البطلة/ مزهر عودة حجازين لفظْت أنفاَسها الأخيرَة في ۱٥ شباط ۱۹۹۲
بعَد قرابِة شهٍر من الحادثِة متأثّرًة بحروقِها الخطيرة.
وفي مشهٍد أعلَن الشتاُء حداَدُه فيه وانتحَب كثيراً كثيراً٬ ودّعْت مزهر أحباَءها تاركًة وراَءها دموَع حزٍن لكّل من عرَفها
وسمَع بها٬ ودموَع فخٍر لهم ولنا.
مزهر حجازين٬ أيّتها اليافعُة البطلة٬ أيّتها النشميُّة النديّة٬ لروحِك الجميلِة السلام.. ”
#هيا_كلداني
الفلسطينية مريم بشارات تكتب التاريخ وتفوز بالميدالية الذهبية
مريم بشارات تتقلد ذهبية بطولة العالم للكاراتيه في فينيسيا القدس – إعلام اللجنة الأولمبية: صنعت نجمة الكاراتيه الفلسطينية مريم بشارات،...