بترا- تضطرُ “يُسرى الدويك” المنهكةُ تعبًا، بعدَ عملِ 8 ساعاتٍ في محطةِ وقودٍ، إلى مراوغةِ سيلِ السَّياراتِ المتدفقِ على دوارِ المدينةِ الرَّياضيةِ، لتتعاقبَ قبلَ أيامٍ سيارتانِ على دهسِها في منطقةٍ تخلو من كاميراتِ مراقبةٍ، حَسَبَ مصادرَ متطابقة.
لم تتوقفْ السيارتانِ اللتانِ دهستا “يسرى”، التي اصيبت بخمسةِ كسور وشعرين، ما يعني أنَّ الأسرةَ التي تضمُ خمسةَ أبناءٍ باتت مهددةً في لقمةِ عيشِها، وتواجُه فاتورةَ علاجٍ في مستشفى الأمير حمزة، لا تطاقُ بالنسبةِ لامرأة لا تتمتعُ بالجنسية الاردنية على الرغم من أن زوجَها الذي تركها وأبناءها يحملونَ الجنسية.
أُسعفتْ الدويك إلى المستشفى، حيثُ تبينَ وجودُ خمسةِ كسورٍ في العمودِ الفقري، وشعرين في القدمِ اليسرى.
مواطنٌ كان شاهدَ عيانٍ لحظةَ وقوع حادث “يسرى”، قال إنه يعملُ في أحد المقاهي القريبة من دوار المدينةِ الرِّياضيةِ، موضحا
أن مركبتين دهستا الضحية ولم تتوقفا. وأضاف أن أحدا لم يُسجل أرقامَ لوحات السيارتين اللتين دهستا الدويك. الدويك أبلغت وكالةَ الأنباءِ الأردنية، إنها مواطنةٌ فلسطينية من غزة، وتعيشُ مع أطفالِها بعدَ أن تركها زوجها الأردني، وهي تعيلُ أطفالها الخمسة، مشيرة الى انَّ هذه المسؤولية راكمت عليها الأجرةَ الشهرية للبيت فقررتْ أن تلجأ الى بيت والديها لتعيش معهم من جديد.
وأضافت “قررتْ العملَ في محطةٍ للمحروقات في شارع الجامعة، واعمل منذ الصباح حتى المساء، واركب يوميا من مكان عملي الى دوار المدينة الرياضية، حيث استقلُ حافلةً أخرى الى دوارِ المشاغلِ في منطقةِ طبربور، وتكمل بقية المسافة مشيًا. واوضحت أنها طلبت من سائق الحافلة أن ينزلها قبل جسر المشاة إلا أنه رفض بحجة وجود شرطة سير والوقوف ممنوع، فتوقف بعيدا، وتضيف “ولاني كنت متعبة جدا لم استطع العودة الى الجسر، فقررت أن اقطع الشارع الى الاتجاه المقابل، فدهستني السيارة الأولى وسحبتني الثانية مسافة ثم بقيت ممدة على الشارع فاقدة الوعي”.
مشكلةٌ مضاعفةٌ، فلا قدرة لديها على دفعٍ تكلفةِ العلاج في المستشفى، خصوصًا وأن إصابتها بليغة، قد لا تستطيع معها العودة الى العمل، فضلا عن تأمينها الصِّحي في العمل لا يغطي حادث سير. تعتقد المرأة الغزية المنكوبة، أن هرب السائقين، تعبير عن مأزق اخلاقي عام، لافتة الى ان ما حدث معها يحدث كثيرا وهو مؤشر على فقدان للمسؤولية والرحمة في المجتمع. في مكان الحادث رصد مندوب “بترا” عدم وجود كاميرات مراقبة قد تقود الى الجناة، اما “الدويك” فتطلق نداء لجهاز الامن العام لضبط المتسببين، ما سيخفف من ألمها وجبر كسورها، خصوصًا أن إصابتها بليغة ومعها قد تحصل على تأمين يعيد لها الأمل في الوقوف والسير من جديد خدمة لأطفالها الخمسة. المتحدثُ باسم جهاز الامن العام الرائد عامر السرطاوي، قال إن الهروب من مكان الحادث أمر لا إنساني ولا أخلاقي ولا قانوني، اذ يمكن للمتسبب أن ينقذ حياة الضحية من الموت لو توقف وطلب الاسعاف. وقال ان الهروب من مكان الحادث يحمِّل الفاعل جريميتن، الأولى حادث الدهس، والاخرى الهروب من مكانه.
“كل من لاذ بالفرار تم القبض عليه، عاجلا أم آجلا” يضيف السرطاوي، مؤكدأ أن مثل هذه القضايا لا تعسر مع الامن العام مع توفر الأساليب التكنولوجية الحديثة والحِرفية العالية التي يمتاز بها كل فريق يحقق بمثل هذه القضايا. تقرير إدارة السير المركزية للعام 2017 يشير إلى وقوع أكثر من 150 ألف حادث مروري؛ منها 10446 حادث إصابات بشرية نتج عنها 685 وفاة وإصابة 1495 شخصا بإصابات بليغة، و14751 شخصا بإصابات بسيطة وبتكلفة مالية تقدر بـــ 308 ملايين دينار. ووقع خلال العام الماضي 3633 حادث دهس، نتج عنها 192 وفاة و 396 إصابة بليغة مثل الإصابة التي تعرضت لها يسرى وفق الإحصاءات الرسمية لمديرية الامن العام.