كنت أجلس مع والدي وأحادثه بالطريقة التي اعتدت أن أحادثه بها دومًا، أتابع حركة أنامله فأرد عليه بأناملي دون النطق بأي كلمة فهو أصم أبكم، أمر أثار غرابة إحدى صديقاتي التي رأتني صدفة فاقتربت مني وسألتني “ألا تخجلي من كون والدك من الصم والبكم!!”.
الموقف السابق ترويه الفتاة المقدسية مريم أبو رموز “17 عامًا” باعتباره السبب الأول لتنفيذها مشروعها “الأنامل المتحركة”، ليكون هو الرد على صديقتها وعلى مجتمع ينظر إلى والديها نظرة متدنية عانا فيه من التهميش المستمر دون النظر إلى قدراتهما ومهاراتهما. مؤكدة: “نظرة الناس لهم جعلتني أدافع من أجلهم”.
مشروع الأنامل المتحركة الخاص بمريم، تقوم من خلاله بتعليم لغة الإشارة لكل من حولها، قائلة: “رسالتي هي تغيير نظرة الناس والمجتمع للصم والبكم، فهم ليسوا عائقًا علينا بل نحن عائق عليهم عندما نقف أمامهم”.
وأضافت أن كل ما ينقص الشخص الأصم هو الصوت، فلو استطعنا إيصال الصوت من خلال الإشارات لن يجدوا مشكلة بالتواصل مع غيرهم وستكون لهم الفرصة بالدراسة والإبداع ليحققوا جميع أحلامهم كأي شخص في العالم.
تعلمت مريم لغة الإشارة منذ الصغر من والدتها، حتى بدأت جدتها بتلقينها الحروف والكلمات عندما بلغت الأربع سنوات من عمرها فهي لا تعاني من أي مشاكل في السمع والنطق، لكنها بعد أن لامست صعوبة تواصل أهلها مع الناس، قررت تعلم لغة الإشارة بمستويات متقدمة وبلغات مختلفة من خلال دورات في مراكز خاصة وبمرافقة أساتذة متخصصين.
وبحسب أبو رموز، فإن تعلم لغة الإشارة يعتمد على أساليب مختلفة، منها ملامح الوجه والشفاه وحركة الأيدي والجسم”، معبرة عن سهولة تعلمها بقولها “لغة الاشارة من السهل تعلُمها وإتقانها لكنها تحتاج للممارسة والرغبة والايمان بأهمية هذه اللغة لتسهيل حياة الصم والبكم “.
وأخذت مريم على عاتقها تعليم لغة الإشارة لكل من حولها وباستخدام أساليب مختلفة من خلال مشروعها “الأنامل المتحركة”، رغبة منها في أن تزيل “حواجز الصمت” وتثبت للعالم أن التواصل مع الصم والبكم ليس بالأمر الصعب.
وعبرت مريم عن سعادتها بنجاح مشروعها الذي لامست من خلاله افتخار أهلها بها ودعمهم المستمر لها، كما آراء متابعينها عبر مواقع التوصل الإجتماعي من مختلف أنحاء العالم وإيمانهم بفكرة مشروعها واقتناعهم به، بالإضافة إلى شعورها بالإنجاز عندما قال لها أحد الأشخاص من ذوي الصم والبكم: “مريم أنتِ أملنا، نحن فهمنا الأغاني والأخبار والقصص منك”.
ووفقًا لمريم، فإن حلمها بهذا المشروع هو أن تصبح لغة الإشارة لغة رسمية كغيرها من لغات العالم وتُعلّم في المدارس والجامعات كمساق رئيسي، بالإضافة إلى دعوتها لاستكمال تعليم الصم والبكم.
ولعل كلمة مديرة إحدى مدارس الصم والبكم في مدينة رام الله، كانت بصيص أمل لمريم بتحقيق حلمها عندما أخبرتها أن مشروعها كان سببًا لفتح صفوف الحادي عشر والثانوية العامة لطلاب الصم والبكم في المدرسة بعد سماعهم لحديثها عبر إحدى المحطات التلفزيونية وتأثرهم به.
وتطمح مريم أن تدرس الصحافة والإعلام وإدخال لغة الإشارة بمجال الإعلام بشكلٍ أكبر، من خلال ترجمة الأخبار والمواد الإعلامية إلى لغة الإشارة، فمن حق الصم والبكم متابعة أحداث البلاد والعالم كغيرهم لتختم حديثها بقولها “معاً لنضع بصمة ونصنع بسمة”
المصدر:شبكة قدس الإخبارية