أوصت المشتركات والمشتركون من مؤسسات نسوية وأهلية وأكاديمية في جلسة متخصصة حول أثر الفساد على النساء عقدها الائتلاف من أجل النزاهة والشفافية- أمان في غزة بضرورة إخراط النساء في برامج التثقيف والتوعية لمكافحة كافة أشكال الفساد، واستهدافهن كفئة متضررة من الفساد بشكل مباشر، والعمل على تعزيز حرية الإعلام والحق في الوصول على المعلومات الذي يعتبر لبنة أساسية لتكريس النزاهة والشفافية والوصول الى المعلومة من مصدرها الرئيس، إضافة الى تطوير دليل لكافة المؤسسات الأهلية النسوية للحد من الفساد، يتضمن معايير ومؤشرات للشفافية والمساءلة، وأنظمة رقابة داخلية فاعلة لمحاربة الفساد.
وقد تم عرض ثلاث أوراق بحثية خلال الجلسة، تناولت الورقة الأولى منها: “أثر الفساد على المرأة الفلسطينية ودورها في مكافحته”، سيما وأن النساء هن الأكثر تأثرا بالفساد، خاصة في مجالات تقديم الخدمات العامة، كونهن يشكلن النسبة الأكبر من الفقراء، ويتحملن مسؤولية رعاية الأسرة، وطلب الخدمات من صحة وتعليم ومساعدات اجتماعية وبنية تحتية، إذ تعاني المرأة الفلسطينية من الفساد أكثر من الرجل حيث يحد الفساد من فرصها وحضورها ومشاركتها في مراكز صنع القرار، ومن ممارستها لحقوقها الاجتماعية والسياسية.
كما وأن إقصاء النساء عن المناصب السياسية أو استغلالهن لممارسة الفساد، أدى إلى تقليص دورهنّ في فرص تعديل وتنفيذ السياسات اللازمة لمكافحة الفساد، فحسب البيان الذي أطلقهالجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عشية يوم المرأة لهذه السنة، يشير الى أن مشاركة النساء في الحياة العامة لا تزال محدودة مقارنة بالرجال. فعلى صعيد المشاركة في القطاع العام المدني، بلغت نسبة تقلد النساء في درجة مدير عام فأعلى 12% مقابل 88% للرجال لنفس الفئة. كما ويستمر خضوع المرأة للضغوطات من قبل المتنفذين للسيطرة عن حالات الفساد وعدم التبليغ، إضافة لقلة الوعي والدعم الاجتماعي لضحايا الفساد والخوف الدائم من الانتقام.
ودعت الجلسة إلى تحديد آليات عمل فاعلة ونشر ثقافة مكافحة الفساد، التي يؤثر على نوعية الخدمة التي تقدم للنساء، وإعداد دليل مصور لآليات التبليغ لإشراك النساء من كافة الفئات لتتناسب مع المستوى العمري والتعليمي والاجتماعي، وإدماج الشباب والشابات في برامج مكافحة الفساد حماية للأجيال القادمة.
وقد تمحورت الورقة الثانية حول “دور الإعلاميات الفلسطينيات في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد”، حيث تم الإشارة فيها إلى دراسة للبنك الدولي، تؤكد أن زيادة مشاركة النساء في مواقع صنع القرار والمراكز القيادية يؤدي إلى انخفاض معدل الفساد بمعدل 10% والى تراجع مقدار الرشوة والمحسوبيات، والتخفيف من قبول الهدايا، وترسيخ قيم النزاهة الوطنية في أذهات المواطنين.
وأكدت الورقة البحثية في مضمونها أن وسائل الإعلام الجديدةشكلت بالنسبة للإعلاميات على وجه الخصوص منبراً ثورياً ضد قمع الحريات والقهر والكبت، وبديلاً لوسائل الإعلام الرسمية التي ساهمت في تزييف الحقائق وتمرير الفساد، ومارست حجب المعلومات الأكثر أهمية والأكثر صدقاً سلباً وإيجاباً لدى الأطراف المختلفة الحكومية والحزبية.
وأوصت الجلسة بضرورة تفعيل دور الإعلاميات في نقابة الصحافيين أيضا كأساس لتفعيل دور المرأة في الصحافة، والتطرق للقضايا الخاصة بها في هذا المجال، والحث على نشر التقارير الحكومية في الوسائل الإعلامية بشكل دوري لفضح أشكال الفساد وممارساته، بالإضافة إلى التدابير القانونية المتخذة ضد الجناة، وتنسيق السياسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية لمكافحة الفساد.
أما ورقة العمل الثالثة، فتجلت حول “دور المؤسسات الأهلية النسوية في مواجهة الفساد”، تناولت تساؤلا حول تأخر تبني المؤسسات الأهلية الفلسطينية وحتى المنظمات النسوية العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة لبرامج تتعلق بالفساد، ما يشير الى عدم إدراكها لمفهوم الفساد، وتأخر محاولات تطوير “تعريف نسوي” للفساد وأشكاله، أو إدراك دلالاته التي ترتبط بالنوع الاجتماعي.
وأوصت الجلسة بضرورة إجراء دراسة مسحية شاملة حول دور المؤسسات الأهلية النسوية في مكافحة الفساد، سواء على المستوى الوطني العام، أو فيما يتعلق بأشكال الفساد التي تتعرض لها النساء، ودراسات علمية معمقة لمفهوم الفساد وأشكاله الأكثر تأثيرا على النساء، باتجاه بلورة تعريف ورؤية نسوية للفساد، وعقد مؤتمر تعد له وتشارك فيه كل المؤسسات الأهلية النسوية، بهدف صياغة سياسات عامة ومشتركة للمؤسسات النسوية لمكافحة الفساد.