فوبيا إزاء المستقبل أو الخوف من المستقبل، هو مصدر للقلق، سواء كان ذلك على الصعيد الفردي والشخصي على المدى القصير أو على مستوى البشرية جمعاء على المدى الطويل، فإنّ عدم معرفة المستقبل يولد التوتر والإجهاد أيضًا.
ما هي الحلول للتوقف عن الخوف؟ إليك بعض النصائح:
1- تقبّل عدم القدرة على التوقع والتنبؤ
لدينا الوعي إزاء المستقبل، ومع ذلك نحن غير قادرين على مواجهة الغموض الذي يحيط به ويمثله. وحيث إنّ الدماغ البشري يكره الفراغ، فإنه يبحث دائمًا عن وسائل لملء هذا الفراغ.
وبناءً عليه، فإنَّ إدراكنا ووعينا لهذه الحقيقة هي الخطوة الأولى نحو التقبل. أن نتقبل عدم القدرة على توقّع المستقبل يسمح لنا بهذا المنظور. وحالما نتقبل ذلك فلا يصبح من الضروري الصراع والنضال مع رغبتنا في السيطرة، والأخذ بعين الاعتبار التوقعات الكارثية التي يمكن أن تحدث. وتبقى الحقيقة هي أننا لا نعرف ولا أحد يستطيع أن يعرف.
فإذا تمكنت من التخلي عن هذه الرغبة للسيطرة، فمن شأن ذلك يسمح لك العيش في حالة من الرفاه والعافية على الفور، لأنه يخفف التوترات الناجمة عن الفجوة بين معتقداتنا حول السلطة الزائفة والواقع الفعلي.
2- تحديد ما نريد بالضبط
دماغنا البشري يكره الفراغ، لذا سيكون أمرًا مثيرًا للاهتمام لو أننا ساعدنا على ملئه بالأشياء الإيجابية، وثمة الكثير لنفعله!
إذا حددنا ماذا نريد حقيقة، ووضعنا بدقة التفاصيل الحسية المتعلقة بذلك (ماذا نرى، ماذا نسمع، ماذا نشعر)، فإنّ دماغنا سوف يتعرف ويألف المستقبل الذي يناسبنا، وهكذا يصبح المكان الفارغ مشغولًا ومملؤًا وليس هناك مكان للأفكار السلبية لكي تسكن فيه. وإذا ظهرت بقعة مظلمة للقلق، علينا فقط أن نتخيل ما نريده بدلًا من ذلك. فلدينا القدرة على اختيار أفكارنا مثلما نختار ملابسنا التي سوف نلبسها كل صباح، ومن المؤسف أن نحرم أنفسنا من ذلك.
لذا من المهم للغاية أن نختار الصور الجيدة، وأن نغذي أدمغتنا بالأشياء الإيجابية.
عندما نضع ذلك بعين الاعتبار فسوف ندرك أيضًا أنّ من الأفضل التأمل في الطبيعة بدلًا من مشاهدة الأخبار البائسة على التلفزيون، أو متابعة فيلم زومبي المخيف. فعقلنا اللاواعي يعطينا حقيقة الصور التي نغذيه بها.
3- إعادة الاتصال مع الذات
على الأرجح أنّ العودة إلى اللحظة الحاضرة مع الذات، هي طريقة فعّالة للغاية للتخلص من الأفكار السلبية. ولأجل ذلك يكفي التركيز على الأحساسيس والمشاعر الجسدية:
– ما الذي نشعر به عندما نفكر في جميع هذه الأشياء المرعبة التي يمكن أن تحدث؟
– ما هي الأحاسيس غير المرغوبة؟ وأين موقعها بالضبط؟ نترك عالم الأفكار للعودة إلى الجسد، نعود إلى الآن واللحظة الراهنة، فالمستقبل غير قائم والماضي لم يعد موجودًا، فقط الحاضر هو الذي يهم ونحسب له الحساب.
– وسيكون من المثير للاهتمام أن نركز على ما نشعر به كما لو كنت تريد أن تصفه بأكبر دقة ممكنة، كما لو أنك تشرح لشخص آخر التجربة التي تمر بها. بإمكانكِ محاولة تجربة تمارين الاتصال مع عواطفكِ الداخلية وهذه تمارين بسيطة وفعّالة لإعادة الاتصال مع الذات. وبامتلاك الشجاعة لمواجهة هذه المشاعر غير اللطيفة وعيشها بالكامل سوف تدرك سريعًا أمرين مهمّين:
• الآثار محدودة ونحن لا نخاطر بأيّ شيء عندما نعيشها؛
• تتبدد هذه الآثار عندما نأخذها بعين الاعتبار ونقبلها تمامًا.
4- اتخاذ إجراء للاستعداد
بالنسبة لكل شيء يعتمد علينا يوجد لدينا الخيار دائمًا بأن نعيش مع الخوف ممّا سيحدث، والاستعداد بشكل أفضل لكي يسير كل شيء نحو الأفضل. وقد يبدو ذلك واضحًا، ومع ذلك قد لا يكون الأمر بسيطًا دائمًا بأن ندرك أنّ أفعالنا الحاضرة قد يكون لها تأثير على مستقبلنا.
في كل حالة تسبب لنا القلق يمكن أن نسأل أنفسنا:
ما الذي استطيع أن أفعله لكي أؤثر بشكل إيجابي على ما أتمنى أن يحدث، بدلًا من التفكير السلبي؟
فإذا كان الجواب على هذا السؤال هو “لا أعرف” فإنّ السؤال التالي سيكون:
من يمكن أن تكون لديه الإجابة على هذا السؤال؟
كلما كان الشخص مستعدًّا أكثر، أصبح أكثر هدوءًا وسكينة من أجل مواجهة ما سوف يحدث. وهذا الموقف الإيجابي والفعّال يعزز الثقة بالنفس.
5- نتخيل الأسوأ لكي لا نخاف من المستقبل
قد يكون هذا التمرين متناقضًا. نعم إنه كذلك، ومع ذلك عندما لا ينجح أيّ شيء، واحترمنا الوصفة تمامًا فقد تكون فعالة جدًّا.
يتمحور الأمر حول تخيّل الأسوأ. وفي كل مرة تشعر خلالها بالقلق حول المستقبل، ضع نفسك في الموقف وتخيّل الأسوأ الذي يمكن أن يحدث ولمدة 20 دقيقة. نفكر في كل شيء خطير يمكن أن يحدث، نتخيل التفاصيل الأسوأ، ونستمر في ذلك حتى تنتهي مدة 20 دقيقة، حتى لو كان لدينا الانطباع أننا تخيلنا فعلًا أسوأ الأسوأ وحتى لو كان خيالنا قصيرًا.
من شأن التركيز على هذا المخاوف لهذه الفترة محددة من الوقت، أن يعمل على تشتيت طبيعتها غير السارة وغير المرغوبة. وإضافة إلى ذلك، فإننا نشبع دماغنا بما يخيفنا أكثر ما يكون من ناحية، ومن الناحية الأخرى فسوف يجعلنا ذلك أقل خوفًا ونتوقف سريعًا عن تخيّل الأسوأ.
وهكذا ندرب عقلنا ونختار ما نرغب أن نفكر به ومتى نريد أن نفكر به.