كتبت إباء أبو طه
وباء الكورونا.. كيف نجعل التعلم داخل البيت ممتعا للأطفال؟
أووف.. متى ستفتح المدرسة أبوابها.. إلى متى سيطول هذا الأمر.. أطفالي يضيعون أوقاتهم سدى! همهماتٌ وشكاوى كثيرة ترددها الأمهات مؤخرا في الجلسات النسائية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل انتشار وباء الكورونا، الذي دفع بالجهات التعليمية كالمداس منها تحديدا لإغلاق أبوابها، في خطوة احترازية غير مسبوقة، تفسح المجال للتعليم الالكتروني ليحتل نصيبه الأكبر. ويصبح التعلم الوجاهيّ التقليدي أمراً صعبا في مثل هذه الظروف الطارئة.
في ظل هذا المشهد.. مدارس أبوابها مغلقة.. طلبة في البيوت.. أمهات عاجزات وبعضهن تحاول خلق ما يجعل الأمر أقل شقاءً.. هل التعليم يتوقّف؟ هل ينتظر الطلبة لحين فتح المدرسة أبوابها؟ هل تضيع أوقات أبنائنا سدى؟ هل يمكن أن نعلم أطفالنا شيئا ما داخل البيوت؟ وكيف يمكن تحقيق المتعة والفائدة في الوقت ذاته؟
كيف نجعل التعلم داخل البيت ممتعا للأطفال؟
1. التخطيط: التخطيط الجيد يعني متعة محققة وتعلّم يحرز الغايات والأهداف المطلوبة، وهذا يبدأ بأن يمنح الوالدان المساحة لطفلهم- مساحة خاصة ومشتركة- تجعله قادرا على توزيع مهماته خلال اليوم، كأن يخطط كيف يمكن أن يسير يومه على نحوٍ جيد، بتوزيع أوقات الدراسة والاستراحة والغداء وغيره. وبهذا يتعلم الطفل مهارات تنظيم الوقت والتخطيط الجيد.
2. الرصد: يرصد الوالدان بمشاركة الطفل أبرز المواقع الالكترونية التي تتيح فرصة التعلم الالكتروني، والتي تجمع بين المتعة والفائدة في الوقت ذاته. هذه المواقع تفوق ما تقدمه المدارس في بعض جوانبها، وتتيح للطفل أن يقود العملية التعليمية دون سلطة من أحد، بأن يلعب دور المعلم والطالب في الوقت ذاته. لذا أضع بين أيديكم جملة من المواقع التي يمكنكم الاستعانة بها، تجدونها في التعليق الأول.
3. التعلم النشط Active learning والذي يريح الطفل من مهمة التلقي السلبي، بأن يلجأ إلى وسائل أكثر فاعلية وكفاءة في التعلم، عبر الحوار، وطرح الأسئلة، والتحليل، واكتساب مهارات بناء التوجهات والقيم، ويمكن للأم والأب أن يمارسا هذا الأمر بصورة شيقة وممتعة، بأن يشاركا الطفل في عملية التعلم، يتبادلان المعلومات، ويطرحان الاسئلة، ويكتشفان القدرات والمهارات لدى الطفل.
4. المواد المرئية: يظن الناس أن التعليم شيء يمكنهم الانتهاء منه على حد تعبير الكاتب اسحق عظيموف، هو فعليا ينتهي إذا تم ربطه بالمؤسسات التعليمية فحسب، لكنه لا ينتهي في البيوت التي يُعتبر فيها العلم أمرا يحمل البهجة والمتعة، وهنا يمكن الحديث عن سلسلة طويلة من الأفلام التعليمية والفيديوهات المرئية القصيرة التي يمكن للأطفال مشاهدتها، وكتابة فقرة نقدية حول ما تعلموه منها، يتشاركون في هذا مع أهلهم وإخوتهم وأصدقائهم.
5. استراتيجية تدريس الأقران: والتي تقوم على فكرة أن التعليم موجه ومتمركز حول المتعلم وتعتمد على قيام المتعلمين بتعليم بعضهم بعضا، كأن يجتمع أصدقاء الطفل في بيت أحدهم، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كأن يطرح الطفل الأول سؤالا، والثاني يفكر، والثالث يصوغ الإجابة. فيتبادلون الأدوار خلال عملية التعلم، ويخف عبء التعليم على الأهل وحدهم.
6. الأنشطة اللامنهجية: هناك متسع حقيقي للقيام بأنشطة تثري المادة التعليمية، أنشطة حسية وحركية وفكرية، تجعل من تلقي المادة وتعلمها أمرا يسيرا ومتاحا، وتخفف من وطأة التعلم المحصور بالكتاب والغرفة الصفية والنظر بصورة غير منقطعة لوجه المعلم. حقيقة تطبيق pinterest الممتع يتيح فرصة الاطلاع على كم كبير من الأنشطة المنزلية التي يمكنك الوصول لها عبر وضع ما تريد في خانة البحث.
7. المرونة: التعلم المنزلي يتميز بالمرونة العالية جدا، هذا قد يشكل مأزق حقيقي للأمهات الملولات أو اللواتي نفذ صبرهن فيجدن في الروتين مساحة حقيقية للراحة، لكن لنتخيل أن الطفل لا يريد أن يدرس الرياضيات اليوم، بالإمكان مثلا أن نضع مادة أخرى يرغب بها، على أن يتم الاتفاق على دراسة المادة المؤجلة في اليوم التالي، هذه المرونة وجها من أوجه المتعة، التي توصل للطفل رسالة أن التعلم يصبح متاحا في أي وقت، لكن المهم حضور الرغبة في ذلك.
8. تنشيط الهوايات، والتي في العادة تغيب أثناء فترة الدوام الدراسي، بأن يعاد تفعيلها في هذه المرحلة كجزء من عملية التعلم التي تُولد في جوّ الخبرة الحياتية التي يعاينها الطفل باختلاطه بالبيئة المحيطة، كلعب الشطرنج، القراءة، الطهي، الرسم، وغيرها. والتي يتم عبرها التركيز على الكثير من القيم والمبادئ والتوجيهات التي تصاغ بطريقة لطيفة وخفيفة على نفس الطفل.
9. علموا أطفالكم ما لم تعلمه المدارس في هذه الأوقات، هناك وقت لأن يتعلّم كيف يتقن قراءة القرآن، وكيف يخيط جوربه، وكيف يزرع نبته بيديه الصغيرتين، وكيف يطهو طبق المعكرونة، وكيف يدير مصروفه، وكيف يخطط ليومه وغيرها.
10. تحوّل البيوت إلى مملكة تعليمية يضفي الدفء والجمال على علاقة الطفل بوالديه، فتكشتف الأم مواطن الضعف والقوة لدى طفلها، وتفعل قنوات الحوار والتواصل الدائم، فتصبح قريبة منه أكثر من أي وقت مضى، تكتشفه كما لو أنها تراه للمرة الأولى، وتعيد ترميمه وصناعته برحمه وألفة كبيرتين، وفي هذه الخطوة يحسن الطفل اكتشاف ذاته، اكتشاف مكامنه وقدراته، فهو يتصرف بطريقة جيدة لأنه يتسلل من أقرب الناس إليه مشاعر جيدة.
الظروف التي نمر بها حاليا هي كنز حقيقي – رغم الخوف الذي يحيطنا- إن أحسنّا استغلالها مع أطفالنا، فهي فرصة لأن يتعلم طفلنا أساليب التكيّف مع البيئة في الظروف الطارئة، واستخدام أساليب التعلم الحديث عبر التقنيات الالكترونية، واعتبار أن العلم ممكنا في أي وقت وأي زمان، العلم الذي يحقق الفائدة والمتعة في آن..