أوصت دراسة بحثية اجرتها الباحثة ولاء هاشم أبو شلبك بعنوان “النوع الاجتماعي، المكان، الفراغ والاختلافات في ممارسة الأنشطة الترفيهية الرياضية” إلى ضرورة العمل على إجراءات حديثة للتخطيط الحضري في مدينة نابلس، وأن يراعي التخطيط وجهة نظر المرأة واحتياجاتها.
كما شددت على أهمية توفير برامج وأنشطة ترفيهيّة رياضيّة مختلفة تناسب الجميع ولكافة الفئات العمرية بالتنسيق مع الهيئات المسؤولة، وإنشاء أماكنَ ترفيهيّةٍ أكثر حساسيةً للنّوع الاجتماعيّ، ورفع كفاءة الحدائق العامّة الموجودة في المدينة وتطويرِها اعتماداً على تحسين المكوّنات الماديّة والفيزيائيّة، وتنوع الخدمات فيها، والاتجاه نحو تفعيل وجود أنظمةٍ إداريّةٍ لمتابعتها.
وأكدت أبو شلبك في دراستها البحثية على أهمية تعيين أخصّائي ترفيه في كل حديقةٍ يعمل على تنظيم أنشطةٍ منوّعةٍ تستهدف الجميع ما يساعد على الاستفادة المتبادلة من المكان.
وقد اعتمدت الدراسة الاسلوب الاثنوجرافي للوصول إلى فهمٍ متعمّقٍ للطريقة التي يتبعها الأفراد المنتمون إلى عيّنة الدراسة؛ وهم مجموعة (اركض للحرية) لفهم واقع حياتهم التي يعيشونها؛ فالمعنى الحرفي لكلمة الاثنوجرافيا (الكتابة عن الثقافة حيث يتميّز هذا الأسلوب بالدراسة الوصفيّة لأسلوب الحياة ومجموعة التقاليد والعادات والقيم لدى مجتمعٍ معيّن، أو جماعةٍ ما من خلال معرفة أفكار أعضائه، ومعتقداتهم، وقيمهم وسلوكاتهم وهذا يتطلب من الباحثة معايشة فعلية للميدان، أو الحقل الذي هو موضع الدراسة. وعليه تكون الباحثة الاثنوجرافية من النوع المشاهد المشارك، ما يجعل البحث الاثنوجرافي واقعاً بين حدود البحث الكيفي والبحث الإجرائي الذي يستهدف الفهم والمشاركة في التغيير نحو الأفضل.
وكون الباحثة أسست مبادرة “اركض للحريّة ” التي تهدف إلى تنظيم الأنشطة الترفيهيّة الرياضيّة لاحظت فجوةً بين الرجال والنساء في ممارسة الأنشطة الترفيهية الرياضية، حيث أنّ الذكور لديهم تنوعٌ أكبرُ في الأنشطة الترفيهية، وسهولةٌ أكثر في الوصول، بالإضافة إلى الاستقلال الماليّ، والقدرة على اتّخاذ القرار دون قيود، وأنّ هناك العديد من العوامل تؤدّي إلى تثبيط مشاركة الإناث في الأنشطة الترفيهية؛ فالعديد من الأنشطة الترفيهية تطورت وبُنيت على أساس أنّها ذكوريّة، فمن خلال الأنشطة والمبادرات العديدة التي قامت بها مع مجموعتها “اركض للحرية” في مجال الأنشطة الرياضية في الهواء الطلق لاحظت أنّ النساء المشاركات يشعرن بالرهبة من ممارسة أي نشاط في الأماكن العامّة.
وأوضحت الباحثة أن النساء والفَتيات شعرن بالمراقبة والخوف من نظرة المجتمع لهنّ، وبالحساسيّة تُجاه تعرضهنّ لأيّ نقد؛ وذلك بسبب ما يحملنه من معتقداتٍ ومفاهيمَ وتصوراتٍ حول هذه الأنشطة غير التقليدية في مجتمعٍ يتميز بكونه مجتمعاً محافظاً. فمثلاً وجدت رفض العديد من الوالديْن السماح لبناتهنّ قيادة الدراجات الهوائية؛ لاعتقادهم أنه يؤثّر على عذريّة الفتاة، ومنهم من اعترض على قيادتها في الشارع، حيث تم السماح لإحدى الفتيات بالقيادة داخل حدود الحديقة العامة فقط. وعند محاولة الفتيات الجري في الشارع تعرّضْن للتّحرش الّلفظي.
بالإضافة إلى دور مواقع التواصل الاجتماعي في التفاعل مع هذه الأنشطة بين مؤيدين ورافضين، وأثرها على اتخاذ القرارات لدى النساء والفتيات؛ لذلك سوف تركّز هذه الدراسة على دراسة وتحليل الاختلافات “الجندرية” فيما يتعلق بممارسة الأنشطة الترفيهية الرياضية وَفق المكان والفراغ والجندر من خلال تتّبع التّصورات “الجندرية” وأبعادها، وكلّ ما يرتبط بها من مفاهيم تقود إلى تكوين وجهة نظر مختلفة عن النساء والرجال في المجتمع.
وقد هدفت الدراسة الى التعرف على الاختلافات الجندرية في ممارسة الأنشطة الترفيهية الرياضية والكشف عن دوافع ومعيقات مشاركة الرجال والنساء في الأنشطة الترفيهية الرياضية، وتقصّي مدى الدور الذي تلعبه الجغرافيا (المكان والفراغ) لملائمة الأنشطة الترفيهية الرياضية للنوع الاجتماعي، كما هدفت الى التعرف على أنواع المرافق الترفيهية المتاحة للمرأة في مدينة نابلس، وفحص المتغيّرات التي تشكل قرار المرأة في اختيار مرافق الترفيه المناسبة.
وخلصت الدراسة إلى نتيجةٍ عامّةٍ مفادها وجود اختلافات بين الرجال والنساء في ممارسة الأنشطة الترفيهية الرياضية من حيث الدوافع، والمعيقات، والاحتياجات الترفيهية، بالرغم أنّ هناك العديد من الدوافع والمعيقات والاحتياجات المشتركة إلاّ أنّ النساء بسبب نوعهن الاجتماعي اختلفت دوافعهن وواجهن معيقات، وتحديات أكثر، وكانت احتياجاتهن تختلف عن احتياجات الرجال؛ فقد اختلفت النساء عن الرجال في الدوافع النفسيّة مثل: الثّقة بالنّفس، والتخلّص من الخجل، والاكتئاب، والوحدة، وتغيير مفهوم كلمة عيب، والشّعور بالسعادة، بالإضافة إلى أنّ تشجيع الأسرة لهن كان له أثرٌ كبيرٌ في مشاركتهن في أيّ نشاطٍ رياضيّ.
وواجهت النّساء معيقاتٍ خاصّة بهن تمثلت في الأسرة، والمجتمع، والعادات والتقاليد، والشعور في الأمان، وسيطرة الرجال على الأماكن العامّة، وعدم تنوّع الأنشطة التّرفيهيّة.
واختلفت احتياجات النساء عن الرجال في أنّ النّساء طالبْن بتوفير أماكنَ مخصصةٍ للأطفال الرضّع تراعي خصوصيّة الأمّ في وقت الرَضاعة، وتلبي احتياجات الطّفل الرّضيع خاصة في الأماكن المفتوحة كالحدائق والمنتزهات.
وقد اشرف على الدراسة د.فدوى اللبدي /مشرفا رئيسا/د.علياء العسالي /مشرفا ثانيا / د. هديل قزاز/ممتحناً خارجياً / مؤسسة اوكسفام/رام الله/ د. سماح صالح /ممتحناً داخليا وقد تم مناقشة الرسالة في تاريخ 7/10/2020