العلاقة بين أساليب المعاملة الوالديّة وبين تقدير الذات لدى
الطلبة الشباب في الجامعات الفلسطينيّة في الضفة الغربيّة
الباحثة: الأخصائية يسرا “محمد نايف” حاج حمد
لقد شغل موضوع تقدير الذات اهتمام العديد من المفكرين والباحثين والعاملين في مجال علم النفس الاجتماعيّ، والمجال التربوي، ومجالات الأسرة والشباب، إذ يعدّ تقدير الذات من العناصر الأساسية المكونة لشخصية الإنسان ويعتبر تقدير الذات على انه تقييم الفرد لنفسه ويتضمن هذا التقييم اتجاهات الفرد الإيجابية والسلبية نحو ذاته فإذا كان تقييم الفرد لنفسه إيجابيا فسيكون تقديره لذاته مرتفعا وأمّا إذا كان تقييمه لنفسه سلبياً، فيكون تقديره لذاته منخفضا، تباينت الأدبيات النظرية والدراسات في الإشارة إلى العوامل التي تقف وراء مستويات تقدير الذات وتشمل هذه العوامل: عوامل أسريّة، وشخصيّة، وصحيّة، واقتصاديّة،واجتماعية.
إلا أنّ العوامل الأسريّة وارتباطها بتقدير الذات لم تحظ إلى مزيد من البحث على الرغم من أهميتها في صقل شخصية الفرد ورفع مستوى قدراته فالخبرات الإيجابيّة والسلبيّة التي يتأثر بها الأطفال في الأسرة تبقى ماثلة في شخصيتهم وتنعكس على تفاعلاتهم لذلك تتجه الدراسات إلى دراسة أثر أساليب المعاملة الوالديّة في بناء شخصيات الأولاد وتفاعلاتهم البيوشخصيّة الاسرية والاجتماعية فإنّ اختلاف البيئة الاسرية والمعاملة الوالديّة بين المعاملة التيسيريّة المنفتحة وبين المعاملة التعسيريّة ذات القسوة والتسلط والإهمال تشكل عوامل قد ترتبط بمدى تقدير الذات لديهم، لم تتناول الدراسات السابقة العلاقة بين أساليب المعاملة الوالديّة وبين تقدير الذات في المجتمع الفلسطيني.
وتشكل الأزمات السياسيّة، والإقتصاديّة والاجتماعيّة، والنفسية، والأسريّة، عوامل أساسية في عدم قدرة الاسرة الفلسطينية في الضفة الغربيّة القيام بوظائفها واستدامة التوازن والاستقرار الاسري وتوفير المثيرات والتفاعلات الإيجابيّة والدعم لأبنائها وباتت هذه المشكلات تشكل تحديات تشغل الأسر والمختصين في مجال الاسرة وسلامتها لأنّها تشكل معيقات مركزيّة أمام نمو شخصيّة الأولاد في جيل الشباب في المجتمع الفلسطيني وتطوير مفهوم الذات وتقديره لديهم وتعود أهمية دراسة مجتمع الشباب كونه الشريحة الأكبر في المجتمع الفلسطينيّ والطلبة الجامعيون هم أحد أهم المكونات الأساسيّة لهذه الشريحة التي تشكل أحد الأركان الهامة للمجتمع الفلسطيني في مواجهة تحدياته المتراكمة فإنّ دراسة مدى تقدير الذات لدى هؤلاء الطلبة والوقوف على العوامل التي قد تعيق تطوير قدرات الذات لديهم، قد تمكن الجامعات من طرح برامج تمكين لتطوير القدرات الشخصيّة المتعلقة بمفهوم الذات، احترام الذات وتطوير تقدير الذات لديهم لرفع قدراتهم على مواجهة التحديات خلال دراستهم وفي حياتهم الاجتماعيّة بعد تخرجهم وربما يسهم في زيادة المعرفة العلمية والاستفادة من النتائج العلمية والتطبيقية في هذا المجال، حيث يساعد في الكشف عن العوامل المعيقة والعوامل المتيحة لتقدير الذات وتوجيه الإرشاد لتشجيع العوامل المتيحة وتجنب العوامل المعيقة في تفاعلات الوالدين مع أولادهم ورفع قدرات الشباب الفلسطينين على مواجهة التحديات. وتكمن أهمية هذا الموضوع أيضا بأنه يبحث فكرة جديدة لم يطرحها البحث العلمي في المجتمع الفلسطيني من قبل.
وفي دراسة أجرتها الباحثة على (515) شخصا من طلبة الجامعات الفلسطينية (جامعة بيت لحم، وجامعة القدس، وجامعة القدس المفتوحة)، بهدف التعرف إلى العلاقة بين أساليب المعاملة الوالديّة وتقدير الذات لدى الطلبة الجامعيين الشباب في الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربيّة. أشارت النتائج إلى وجود علاقة إيجابية بين أساليب المعاملة الوالديّة التيسيريّة وبين تقدير الذات في حين تبين وجود علاقة عكسيّة بين أساليب المعاملة الوالديّة التعسيريّة وبين تقدير الذات، بمعنى أنّ تقدير الذات قد يرتبط بالجو الأسري وبأساليب المعاملة الوالديّة. وفي ضوء النتائج خلصت الدراسة إلى عدد من التوصيات البحثية، والنظرية، والتطبيقية:
- ضرورة تشجيع الباحثين للاستمرار في الخوض في موضوع العلاقة بين عوامل أسرية وبين تقدير الذات.
- نوصي إنّ تشمل الدراسات المقبلة فئات الشباب المختلفة ولا يقتصر فقط على الشباب الجامعيين.
- نوصي بإقامة خدمات تعنى بتوجيه الطلبة في كيفية التقارب مع أهلهم والحدّ من الصراعات الأسرية.
- نوصي بتوسيع الخدمات الاجتماعيّة للعائلات في ضائقة لزيادة التفاعل الإيجابي لدى أولادهم.
- تحسين البيئات الأسرية.