أين التاء المربوطة؟ من كل ما يحدث..
بقلم الكاتبة لما عواد
في كثيرٍ من الأحيان، تغيب التاء المربوطة عمّا يحدث في بلاد غير بلادي؛ تغيب عن اتخاذ القرار، والمشهد السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، رغم أنها كانت — وما زالت — حاضرة خلف الكواليس، تبني وتصبر وتدعم وتُربّي.
في بلدي حيث الضجيج لا يخبو، و زحمة الأحداث توالي، وسيلان التصريحات، وتقلّب السياسات يمرّ السؤال خافتًا… أين التاء المربوطة؟ أين المرأة؟ أين الصوت الناعم الصلب، الذي يعرف كيف يصنع الحياة من الوجع، ويزرع الأمل في تربةٍ مجروحة؟.
نقرأ الأخبار، نتابع القرارات، نشارك في الجدل العام، فنجد أن التاء المربوطة ليست في المتن
قد تكون في الهامش، وقد تكون في الظل، لكنّها قلّما تُكتَب في صدر الجملة
قلّما تُسند إليها الأفعال، أو تُمنَح صدارة المشهد.
ليست المسألة مجرد غيابٍ رقميّ أو تمثيل رمزيّ، بل هي فجوة في البنية الاجتماعية والسياسية
حين يغيب نصف المجتمع عن رسم ملامح الحاضر، وعن حياكة تفاصيل المستقبل.
وحين نسأل: أين التاء المربوطة من “كل ما يحدث”؟
أرى، للأسف، أن ما يحدث لا يزال يُدار بعقلية مفصولة عن العدالة الجندرية،
لأن ما يحدث يُصاغ غالبًا بصيغة المذكر، حتى حين تكون نتائجه واقعةً على كاهل النساء بالنسبة الأكثر.
ثم نُسائل الغد: وأين التاء المربوطة من غدٍ؟
هل سيكون امتدادًا لماضٍ يكتبه الآخرون؟ أم سيكون مساحةً جديدة تُكتَب فيها النساء، لا كزينةٍ لغوية، بل كفاعلٍ حرّ، منتِج، وقياديّ؟ هل سنُعيد كتابته بـ”تاء مربوطة”؟ هل سيحمل المستقبل بصمة النساء لا على الهامش بل في المتن؟ هل تكون “غدًا” مؤنثةً بالفعل، لا لفظًا؟
التاء المربوطة ليست مجرد حرف؛ هي رمز لكل امرأةٍ تصرّ على أن تكون، أن تشارك، أن تُحدِث فرقًا هي أمّ تصنع الأمان، ومعلمة تصنع المستقبل، ومزارعة تقاوم القهر، ومهندسة، ومفكرة، وقائدة… إن فُتح لها الباب.
التاء المربوطة ما لم نحافظ ونحمي حضورها، سيبقى الغد ناقص الحروف، مكسور المعنى.
# التاء المربوطة … سر قوتك