قد لا يكون هناك ما هو أشد إيلاما من الخيانة، فهي بلا شك تسبب جرحا عميقا في النفس البشرية يصعب مداواتها وربما يستحيل.
ولعل أكثر الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا الصدد، هل أصبحت الخيانة سمة العصر، والصفة الأكثر شيوعًا والغالبة على طبيعة البشر؟، أم أنها لحظات ضعف يمكن أن تغتفر؟
الخطير والمقلق هو أن تتكرر الخيانة وإن كانت كل مرة بأسلوب مختلف، فهل من خان مرة يخون كل مرة، وما يختلف هي الطريقة ليس إلا؟
ولا يقف الأمر عند الأسئلة السابقة وحسب، إذ إن هناك أسئلة مهمة أيضا، فما هي أسباب الخيانة وما الدوافع وراءها، وبما أنها جريمة لماذا لا يخجل مرتكبوها من أنفسهم ويكررونها؟.
كلها أسئلة تدور في أذهان كل المجروحين، والمذبوحين بذلك الخنجر المسموم، وهو ما دعانا لتحليل هذه الظاهرة لعلنا نصل لإجابات واضحة، في ضوء ما ورد في مجلة أي ديفا.
يقول غاري نيومن، في كتابه “حقيقة الخيانة”: ” يكشف 47٪ من الرجال الخائنين، أن السبب وراء خيانتهم هو افتقارهم للمشاعر الدافئة واللحظات الحميمية، وفي الواقع هذه نتائج تحمل بعض النواحي الإيجابية والأخرى سلبية، فالجيد في الأمر هو اعتراف هؤلاء الرجال بخيانتهم، وأنهم يبحثون عن نساء أخريات ليجدوا ضالتهم المنشودة وهي المشاعر”.
على الجانب المظلم، يفضل الرجال الخيانة على حل المشكلة ومناقشة أزواجهم، وأن الحميمية ليست السبب الوحيد للخيانة، فقد تكون هناك مشاعر لكنها باردة ولا ترقى لتروي ظمأ المتعطشين للحب والمشاعر، وهو ما يفسر لجوء 70٪ من الرجال، و49٪ من النساء للخيانة بسبب الفتور والملل.
وأشارت بعض الدراسات، إلى أن هناك أزمات حقيقية يعيشها الأزواج، وتكون الخيانة هي النتيجة الحتمية للخروج من عنق الزجاجة، كالسفر المستمر وبعد المسافات بين الشريكين، وبالتالي يقل الولاء وتموت المشاعر، ويبحث كل منهما عمن يعوض هذه الثغرات العاطفية.
وتبين إحدى الدراسات الاستقصائية، أن أكثر من ثلث الرجال الخائنين هم من رجال الأعمال، الذين يتنقلون بين البلدان المختلفة، وينتهزون فرصة السفر للخيانة، إضافة إلى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي تسهل من الخيانة وتمهد لها الطريق.
وهو ما توصل إليه الباحث كلايتون راسيل، الذي خلص إلى أن “تويتر” يسهم بشكل كبير في زيادة الخيانة وحالات الطلاق، وهناك مؤشرات أخرى تسهم في الخيانة وهي العلاقات الاجتماعية، وهو ما أكده استطلاع للرأي أن 75 % من الرجال، أغوتهم صديقة خائنة وأوقعتهم في شباك الرذيلة ومستنقع الخيانة، لذا تعددت الطرق والخيانة واحدة، ليدق ناقوس الخطر في خراب البيوت.
لذا قد تتعدد طرق الخيانة وتتطور، لكن قد تنجو العلاقة من براثن هذا الدمار، في حال كان الشريكان على استعداد للتغيير، فعليهما أن يجعلا من الخيانة فرصة لبناء ما تهدم من العلاقة، وتتوفر النية للإخلاص، والكفر بمبدأ امرأة واحدة لا تكفي، ولا نسلم بأن الخيانة مرض يستشري في المجتمعات ولا يمكن الشفاء منه، فإذا خلصت النوايا وعقد العزم على حماية العلاقة، مع العمل الجاد على استمرارها، ستنجو سفينة الحب لا محالة.
وبدلاً من تكرار الخيانة وكأنها أمر مسلم به، لماذا لا نبحث عن الحلول ومعرفة الأسباب وحلها، حتى لا نجد أنفسنا ضحايا لهذا المسلسل الدرامي الحزين، ونجد البيوت تتدمر والأطفال تتشرد، ونفكر في إسعاد الآخرين، بدلاً من إشباع رغباتنا واتباع شهواتنا.