كان موضوع كلمتي في المؤتمر عن العدالة الانتقائية، والتضامن النابع من اتفاق الأيديولوجيات، وكنت الفتاة الوحيدة من بين المتحدثين في المؤتمر، والعربية الوحيدة، وأصغر الحضور المشاركين من 16 دولة سناً.
وقف الحضور بعدما ألقيت الكلمة لالتقاط الصور التذكارية معي، وأثنوا على قوتها وقوتي في إيصال الفكرة التي أتيت للحديث عنها.
لم يكن يعرف أحدهم أنني كنت غارقة في البكاء قبل المؤتمر بساعة واحدة فقط لأنني لم أجد ملمع حذائي الذي كنت قد قررت ارتداءه حينها!
يدّعي المحيطون بي أنني فتاة مستقلة وقوية، وغالباً لا ألجأ لتصحيح انطباعات الآخرين عني حالما كانت خاطئة.
لأن أحدهم لا يعرف أيضاً أنني دخلت ذات مرة في نوبة بكاء هستيري حين فشلت في فتح علبة الصلصة وأنا أجهز لنفسي وجبة العشاء بعد يوم عمل شاق وطويل.
الأسباب ليست تافهة
لا المعاملة القاسية ولا اللوم شديد اللهجة أمام الناس ولا الفشل المهني وحدها الأسباب وراء شعور الفتاة برغبة في البكاء، الأسباب يا عزيزي قد تكون في نظرك أسخف من ذلك بكثير، لكنها قد تجعل الفتاة تنهار وتغرق في نوبة بكاء حادة.
تشير الأبحاث إلى أن المرأة تبكي بمعدل 6 مرات كل شهر، وهو معدل يبلغ ضعف عدد المرات التي قد يبكي فيها الرجل.
تخضع عملية البكاء عند المرأة لتأثير هرمون «البرولاكتين» أو هرمون الحليب الذي يفرزه الجسد كرد فعل على التوتر والحزن ومشاعر الاكتئاب، والمسؤول عن تدفق الدموع.
وهذا الهرمون متوفر بغزارة في جسم المرأة، وهو نفسه السبب في مقاومة الرجال للبكاء؛ لأن نسبة إنتاجه في أجسامهم تبقى ضئيلة إذا ما قورنت بالنساء، إلى جانب أن لديهم غدداً دمعية أقل بنسبة 60% من تلك الموجودة في جسم المرأة. لذا فالرجل لا يبكي كثيراً؛ لأنه لا يملك الكثير من الدموع.
الكهرباء مقطوعة
تقول ولاء إنها تذكر إحدى المرات التي انتبابتها فيها حالة بكاء شديدة وصلت حدّ الصراخ، «لأنني عدت إلى المنزل بعد رحلة طويلة ووجدت أن الكهرباء مقطوعة، لم أذكر أنني بكيت بهذا الشكل من قبل، وبت ليلتي في الظلام بعد أن نمت منهكة من كثرة البكاء».
لو كانت ولاء رجلاً، لتصرّفت بشكلٍ مغايرٍ دون شكّ. لربما لجأت إلى اللعن والشتم بأقذع الألفاظ، واستشاطت غضباً – كما يفعل الذكور عادةً -، لكنها لجأت إلى البكاء لأنها امرأة يفرز جسمها الكثير من «البرولاكتين».
المنشور حُذف
طرحت عبر صفحتي الشخصية على فيسبوك سؤالاً لصديقاتي من الفتيات، حول أسخف الأسباب التي دفعتهن للبكاء في حياتهن. الإجابات قد تكون صادمةً للبعض، لكني كفتاة لم أستغرب معظمها.
مريم هاني كتبت أنها تذكر إحدى المرات التي اعتراها فيها بكاء حاد؛ لأن أحد أصدقائها كتب منشوراً عبر صفحته على فيسبوك وحذفه بعد ساعات. بكت لأن المنشور نال إعجابها بشكل كبير، وأدركت أنها لن تستطيع الوصول إليه مجدداً.
المعكرونة بالجبن
أما لينا مدحت، فكان سبب بكائها مختلفاً، حين طلبت من نادل المطعم طبقاً من المعكرونة وأشارت إليه ألا يضع لها جبناً.
لكن يبدو أنها شعرت بالخذلان الشديد حين وجدت الجبن على سطح المعكرونة، وأنه لم يترك لها مجالاُ لإزاحته على طرف الطبق، فانفجرت في البكاء.
البخور انطفأ
أما البخور فكان السبب وراء هذه الحالة التي أصابت نجلاء بعدما انطفأ وسقط رماده، وبدلاً من أن تشعله مرة أخرى اختارت البكاء، والحقيقة هذا ليس خياراً سيئاً بالمناسبة فقد يكون ذلك تعبيراً عن حالة من الحزن كانت فقط في حاجة إلى ما يستدعيها.
تختلف الأسباب التي قد تدفع المرأة إلى البكاء على أسباب قد يراها الرجل بسيطة أو تافهه في أحيان أخرى، لكن الواقع أن هذه الأسباب تكون بمثابة التنفيس أو التعبير عن حالة إحباط أو حزن شديد تكمن وراء هذه الانفعالات المضطربة.
وتستمر هذه التغيرات لفترة قد تطول إلى أسبوعين من كل شهر؛ لأنها دائماً ما تكون مصاحبة لموعد الدورة الشهرية الذي تعاني فيه السيدات باختلاف أعمارهن من مرحلة متقلبة و اضطراب في الهرمونات.
وتؤدي حالة الضيق والاكتئاب التي تترافق مع أعراض ما قبل الدورة الشهرية إلى التأثير السلبي على حياة بعض الفتيات لدرجة تنعدم معها القدرة على التركيز من شدة الإحباط.
وتشتد الأعراض في بعض الأحيان لدرجة أنها تتداخل مع الأداء الوظيفي للجسم، وفي هذه الحالة تكون مربكة ويلزمها تدخل علاجي.
هل من «علاج»؟
في أغلب الحالات التي تصنف بالخفيفة والمتوسطة – تلك التي لا يصاحبها خلل في الأداء الوظيفي للجسد -، لا تحتاج المرأة إلى تدخل طبي.
وإنما فقط تكون بحاجة إلى الدعم النفسي والاحتواء من المحيطين بها والمساندة، كما تساهم ممارسة الرياضة والأكل الصحي المتوازن في التخفيف من أعراض هذه الحالة التي تتكرر في كل شهر.
أما إذا كانت الحالة عنيفة وتصاحبها أعراض جسدية ففي هذه الحالة تستدعي مراجعة الطبيب.