نشعرُ في كثير من الأحيان بالدهشة جرّاء التغيُّر المفاجئ في شخصية إحدى الفتيات حولنا، “طالبة في الجامعة، زميلة في العمل، جارة، أو إحدى القريبات”، سواءً في أسلوب التعامل أم طريقة ارتداء الملابس، أو انقطاع التواصل مع المقرّبين، وغيرها من السلوكيات التي تدفع المحيطين بهذه الفتاة للتساؤل حول السرّ في هذا التغير المفاجئ.
أمّا الأخصائية النفسية والتربوية الدكتورة أسماء طوقان فتتحدّث حول ذلك بقولها “التغير المفاجئ في شخصية الفتاة لا ينشأ من فراغ، فهناك العديد من الأسباب التي تساهم في هذا التغيُّر، ومن أهمها التعرُّض لصدمة نفسية، كفقدان شخص عزيز أو خوض علاقة عاطفية فاشلة، فالفتاة بطبيعتها يحكمها العقل العاطفي، فهي حساسة وسريعة التأثر تلوم نفسها دائمًا عندما تقع في مشكلة أو تتعرّض لموقف، وتحمِّل نفسها كامل المسؤولية”.
وتضيف طوقان “كما تشعر الفتاة بالإحباط والفشل، عكس طبيعة الرجل تمامًا الذي يُحكّم عقله بدلًا من عاطفته في العلاقات، فهو دائمًا يسعى إلى النجاح في حياته العملية، وتطوره في مجال عمله أكثر من الفتاة، فيكون النصيب الأكبر من المعاناة عند الفتاة، وتتأثر أكثر من الرجل، وتكون عرضة أكثر للاضطرابات النفسية”.
ووفق طوقان “أهم تلك الاضطرابات هي الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، فقد تبدأ عندها بالمشاعر ثم الأعراض الجسدية، ومن ثم تظهر لنا بشكل واضح في السلوك، فمثلًا تصبح أكثر عزلة عن المجتمع ومحيط الأصدقاء، وشحوب الوجه والحزن وكثرة البكاء وقلّة الكلام وتدني الثقة بالنفس وعدم الرغبة في الحياة أو عمل أي شيء كانت تستمتع بعمله قبل تعرُّضها للصدمة أو التجربة الفاشلة”.
وتُضيف طوقان، “تهمل الفتاة أيضًا مظهرها الخارجي، وقد تعاني من اضطرابات في الطعام والنوم مما يؤثر على عملها، فتصبح أقل إنتاجية وخاملة، وأيضًا تتدهور علاقاتها الاجتماعية أو تدني تحصيلها الدراسي من الناحية الأكاديمية”.
وفي هذه الحالة تقول طوقان “يُفضّل أن تتحدث الفتاة عما في داخلها لشخص تثق به، فكثرة الحديث وعدم الكتمان تريح النفس وتخفف عما في داخلها وتقوم بتغيير نفسها للأفضل، وتعيد النظر بمواطن الضعف في شخصيتها وتُقوِّمها، وأن لا تقسو على نفسها وتبدأ حياتها من جديد، ولكن إن لم تستطع تخطي هذه المرحلة رغم محاولتها، فتحتاج هنا إلى مراجعة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي لمساعدتها وتقديم العلاج المناسب لها، إن كان نفسيًا أو دوائيًا حسب شدّة حالتها بعد تقييم الطبيب”.
وأخيرًا، ليس كل الفتيات يمتلكن نفس ردّة الفعل، فيوجد فتيات في هذه المواقف سرعان ما تبدأ حياة جديدة، وتتعرّف إلى أصدقاء جدد، وتنخرط في العمل وتُطوّر من نفسها للأفضل، فيكون تغييرها إيجابيًا في هذه الحالة.