قالت الكاتبة الفلسطينية ناريمان شقورة إن قصة “الشرشف” التي انتشرت مؤخرا في الاردن وفي العالم العربي وأحدث تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماع أزعجتها اكثر مما اضحكتها.
وبررت شقورة في مقال ارسلته لـ”انت لها” بالقول :”لأني شعرت فيه بالخرف وأن عقولنا عندما نكبر تخرج عن السيطرة من ناحية وهو أمر مؤسف قد يجعلنا مدعاة سخرية للآخرين، ومن ناحية أخرى أن يشارك الأولاد أو الأبناء في مثل هذا السلوك من تسجيل صوت أو حتى فيديو لأمهم بالنسبة إلي أمر غير مقبول، وفي أحسن حالته لو افترضنا أنه مشهد تمثيلي مقصود فهو أيضا يشوه صورة المرأة المسنة بقصد أو دون قصد.”.
وتاليا نص المقال
دفعتني مقاطع الفيديو التي ترسل إلي في مواقع تواصل الاجتماعي على اختلافها وبعض المنشورات التي تتحدث بكوميديا عن غطاء السرير (الشرشف)، إلى البحث عن الفيديو الأصلي لمشاهدته ومعرفة ماهيته، فطبعا وجدت امرأة مسنة رسم الزمن تجاعيده على وجهها وكفيها نسب إلى الصورة صوت مسجل تعاتب فيه امرأة كبيرة بالسن ابنها أو شخصا ما بسبب غطاء السرير (الشرشف) الذي جلبته الحجة أو صاحبة الصوت من السعودية لبيت ابنها فأخته الكنة وأهدته إلى بيت أخيها، ويُظهِر المقطع الصوتي أعلى درجات الغضب عند هذه الحجة حول نفس الأمر.
في الحقيقة مثلي مثل أي مستمع أجهل حقيقة المقطع الذي انتشر مثل النار في الهشيم ، وأكيد دارت في ذهني تساؤلات عديدة من بينها: هل التسجيل مقصود؟ وهل هو تسجيل لمكالمة أو حديث دار بينها وبين أحد من أبنائها أو الجيران أو ما شابه؟ ومن سربه وبأي هدف؟؟ فحتى لو افترضنا أن أبناءها أرادوا المزاح وبث بعض الكوميديا في ظل الأحداث الأمنية الأخيرة في الأراضي المحتلة أيضا هذا يولد تساؤل آخر كيف يمكن لأبناء إظهار أمهم وهي مسنة بشكل إمرأة قليلة الاحترام إذ أنها تشتم وتسب، أو بأحسن تعليق رداحة بالمعنى الشعبي أي ثرثارة؟
نعم ربما هو أمر غريب قليلا من إمرأة كبيرة في السن والذي يتبعه افتراضا الكِبَر في القيمة أيضا، وكلنا نفترض الوقار في جداتنا وأمهاتنا، لكن في صراحة الأمر الأكثر غرابةً هو انتشار هذا المقطع الصوتي بسرعة مهولة إلى كل الوطن العربي، وإطلاق الأغاني الشعبية عليه والنكات والمزاح وإرسالها إلى نطاق واسع جغرافيا وكمياً وكأن من خلفه أرباح؟؟؟
موضوع الشرشف جعلني أسأل نفسي في ظل إغلاق طرقات رئيسية مهمة في الضفة الغربية، واعتقال وقتل شبابنا واقتحام البيوت يوميا والتفتيش بالكلاب البوليسية والجنود المدججين بالسلاح، ما هو الشيء الذي يجعل مثل هذا المقطع ينتشر محليا وعربيا ودوليا بهذه السرعة؟
هل هو الهروب من واقعنا الصعب والحصول على بعض الترفيه والكوميديا؟ أم أن الذوق العام مصاب ببعض النكسات فليس فقط انتشار هذا الفيديو بل أيضا اللعبات الإلكترونية مثل البابجي وأيضا الغناء الشعبي المعدوم من القيمة والفائدة بل نشر معلومات مغلوطة وتافهة بطريق غناء ولحن والشباب بالمئات يرددون وراء هذا أو ذاك المغني؟؟؟ كلها تثير استغرابي هل حقا أن الأذواق العامة محبطة ومصابة بأمرٍ ما؟؟ أو أنها حالات فردية لا تستحق الالتفات لها ولا الكتابة عنها؟؟؟ أو أنها دقائق أو ساعات فرح تُسرق من مآسي الحياة اليومية التي يسود فيها سوء الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني تحديدا في فلسطين.
وأيٌ كان الجواب، أنا شخصياً أزعجني مقطع صوت الحجة أكثر مما أضحكني، لأني شعرت فيه بالخرف وأن عقولنا عندما نكبر تخرج عن السيطرة من ناحية وهو أمر مؤسف قد يجعلنا مدعاة سخرية للآخرين، ومن ناحية أخرى أن يشارك الأولاد أو الأبناء في مثل هذا السلوك من تسجيل صوت أو حتى فيديو لأمهم بالنسبة إلي أمر غير مقبول، وفي أحسن حالته لو افترضنا أنه مشهد تمثيلي مقصود فهو أيضا يشوه صورة المرأة المسنة بقصد أو دون قصد.
ربما أكون مخطئة، لكنها مجرد وجهة نظر
ناريمان شقورة