وجدت دراسة طبية حديثة أن معظم الأشخاص الذين يحاولون إنقاص وزنهم ينتهون إلى الإعتقاد بأن “أجسادهم تقوّض جهودهم”، حين يفشلون في إيجاد توازن بين النظام الغذائي والتمارين الرياضية الكفيلة بتأمين النتائج المنشودة. وسلّطت الدراسة الإستطلاعية السنوية التي أجراها مستشفى كليفلاند كلينك حول الصحة القلبية، الضوء على العلاقة بين وزن الجسم وصحة القلب، وذلك قبل حلول شهر فبراير الجاري، الذي يوافق “شهر القلب” في الولايات المتحدة.
ووجدت الدراسة في نسخة العام 2019 أن الأميركيين يكافحون جرّاء محاولاتهم فقدان الكيلوغرامات الزائدة من وزنهم، مُبيّنة أن ما يزيد على 84 بالمئة من الأشخاص جرّبوا في الماضي طريقة واحدة على الأقلّ لإنقاص الوزن، أي أعلى بكثير من نسبة 46 بالمئة من المستطلعة آراؤهم في الدراسة الذين وصفوا أنفسهم بأنهم يعانون زيادة الوزن أو البدانة. واستمرّ معظم الأشخاص (55 بالمئة) أقلّ من شهرين في تنفيذ خططهم لإنقاص الوزن، في حين استسلم 43 بالمئة في غضون شهر واحد. لكن الدراسة وجدت أن أكثر من نصف المشاركين فيها (53 بالمئة) ألقوا باللوم في إخفاق مساعيهم الرامية إلى إنقاص وزنهم على عملية الأيض، قائلين إنها “قوّضت جهودهم”.
وقال الدكتور ستيفن نيسن، رئيس قسم طب القلب والأوعية الدموية لدى مستشفى كليفلاند كلينك، إن الاستطلاع يظهر إدراك أفراد المجتمع للحاجة إلى الحفاظ على وزن صحي، وأن معظمهم يحاولون القيام بشيء ما حيال فقدان الوزن، إلاّ أنهم يصطدمون بأن الأهداف التي يضعونها لأنفسهم “تعاندهم ببقائها بعيدة المنال”، وأضاف: “من الصعب تحقيق التوازن الصحيح بين اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة، ومن ثَم الحفاظ على ذلك التوازن على المدى الطويل، فالكثير من الناس يستسلمون بسرعة”.
وقال عدد كبير من المستطلعة آراؤهم (74 بالمئة) إن تحسين صحة القلب كان دافعاً رئيساً وراء سعيهم لفقدان الوزن. وكان الأفراد، بحسب الدراسة، أكثر ميلاً لزيادة مستوى نشاطهم البدني بدلاً من تغيير ما يتناولونه في غذائهم، فبينما حاول 53 بالمئة ممارسة المزيد من الجهد لفقدان الوزن، حاول 43 بالمئة منهم فقط إجراء تغيّر في نظامهم الغذائي.
وتمثّلت العوائق التي تحُول دون الحفاظ على وزن صحي، بحسب المشاركين في الدراسة، في عدم الرغبة في ممارسة الرياضة (24 بالمئة) وضيق الوقت (22 بالمئة) وعدم الحصول على نتائج ملموسة برغم الجهود المبذولة (19 بالمئة). وقال 22 بالمئة إنهم فقدوا الحماس عندما لم يلمسوا تحقيق نتائج فورية، وهو أمر بدا أكثر شيوعاً بقليل لدى النساء مقارنة بالرجال.
وأوضح الدكتور نيسن أن الأفراد “ربما يكونون على حقّ” في إلقاء اللوم على الأيض في كونهم يكافحون أثناء محاولاتهم فقدان الوزن، ولو جزئياً، مشيراً إلى أن من يأملون بالحصول على نتائج سريعة “قد يجدون أن أجسادهم تخرّب مساعيهم”.
وقال: “يحاول الجسد الحفاظ على وزنه الاعتيادي، لذلك سيحاول التمسّك بالدهون الزائدة إذا كان المرء بديناً، ما سيزيد من صعوبة فقدانها، ولذا فإن أفضل طريقة لفقدان الوزن تتمثل باتباع خطة ثابتة طويلة الأمد لخفض الوزن تكون أبطأ ولكن أكثر استدامة، فاحتمالات الحفاظ على النتائج السريعة تظلّ متدنية”، وأضاف: “لاحظنا أيضاً من خلال الدراسة جهل العديد من الأشخاص بالمعايير الصحية التي تحدّد نجاحهم أو فشلهم في فقدان الوزن، إذ يرى حوالي نصف الأشخاص الذين شاركوا في الاستطلاع أنهم بحاجة إلى فقدان ما يتراوح بين 15 و20 بالمئة من وزن الجسم الذي يعاني صاحبه البدانة من أجل إحراز المنافع الصحية، في حين أن ثمّة في الواقع منافع صحية واضحة يمكن للشخص لمسها من فقدان خمسة بالمئة فقط من وزنه. كما أظهرت الدراسة أن نحو 71 بالمئة من الأشخاص لا يعرفون مؤشر كتلة أجسامهم، الذي يساعد على تتبع مدى تمتع المرء بوزن صحي قياساً بطوله وسنّه وجنسه.
وتُعتبر أمراض القلب السبب الأول للوفاة في العالم، وقد أُجريت دراسة كليفلاند كلينك الاستقصائية كجزء من حملة توعوية أطلقها المستشفى بعنوان “أحبب قلبك”، احتفاء بشهر القلب في الولايات المتحدة. ويحتلّ مستشفى كليفلاند كلينك بالولايات المتحدة، الذي يتخذ من ولاية أوهايو مقراً رئيساً، المركز الأول على قائمة “يو إس نيوز آند وورلد ريبورت” الشهيرة الخاصة بأفضل المرافق الطبية في الولايات المتحدة في علاج أمراض القلب وجراحاته، وذلك للعام الرابع والعشرين على التوالي.
تجدر الإشارة إلى أن أرقام هيئة “مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها”، وهي هيئة حكومية أمريكية، تشير إلى أن ما يقرب من 40 بالمئة من الأمريكيين، أي 93 مليون شخص، يعانون البدانة، وأن أكثر من هذه النسبة من الأمريكيين لديهم زيادة في الوزن.
جمعت دراسة كليفلاند كلينك الاستقصائية التي أجريت على عيّنة من عامة السكان في الولايات المتحدة، رؤىً وتصوّرات حيال الصحة القلبية والوزن. وتم إجراء الاستقصاء عبر الإنترنت في أوساط عينة تمثّل المستوى الوطني وتتألف من 1,002 من الأشخاص البالغين الذين تبلغ سنهم 18 عاماً أو تزيد. ووازنت الدراسة الأرقام لتكون مُمثَّلة تمثيلاً مناسباً على المستوى الوطني من نواحي السن والجنس والعرق والتحصيل العلمي. أجرت الدراسة وأكملتها عبر الإنترنت شركة “ريسيرتش ناو” في الفترة بين 20 و28 سبتمبر 2018. ويبلغ هامش الخطأ للعينة الإجمالية عند مستوى الثقة 95 بالمئة +/-3.1 نقطة مئوية.