على الرغم من التحديات المختلفة التي تواجهها يومياً، قررت حسنة، البالغة من العمر 67 عاماً وهي أرملة تعيش في مخيم الدهيشة للاجئين قضاء بيت لحم، أن تتحدى مرض السرطان وتبدأ العمل بمشروعها الخاص الذي كان حلماً بالنسبة لها.
حسنة إحدى المستفيدات من مشروع “كرامة للأمن الغذائي والتمكين الاقتصادي في مخيمات جنوب الضفة الغربية”، لقد ألهم هذا المشروع حسنة لتغيير حياتها وإعالة أسرتها وزيادة دخلها ومواجهة مرضها، وهذه قصتها في الصور أدناه، كما ترويها
أنا حسنة العماش 67 عاماً و لاجئة أسكن في مخيم الدهيشة. وأرملة منذ 23 عاماً، عائلتي مكونة من 7 إناث وولد واحد. أعاني من مرض السرطان في الكلى منذ أربعة أعوام، اضطررت للخضوع لعملية جراحية واستئصال كليتي بعد قرار من الأطباء. اكتشفت مرضي عبر الصدفة عندما كنت أعمل فحوصات روتينية، كثير من الأمور في حياتي تأتي عن طريق الصدفة. لم أكن خائفة بل على العكس أخذت العلاج المناسب وأنا الاَن بخير ومصممة أن أكون بخير.
يوجد في المخيم مؤسستان، مؤسسة كرامة والأخرى لتقديم خدمات صحية، ويعاني سكان المخيم من الفقر وكما تلاحظون البيوت ملاصقة لبعضها البعض ولا يوجد خصوصية.
المرأه في المخيم محرومة من العديد من حقوقها مثل حقها في الميراث وتقرير مصيرها في بعض الأمور، فأنا تزوجت وعمري 23 عاماً، لكني لم أرَ زوجي ولم أعرفه إلا بعد عقد قراننا. أعيش حياة بسيطة مع إبني الذي درس المحاسبة لكنه يعمل الاَن كعامل بناء ووضعنا الاقتصادي صعب جداً. مشروع كرامة هو المشروع الوحيد الذي عملت به بعد وفاة زوجي. لا شك أن المشروع ساعدني في سد حاجتنا من الطعام وكنت أساعد إبني في تجهيز بيته ليتزوج. والاَن إبني لديه منزله الخاص في الطابق الأعلى من منزلي.
تعرفت على مشروع كرامة عن طريق الصدفة، رأيت إعلاناً وأنا أمشي في زقاق المخيم فسألني أحد الجيران: لماذا لا تشتركين في هذا المشروع وتحصلين على بيت بلاستيكي؟، فقلت له أرغب بذلك لكني اعتقد أن عملية التسجيل للمشروع قد انتهت. لكنه شجعني للذهاب للمؤسسة ومحاولة التسجيل، وفعلاً من هنا كانت البداية. ففي اليوم التالي، جاء طاقم الخبراء إلى بيتي ليتفقدوا سطح المنزل لكنهم أخبروني بضرورة قطع شجرة العنب التي أحمل معها ذكريات كثيرة، فرفضت ذلك في البداية لكن عائلتي اقنعتني وقمت بقطع جزء منها.
زرعت العديد من الخضار في البيت البلاستيكي مثل الخيار والبندورة والثوم والنعنع والزعتر وكلها نجحت. كنت أبيع المحصول عن طريق مؤسسة كرامة. ففي الموسم الماضي حصلت على 120 كيلو من الخيار وكان طعمه مميز جداً. ولكن في بعض الأحيان حالة الطقس تؤثر على المحصول لذلك نضع المراوح في الصيف والتدفئة في الشتاء ونعتني به كثيراً حتى نستطيع جني المحصول بالكميات التي نرغب بها.
زارنا وفد أوروبي عدة مرات وأعجبوا جداً بالمحصول حتى أنهم صدموا عندما شاهدوا الفرق بين الخيار الذي زرعته والخيار الموجود في السوق الفلسطيني.
كنت أحرص دائماً على حضور الدورات التي تعقدها مؤسسة كرامة من أجل زيادة وعينا بطرق المحافظة على البيوت البلاستيكية. كنت أطرح الكثير من الأسئلة وهم يجيبون عليها جميعها، وكانوا دائماً يشجعونني على الحضور والتفاعل. وعندما يراودني أي سؤال أو مخاوف تتعلق بالمحصول، يحضرون مباشرة لمساعدتي.
لم يقتصر هذا المشروع على توفير البيوت البلاستيكية والزراعة فيها، بل تعلمنا كيفية عمل المخللات واستعمال المبيدات الغير كيماويه والكثير من التوجيهات والإرشادات من خلال مؤسسة كرامة. أنا أشجع مثل هذه المشاريع التنموية وأتمنى أن يكون لدي المزيد من البيوت لكي أزرعها. فأنا أشعر بالأمان لتناول هذه الأطعمة التي تخلو من أي مواد كيماوية.
أقوم بالإطمئنان على المزروعات أكثر من مرة في اليوم. كنت أعاني من أوجاع في أقدامي لدرجة أنني لم أكن أقوى على المشي، أما الأن فأنا أصعد كل هذه السلالم لأتمتع بمنظر المزروعات فوق سطح منزلي. أشعر بالكثير من النشاط والفخر، فأنا أستيقظ من نومي مبكراً وأجلس فوق السطح أراقب المزروعات وكأنها جزء من عائلتي.
يوجد هنا الكثير من النساء المستفيدات من هذا المشروع في المخيم والرقم في تزايد، أصبحت النساء تتنافس على التسجيل وزراعة الأسطح، لكن أحياناً لا يوجد لديهن مساحة كافية على السطح. وهناك تقبل لهذا المشروع حتى أن الرجال يساعدوا نسائهم أحياناً، أما أنا فأعمل كل شيء لوحدي بعد وفاة زوجي.