تعتقد الأم أنها عندما تقدم لطفلها الطعام بشكل مهروس وهو رضيع، تمنحه المغذيات التي يحتاجها جسمه ليصبح أكثر قوة ويزداد وزنه.
لكنها تجهل في الوقت نفسه، أن جهازه الهضمي يكون مهيئًا فقط لاستقبال حليب أمه الذي يحتوي على كل المغذيات، عوضًا عن أنه أكثر أمانًا له من الطعام المحضّر، الذي ربما يحتوي على نسب من البكتيريا والملوثات أثناء تحضيره.
بهذ الخصوص، تقول أخصائية التغذية المهندسة إيناس الفرخ: إن الجهاز الهضمي لدى الطفل الرضيع يواصل تطوره بعد الولادة، بما يتناسب مع الأطعمة التي تُقدَّم للطفل في كل مرحلة من مراحل نموه.
ومن هنا كانت الأهمية البالغة أن تعرف الأم بعضًا من أساسيات التغذية لطفلها في العمر المناسب، حتى لا تُطعمه أطعمة لم يستعد جهازه الهضمي لها بعد، وتكون النتيجة إما اضطرابات هضمية وإسهالات، أو إصابته بمغص شديد أو حساسية من الطعام.
وفق الفرخ، يفرز الجهاز الهضمي للرضيع في البداية الخمائر المناسبة لهضم حليب الأم، وهو الغذاء الوحيد الأنسب له في الأشهر الأولى من عمره، ومع مرور الوقت، يبدأ جهازه الهضمي بالتطور تدريجيًا، فيُنتج خمائر جديدة، تقوم بهضم المواد الأخرى غير حليب الأم.
بعض الأطعمة المهروسة
تقول الفرخ: إن الأم أحيانًا تعمد إلى الإفراط في إعطاء النشويات للرضيع؛ بغية زيادة وزنه، ولكن الفائض من هذه المواد الغذائية التي لا يستطيع هضمها، سوف تتراكم في أمعائه، وبالتالي يتخمّر ويُنتج غازات تسبب المغص لديه.
وبحسب ما أوصت الفرخ، على الأم الامتناع عن تقديم العسل لرضيعها قبل بلوغه العام، وذلك بسبب احتواء العسل على حبوب اللقاح التي قد تسبب الحساسية لدى الرضيع، وخاصة أن جهازه المناعي غير قوي تمامًا، ويأخذ الخلايا المناعية من حليب أمه فقط.
أما من تُقدّم لرضيعها اللحوم المهروسة كالكبدة وغيرها من الأطعمة البروتينية قبل بلوغه العام، فإن ذلك غير مناسب على الإطلاق؛ إذ لا يُفضل تقديم أطعمة بروتينية محضّرة، حتى لو كانت مهروسة؛ لأن الخمائر المسؤولة عن هضمها غير موجودة بكمية وافية وبفاعلية كافية لهضمها، إذ تُعدّ اللحوم من الأطعمة الغنية بالبروتينات، ويُعدّ أنزيم الببتيديز، الذي يكون إفرازه قليلاً جدًا حتى الشهر الثالث من عمره، من الخمائر الهاضمة للبروتينات في الجسم؛ ما يعني صعوبة هضمها.
أما فيما يخص تقديم الدهون والزيوت للرضيع، فإن الدهون الموجودة في حليب الأم يتم امتصاصها بشكل عام في أمعائه، مقارنة مع الدهون من الحليب البقري، والتي لا يمكن امتصاصها بشكل كامل، لذلك يُفضل عدم إعطائه قبل الشهور التسعة الأولى من عمره أي نوع من الدهون، سواء أكان زيتًا أم زبدة أو دهنًا حيوانيًا؛ لأن أنزيم الليبيز المسؤول عن هضم الدهون ويفرزه البنكرياس يكون قليلًا جدًا عند الرضيع، مقارنة مع البالغين.
لذلك كله، نصحت الفرخ، بالتزام الأم بالرضاعة الطبيعية فقط خلال الأشهر الأولى من عمر الرضيع، والامتناع حتى عن تقديم الماء له؛ لاحتواء حليبها على نسبة جيدة من السوائل التي يحتاجها.