يعاني الكثير منّا من إدمان من نوع جديد، إنّه مخدرك الإلكتروني … الذي يكاد لا يفارق ناظريك، وتكاد تصاب بذبحة قلبية إن وضعت يدك على جيبك ولم تجده. لطالما كان بجانبك في وقت الملل ورفيقك “على الحلوة والمرّة”، بالمختصر يمكن اعتبار هاتفك المحمول صديقك المفضل … أليس كذلك؟ حتى وإن قلت لا عزيزي القارئ فإنّ التصاقه بيديك وعينيك الآن يقول العكس تماماً.
لقد فكرت مسبقًا بهذا الأمر … هل أنا مدمنة على استخدام هاتفي؟ هل هذا الإدمان حقيقي في الأصل؟ الجواب هو نعم وإن حاولت الإنكار!
من بين 7 مليار شخص، هناك حوالي 6 مليار يملكون هاتفاً محمولاً، وهذا رقم مخيف في الواقع! إذاً كيف يغير هاتفك المحمول حياتك، جسدك، وطريقة تفكيرك؟ الضرر الذي تتحدث عنه أمهاتنا كل يوم حقيقي! وأنّنا ملتصقون بهواتفنا أيضاً حقيقي.
اسأل نفسك “ما الذي يجب أن أعطيه اهتمامي حقاً؟”
يسعى مصممو التطبيقات لجذب اهتمامك بأية طريقة ممكنة، وكل تلك الإعلانات التي تظهر أمامك هي مزعجة وملفتة في نفس الوقت، هل تساءَلت يوماً لماذا معظم تطبيقات التواصل الاجتماعي مجانية؟ في الواقع المعلنون هم الزبائن والسلعة التي يحصلون عليها هي اهتمامك!
غيّر طريقة تفكيرك بهاتفك المحمول
معظمنا نربط استخدام الهاتف بقضاء وقت ممتع، التقاط سيلفي مع الأصدقاء، تطبيقات المحادثة، المجلات الإلكترونية وغيرها الكثير، عملياً نقلت هواياتك التي يمكنك ممارستها في الطبيعة والهواء الطلق إلى قطعة الزجاج والمعدن في يدك! الوقت الذي تقضيه مع هاتفك ليس بوقت فراغ مسلٍّ.
لا تفكر بالأمر على أساس “كيف أقضي وقتاً أقل مع هاتفي؟” بل اجعلها “كيف أقضي وقتاً أطول في حياتي الواقعية؟”
تجهز نفسياً للنجاح
حدد لنفسك هدفاً واصنع محفزات تدفعك للنجاح. إن أردت أن تمارس المطالعة أكثر، أبقِ كتاباً بجانبك! إن كنت ترغب بتعلم الطبخ، فعليك كتابة قائمة مشتريات لتبدأ بصنع المأكولات. وأيضاً، ليس عليك أن تعيد ترتيب غرفتك ليكون مقبس الشحن بجانب سريرك، ضع هاتفك في غرفة أخرى واعتمد على ساعة منبه عادية لتوقظك صباحاً.
اخلق منبهات
كثيراً ما نمسك هواتفنا فقط “لنرى ماذا هنالك من أخبار لدقائق”، ومن ثم تبدأ بالتحول لزومبي يُمضي نصف ساعة يتصفح حساباته على السوشال ميديا، ومن ثم تدخل في حلقة لا نهائية من التصفح والتنقل بين التطبيقات. يمكنك في هذه الحالة وضع شاشة قفل تسألك إن كنت تريد حقاً فتح الهاتف؟ أو استخدام غطاء مزعج للهاتف مثلاً؛ لينبهك أنّك تحمله لفترة طويلة.
أصغِ إلى جسدك
إن لاحظت أنّك في منتصف “حلقة التصفح اللانهائية” اسأل نفسك: هل تتنفس بشكل صحيح؟ هل وضعية عمودك الفقري صحية؟ كيف تشعر نفسياً؟ هل أنت سعيد؟ حزين؟ زومبي عديم الشعور؟ هل ترغب حقاً في استخدام الهاتف الآن؟ هل عليك حقاً استخدامه؟
كلما سألت نفسك هذه الأسئلة ستجد أنّه من غير المريح إبقاء الهاتف في يدك … وسيصبح أسهل أن تغير من سلوكك.
تمرن على الانفصال عن الهاتف
تذكر أنّك أنت وهاتفك عبارة عن فردين منفصلين! اتركه في المنزل بينما تذهب في نزهة مع الأصدقاء، تأمل الطبيعة بدلاً من التحقق من الإيميل. ستتفاجَأ في البداية كم أنت متعلق بهاتفك، وكم ترغب بشدة في تفحص إشعار الرسائل ذاك.
استغل التكنولوجيا لتحمي نفسك من التكنولوجيا
استخدم تطبيقات تعقب الوقت مثل: Moment أو Quality Time أو (OFFTIME) التي تظهر لك الوقت الذي مر على الشاشة، وهنالك تطبيقات أخرى فعّالة أكثر مثل: Freedom و Flipd، التي تحجب التطبيقات والمواقع التي ترغب بها عندما تريد أخذ استراحة.
هنالك تطبيق Forest: Stay focused الذي من خلاله يمكنك أن تزرع شجرةً وتحدد فترة نموها، وهي الفترة التي ترغب بها في الابتعاد عن هاتفك، إن أكملت الفترة التي حددتها تنمو شجرتك وإن لم تكمل ستموت! في النهاية سيكون لديك حديقة جميلة أو أرض جرداء!
اجعل من رؤية من يحملون هواتفهم تذكرةً لك لعدم استخدامه
تعلمون أنّه عندما يتثاءب أحد في قاعة ما، فإنّ كل من حوله يبدؤون بالتثاؤب بشكل متسلسل؟ الأمر ذاته مع الهاتف المحمول … حين ترى صديقك يمسك هاتفه سترغب تلقائياً بتفحص هاتفك. انتظر لحظة قبل وتذكر أنّك لا تريد أن تكون مثله، وليس عليك تفحص الهاتف، واستخدم هذا المحفز بشكل عكسي للوصول إلى هدفك.
اعتبر هذا الانفصال قضيةً وجوديةً!
إن فشلت بكل ما سبق، فكر بالأمر كالتالي: “هل من يلفظون أنفاسهم الأخيرة يقولون ليتني قضيت وقتاً أطول على فيسبوك؟” بالطبع لا، وكرر السؤال مرةً بعد مرة … في النهاية سترى أنّ كل ما يهم هو أن تستمع بكل لحظة من حياتك الواقعية، لا يهم من ذهب في رحلة سياحية أو من بدأ بعمل جديد على السوشال ميديا … ما يهم حقاً هو كل لحظة تعيشها لأقصاها على الأرض الواقع.
وتذكر أنّ الهاتف ليس جزءاً منك، وبالطبع ليس الصديق المفضل!