عن منشورات مرفأ في بيروت، صدرت أول انطولوجيا معاصرة لشعر المرأة الفلسطينية، اختارتها وقدمت لها الشاعرة والإعلامية والمترجمة الفلسطينية د. نداء يونس بعنوان “تلك الكلمة المقدسة”. تقع المجموعة في 300 صفحة من القطع المتوسط، وتحتوي سيرا ذاتية ومختارات شعرية لـ 23 شاعرة يمثلن أجيالا متعاقبة من الشاعرات الفلسطينيات المعاصرات اللواتي يكتبن قصيدة النثر من المهجر والمنافي، ومن فلسطين المحتلة عام 1948، كما هو الحال بالنسبة لشاعرات من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.
“لا يعكس هذا التقسيم بعدا سياسيا قسريا، بل يعكس علامة ثقافية لشعر هذه الجغرافيا الاستثنائية والمفككة، بل والفريدة في تاريخ الشعوب، كما يشكل عتبة لفهم كيف تفكر الشاعرات، وموضوعات اهتمامهن، وموقع الجسد الأنثوي وجسد فلسطين من شعرهن الذي تمنحه هذه الجغرافيا خصوصيته اللافتة، ويمكّن ليس فقط من الوقوف على شكل الصوت الشعري عبر هذه الأرض المحتلة والمنافي واختلافاته، بل يلقي الضوء على حركة الجسد الأنثوي في القصيدة وخارجها”.
“تبني هذه الأنطولوجيا على بحث تاريخي ونقدي، بموجبه تم اختيار هذه المجموعة – التي حاولنا جهدنا أن تضم أكبر عدد من الأصوات الشعرية التي تكتبها شاعرات فلسطينيات معاصرات، وبحيث تعكس بمجملها ثراء واختلاف وتعدد الأصوات، وتباينات لافتة في التجربة الشعرية وطراوتها وموضوعاتها وموقع فلسطين والجسد الأنثوي منها، وبما يتجاوز الرواد الأوائل”؛ وتحت شعار: “كثير من الشعر، كثير من الحياة”.
توفر هذه الأنطولوجيا ” نظرة بانورامية على الشعر الذي تكتبه الفلسطينيات منذ السبعينيات من القرن العشرين في المنافي والوطن المحتل؛ وتمنح من خلال قصائدهن على اختلافاتها وتباين عوالمها وتشابك طرق الحكي فيها الأفق لفهم أوسع لتشكل السرد الشعري في فلسطين وفي الدياسبورا وموضوعاته.”.
“إن الماء الذي تغتسل به القصائد هنا يفضي إلى سرد لا يرتدي ثياب البلاغة التقليدية، وبذهب إلى الإدهاش والتقاط المختلف أو الدرامي، كما يشتغل أحيانا كإزميل ينحت ويرسم ايقاعا مختلفا للحركة والسكون، هذه الايقاعات التي ترتبط بشكل وثيق بفردية الذات، وتنعكس ليس فقط من خلال الأنظمة السيميائية التي يتم توظيفها، لكن أيضا من خلال التراكب واللعب الذي يقدم ألعابا كثيرة لتبادل الوظائف ويحدد موقع قدم الشاعرات من العالم؛ لكنه الإيقاع الذي يتباين في مصدره بين الخارج الذي يقدم أدوات يمكنها أن تستخدم لإعداد تقرير إخباري أو سجل تاريخي كما لوصف شعري؛ وبين الداخل الغامض الخفي الذي يناضل للحرية من ثقل كل شيء والصراخ بصوت عالٍ؛ كما تختلف في قدرتها في توجيه الانتباه من الموضوع إلى الإسناد والإحالة”.
تشكل هذه الأصوات توطئة لتوطيد للفعل الشعري الأنثوي في فلسطين ولمستقبل الشعر الفلسطيني ذاته، كما تؤسس لاحتفاءات لاحقة بالمزيد من الشعر والشاعرات.
تصدر الأنطولوجيا – التي يتم العمل حاليا على ترجمتها إلى الفرنسية – قريبا عن دار النشر الفرنسية المنار.
■■■
نداء يونس: شاعرة وإعلامية ومترجمة فلسطينية من طولكرم، فلسطين (1977)، دكتوراه اعلام واتصال، وحاصلة على عدة شهادات جامعية عليا بامتياز في الاعلام الرقمي والاتصال والترجمة واللغات.. صدر لها سبعة دواوين شعرية: “أن تكون أكثر”، “بروفايل للسيد هو” “ديوان أنائيل”،” ليس إلا “،” امرأة عمياء تقود الحافلة”، “يأتي متأخرا” و”احتفاء باللاشئ”؛ وصدر لها أربعة مجموعات شعرية بالعربية وهي: “تأويل الخطأ” بتقديم أدونيس، و”كمثل السحب لا أعرف أين أقف” ضمن سلسلة شعر المرأة العربية التي أصدرها وأشرف عليها وقدم لها أدونيس، و”احتفاء باللاشئ” ضمن مشروع إشراقات الذي يصدره ويشرف عليه ويقدم له أدونيس، ومجموعة بالفرنسية تحت عنوان “لا اعرف الشعر” تقديم ادونيس أيضا.. ترجمت أشعارها إلى الإنجليزية والإيطالية ولغات أخرى. اختارت مجلةla Poesie الفرنسية قصائدها للنشر في العددين رقم 167 والعدد 177 الى جانب عدد من أهم شعراء العالم حاليا مثل ناظم حكمت، تُرجمت قصائدها الى الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والاسبانية. صدر لها عدد من المقالات والدراسات النقدية لأعمال ادبية منشورة، وعدد من المقالات الادبية والفكرية والفلسفية والأبحاث في الاعلام والاتصال والدبلوماسية الرقمية، قامت بترجمة ديوان الشاعرة الصينية الألفية لي تشينغ تشاو 李清照 (1084 – 1155) التي عاشت في عهد أسرة سونغ في القرن الثاني عشر، وتعد واحدة من أعظم الشاعرات في تاريخ الصين، وعلى قدم المساواة مع شكسبير، تحت عنوان: بحث، صيد، رغبة، تلَفُت. إضافة إلى عديد القصائد لشعراء عرب وفلسطينيين إلى الإنجليزية، شاركت في عدد من المهرجانات الدولية والعربية مثل جرش وسيت، كما شاركت في برنامج “شعراء من القارات الخمس” في فرنسا، وصدرت قصائدها في أنطولوجيا شعرية صادرة عن مهرجان سيت عام 2023. قامت يونس بإعداد وتقديم أنطولوجيا الشاعرات الفلسطينيات المعاصرات 2024، وتعكف بالتزامن على إعداد أنطولوجيا الشعراء الأسرى في سجون الاحتلال.