كتبت ميس حسون
اليوم امريكا تحارب مواطنيها الذين اوهمتهم لعقود انها صوت للحرية وانهم حريتها ، لكن على ما يبدو ان امريكا تُفصل الديمقراطية على مقاس مصالحها السياسية .
فها هي ام الديمقراطية كما تدعي تقمع اليوم الالاف الطلاب المحتجين على سياساتها تجاه الحرب التي تقودها حليفتها اسرائيل على غزة .
تتوالى مشاهد القمع الصادمة التي اتخذتها الحكومة الامريكية ضد المحتجين من طلاب واكاديميين في الجامعات من اعتقالات وضرب وسحل في سبيل اسكات صوت الانسانية الغالب.
لم تعلم الانظمة الحاكمة على مدار عقود ان الانسان هو المحرك الاول غير الثابت والذي يتطور ويتغير ويتبدل واليوم ها نحن نرى جيلا امريكيا منفتحا ومدركا لكل السياسات ومهما حاولت الانظمة اسكات الصوت الانساني الا انها ستفشل امام جيل ثائر ينتفض للحق والانسانية التي تُباد في غزة على مرآى العالم .
ان تصريحات المسؤولين الامريكيين منذ بداية الحرب على غزة ووقوف امريكا بكل وضوح الى جانب اسرائيل وتقذيم الدعم المادي والمعنوي لها على مدار ما يزيد عن نصف عام لم يحقق اي نتيجة تُذكر لكل الاوهام السياسية والعسكرية التي روجت لها امريكا واسرائيل سوا مزيداً من قتل المدنيين الابرياء وتدمير كل مرافق الحياة في غزة.
اليوم وبعد اشهر كثيرة على حمام الدم السائل والحرب غير الانسانية التي تمارسها اسرائيل بحماية امريكية على الفلسطينيين في غزة، ينتفض قلب امريكا الشاب في جسدها الخائر وتتعالى اصوات الحناجر الرافضة لما يحدث ظناً منهم ان الديمقراطية تتيح لهم حرية التعبير السلمي ولكن فشلت امريكا اليوم في الحفاظ على صورة وجهها الديمقراطي وكشفت عن انيابها الديكتاتورية لقمع صوت الانسانية في قلب اهم الصروح العلمية .
وعلى امتداد اكثر من عشرة ايام على الاحتجاجات الطلابية الامريكية المؤيدة للفلسطينيين والتي لازالت تمتد وتنتشر الى باقي الجامعات ، يبقى المشهد الانساني الرافض للظلم وويلات الحروب واثارها على الانسان في قائمة الصدارة ربما ما يحدث اليوم هو ثورة جديدة في قضايا الانسانية مهما اختلفت الجنسيات والاديان والمعتقدات الا ان الانسانية هي واحدة ، ربما اليوم على امريكا واسرائيل الادراك جيدا ان السلاح قد يقتل الجسد ولكنه بالمقابل يصنع فكرة اعظم هي فكرة الحرية التي لا تموت .