“حُب من أوّل نظرة” تبدو قصّة حٌب اعتياديّة، لكنّ “حُب من أوّل غسلة” يبدو أمرًا غير مألوف! البداية كانت على سرير غسيل الكلى في مستشفى بيت جالا الحكوميّ جنوب الضفة الغربيّة، حين تعرّف مالك على أريج.
ففي جلسّة غسيل الكلى الأولى للشاب المهندس، مالك فؤاد (27 عامًا) من مخيّم الدهيشة، تعرّف على خرّيجة كليّة التربية، الفتاة أريج نجاجرة (24 عامًا)، من قرية نحالين غرب بيت لحم.
تعرّف مالك على أريج في غرفة غسيل الكلى قبل نحو شهر. الاثنان وجدا أنّهما يليقان ببعضهما البعض؛ ظروفهما الصحيّة متشابهة، يتوجهان للغسيل ثلاث مرات أسبوعيًا، مدّة كلّ جلسة ثلاث ساعات على الأقل.
يقول مالك في حديثه لـ “القدس دوت كوم”، إنّهما قررا الخطوبة. فذهب ليطلب أريج من يد والدها. أخبره أنه يعاني فشلًا كلويًا مثل ابنته، وأخبره أيضًا أنهما يعرفان بعضهما جيّدًا، ويريدا معًا، مواجهة ظروف المرض والحياة القاسية.
سأل والد الفتاة عن أوضاع مالك الحياتيّة كما هو معتاد، وردّ له بالموافقة على خطوبة ابنته.
كان مالك أصيب بفشل كلويّ عام 2009، وسافر إلى مصر لزراعة كلية من متبرّع. لم يكن قد تجاوز 9 أعوام من عمره. وبعد سنوات، عاد الفشل الكلوي إليه مرّة أخرى، ليجد نفسه يعود لغسل الكلى. ما يعنيه هذا وفقًا لمالك، أنّه لم يستطع التقاط أنفاسه ليرتّب أموره من ناحية ماليّة، بالانخراط في عمله بالهندسة منذ أن تخرّج من الجامعة، لكنّه قرر الاستمرار في طريقه إلى النهاية، وافتتح محلًا صغيرًا لبيع الفلافل، مع أمل كبير بأن تتمكّن خطيبته من العمل كمعلمة في السلك الحكوميّ، لعلهما يقهرا الظروف الصعبة.
شيء آخر يتمنّاه مالك، أن يتم تبني مرضى الفشل الكلوي من قبل الحكومة، فالكثير منهم بحاجة إلى متبرعين، وتغطية مالية كبيرة، وذلك من خلال حملة كبيرة ربما تكون شعبية وبمساندة رسميه لتشجيع المتبرعين بالتبرّع لمن يحتاجون زراعة الكلى، وإعادة النظر في شروط التبرّع.
قبل نحو أسبوع، وتحديدًا يوم الجمعة الماضية، أقيم حفل الخطوبة بحضور الأهل والأصدقاء الذين تمنّوا للشبان حياة سعيدة.
أمّا أريج، فتنتظر انتهاء الفحوصات الطبيّة لوالدها الذي استعدّ بالتبرع بكليته لابنته.
الجدير بالذكر أنّ قسم غسيل الكلى في مستشفى بيت جالا الحكوميّ يضم 22 ماكينة غسيل، ويقصده ما لا يقل عن 40 مريضًا يوميًا.
بيت لحم – “القدس” – نجيب فراج –