طوباس – عبد الباسط خلف: تتبعت الحلقة الرابعة عشرة من سلسلة (نور) لوزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية نتائج الثانوية العامة، وفيها انتزعت بثينة جميل غنام المكان الأول من بين العشرة الأولى في محافظات الوطن بفرع العلوم الإنسانية، ونالت إيناس إياد أبو عرة الترتيب الثاني بالفرع العلمي. وحجزت مدرسة بنات عقابا الخضراء الثانوية المقعدين المتقدمين في أوائل فلسطين، وهي المدرسة الأولى الصديقة للبيئة في أبنيتها ومرافقها.
مترجمة وفرنسية
وقالت بثنية غنام: خسرت علامة في العربية وأخرى في الإنجليزية، التي أحلم بدراستها، وخلال الصفوف الأولى كانت هذه المادة تسبب لي التعب، وتخسرني المعدل المرتفع كشأن بقية المواد، فقررت تحدي الإنجليزية، إلى أن استطعت التفوق فيها، ودخلت قلبي، وشعرت بجمالها ومتعتها.
وتابعت: سأتخصص في الترجمة، وأحب العمل عبر شبكة الإنترنت، وسأضيف لدراستي في الجامعة العربية الأمريكية الفرنسية، وسأطور أكثر لغتي العربية.
حافظت بثينة على تفوقها منذ الطفولة، وحلت عقدتها مع الإنجليزية، وتلقت الخبر السار من والدها، بعد اتصال وزير التربية والتعليم العالي به، قبل إعلان النتائج، وقطعت بشارة الأب حالة الخوف والانتظار الذي عاشته، فبكت من شدة الفرح.
وأضافت: أدخلت السعادة إلى بيتنا، وشعرت بسعادة أبي وأمي، وخاصة أن فرصتهما في التعليم لم تكن كبيرة، واضطرا للانقطاع عن الدراسة قبل الثانوية العامة، وأنا السادسة التي أدخل الفرحة إلى بيتنا، فقد سبقني أخواني وأخواتي.
ووفق غنام، فإنها حرصت على عدم إجهاد نفسها، وتنظيم وقتها بعناية، وابتعدت عن مراكمة دروسها، واعتادت على الدراسة بمعدل خمس ساعات يوميًا متفرقة، مع النوم فترة كافية، والاستيقاظ فجرًا لمراجعة ما فاتها.
ووالت: الثانوية العامة كأي سنة دراسية، وتحتاج للتعب والجهد نفسه، ولكن له رهبة وتوتر، وشجعتني المديرية والمعلمات في مدرستنا الجديدة، وتعبت معنا المرشدة مها زيد كثيرًا، ووجهتنا كثيراً.
اتصال وفرح
فيما قطع الاتصال الهاتفي من وزير التربية والتعليم العالي صبري صيدم عمل جميل غنام، فقبل ساعة من الإعلان الرسمي، فاجأ الوزير الأب عن توقعاته لبثينة، صاحبة الترتيب السادس في العائلة، وأخبره بأنها الأولى في الفرع الأدبي، فطار من الفرح.
وقال: أسرعت إلى المدرسة، ووجدت المديرة والمعلمات والطالبات في حالة انتظار، ونقلت إليهن الخبر السعيد، فوقعت بثينة على الأرض، وصار تبكي من شدة الفرح، وشكرت المديرة آمنة أبو خيزران على اهتمامها الدائم ومتابعاتها للطالبات، حتى في أوقات خلال الامتحانات.
وأضاف غنام: تعلمت للصف الأول الإعدادي، وتوجهت لسوق العمل عام 1979، وتزوجت، واليوم أعمل في بيع الأدوات المستعملة، وعوضت خسارتي بتعليم أبنائي وتفوقهن، فمحمود يحمل الماجستير في الرياضيات ويحاضر بجامعة بيرزيت، ومهيب مهندس مدني، وتدرس بناتي اللغة الإنجليزية، والاقتصاد.
طبيبة وفنانة
فيما تسرد إيناس أبو عرة: خسرت علامتين في اللغة العربية والإنجليزية، ولم أتوقع أن أتميز لهذا الحد، وأحقق حلم طفولتي أن أكون من العشرة الأوائل، وانتابني الخوف من العربية وقت الامتحان، وكانت النتيجة صدمة جميلة لي.
ومضت: عرفت نتيجتي الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، وظلت أعصابي مشدودة، وكانت أمي تنتظر النتائج بفارغ الصبر، والفضل في تفوقي بعد الله لمديرتي آمنة أبو خيزران، التي كانت واثقة بي وحافظت على تشجيعي، وتتوقع لي أن أكون بالفعل في قائمة المتميزين على مستوى الوطن.
وقالت: شجعتني المعلمات دائمًا، وقدمن لي نصائح مستمرة، وأتعبت كثيرًا معلمة العربية بيان ناجي بأسئلتي المتواصلة، ومدرسة الفيزياء صفاء دراغمة، وكان والدي الأكثر فرحًا بتفوقي.
ووفق إيناس، فإن أقاربها اعتادوا خلال الطفولة أن يطلقوا عليها لقب “طبيبة المستقبل”، كما عرفت كأفراد جيلها ألعاب الأدوات الطبية، واليوم تمضي في أولى خطواتها نحو التخصص الذي أحبته، وكررت مشاهدة مقاطع وثائقية لعمليات جراحية معقدة، فازدادت شغفًا بما أحبت، وصارت تميل إلى التخصص في الجراحة العامة، وتتمتع بقوة شخصية يجعلها لا تخشى المشارط والدماء.
وتابعت أبو عرة: خياري الثاني الهندسة المعمارية، وأهوى الرسم، وسهرنا أمس في البيت حتى الخامسة فجرًا، ولم أدرس وقتًا طويلًا، وكنت حريصة على المتابعة اليومية للدروس، والتركيز خلال الحصص، وضاعفت جهودي خلال علامة، وحصلت على معدل 99,6 في الامتحان الوزاري.
ويعمل، والد إيناس في المقر الرئيس لوزارة التربية والتعليم، وظل يحاول منذ الظهيرة لمعرفة نتيجة ابنته إيناس، إلا أنه لم يستطع، وعاد إلى بلدته عقابا، دون أن ينتبه إلى الرسالة النصية التي تخبره بأن إيناس حصلت على المركز الثاني في لائحة العشرة الأوائل في الفرع العلمي، فاتصل به ابن أخيه لينقل له الخبر السار.
وقال الأب بفرح: حين اتصل بي ابن أخي، كنت في منتصف الطريق، وما أن علمت طرت من الفرح، وتمنيت لو كنت في طائرة لأكون في جوار ابنتي وعائلتي وأعيش أجواء الفرحة التي لا توصف.
وأنهى أبو عرة: تحمل إيناس الترتيب الثاني في العائلة، من بين 7 أبناء وبنات، ولم أتدخل في الخيار الذي ستحدده لدراستها، وستلتحق بكلية الطب في جامعة النجاح.
“خضراء” وتفوق
وقالت مديرة المدرسة الخضراء آمنة أبو خيزران إن طالباتها متفوقات منذ صفوفهن الأولى، كما حصلن على مراكز متقدمة على مستوى الوطن والمحافظة، ولديهن أنشطة ومبادرات وهوايات، وفزن في مسابقات ومبادرات.
وأضافت: لدينا 22 معلمة، و158 طالبة في الصفوف الثانوية، ونحرص على التواصل مع الطالبات خلال الامتحانات، ونقدم لهن دروس تقوية بين إجازتي الفصلين، وخاصة للفيزياء والكيمياء والرياضيات، وهذا العام نجحت كل طالبات الفرع العلمي، وعددهن 17، و40 في العلوم الإنسانية من أصل 44، وحقننا نتائج جيدة في الفرع التجاري.
وأنهت أبو خيزران: البيئة المدرسية مشجعة، وعدد الطالبات في الصفوف مناسب جدًا، ومدرستنا الأولى في فلسطين كبناء أخضر، فقد احتفلنا بتدشينها في آب 2016.