هي فنّانة، عاشقة للعلم، انتصرت فيها إرادة الحياة وجابهت المرض الخبيث بقوّة، حتّى أنّها تبعث الأمل بكلّ من يحيط بها، إنّها الطالبة فاطمة شمعوني التي أصبحت “حديث البلد” في اليومين الأخيرين، بعد حفل التخرّج الذي أقامته جمعية المبرات الخيريّة لطلابها الذين نجحوا في الشهادة الرسميّة.
فقد شاركت فاطمة التي كانت عاجزة عن المشي في حفل التخرّج، وحملها والدها الأستاذ بلال، وهو ناظر في مدرسة المجتبى، الى المسرح لكي تنال شهادتها، الأمر الذي كان محطّ إعجاب كثيرين على مواقع التواصل الإجتماعي.
”فاطمة” التي بدت مصمّمة على خط مستقبلها كما تريد، لا كما يشتهي مرض السرطان أن يفعل بها. وَروت “فاطمة” قصتها موضحةّ أنّها كانت تُعاني من ذلك المرض في الغدد الليمفوية، ونتيجة للعلاج الكيميائي الذي تلقته على مدار العام الماضي، فقد أصيبت بنخر في العظم تسبّب لها بألم في العمود الفقري ما منعها من المشي.
ولفتت الى أنّها لم تستطع الذهاب الى المدرسة، علمًا أنّها طالبة في مبرة الإمام الحسن، بسبب العلاج الكيميائي، لكنّها أصرّت على تقديم الإمتحانات الرسمية في فرع الإقتصاد والإجتماع، ولذلك فقد كثّفت دراستها خلال الشهرين اللذين سبقا إجراء الإمتحانات، وقالت: “كان يزورني أساتذة من المدرسة لدعمي ومساعدتي، وكنت أصل الأيام ببعضها خلال الدرس، حتى قدّمت الإمتحانات، حيثُ تلقيت الدعم أيضًا من مركز السان جود الذي تركّزت أجواؤه على تأمين الراحة النفسية والجسدية لنا، ونلت النتيجة التي أردتها، إذ حققت معدّل جيد”.
“لكن الإنتكاسة كان بعد يومين من النتيجة”، تقول فاطمة، مضيفةً: “أصبت بجرثومة ودخلت المستشفى ولم أستطع المشي، ويوم التخرج كنت لا أزال بالمستشفى، وسمح لي الطبيب بالخروج قبل ساعة فقط، واتجهت الى قاعة الحفل من دون أن أمرّ الى المنزل وأحضّر نفسي”.
وتابعت: “كانت المسافة طويلة إلى قاعة الحسنين، فحملني والدي، وعندما رآه الحاضرون وقفوا وصفقوا له، ولدى إلقاء مدير عام جمعية المبرات الخيرية الدكتور محمد باقر فضل الله كلمته، توجّه لي قائلاً: “تخرجك أحلى تخرج ونجاحك أحلى نجاح”.
ثمّ طُلب مني أن أكون أوّل الصاعدين الى المسرح لأنال التكريم، فما كان من والدي إلا أن حملني وسط تأثّر الحاضرين وتشجيعهم.
وأعربت فاطمة عن شكرها الكبير لمدارس المبرات وآل فضل الله على ما قدّموه لها، مضيفةً: “أشكر مديري وناظرتي ووالديّ اللذين سانداني كثيرًا”.
وعن الإختصاص الذي اختارت أن تُكمله في الجامعة، قالت: “graphic design فالغرافيك مجالاته كبيرة وأميل الى الفن ومصممة على النجاح رغم الخمول الإقتصادي في البلد”، مضيفةً: “يمكن للإنسان أن يتعلّم الرسم لكن الفن موهبة خاصة”، وتابعت: “أفكّر باختصاص آخر أيضًا هو التربية الموسيقية لأنني أعزف وأغنّي”.
وختمت فاطمة حديثها بالقول: “يمكن للقوي والذي يتمتّع بإرادة أن ينجح ولا يجب أن نستسلم، وعلينا أن ننظر لكلّ شيء في الدنيا بمنحى ايجابي”، مضيفةً: “لو أُصبت بالشلل سأستمرّ وأحقق أهدافي ولا شيء سيقف بوجهي أو يعرقل إرادتي”.