اتخذت خطوتي بالارتباط للهروب من أيام عانيت منها الكثير بسبب أشقائي وتسلّط نسائهم، وشاء القدر أن يعرّفني دهان سبق وطلى منزل والدي على رجل ضرير يحمل الجنسية السورية يريد فتاة تشاركه ظلمة الحياة، كان بالنسبة إليّ طوق النجاة من ظروف لم أعد اقوى على تحمل اثقالها، لبست الابيض وزففت اليه، لأبدأ مرحلة جديدة من العمر لا اعلم ما تخبئه لي”… بهذه العبارات بدأت حسّانة عيتاني بسرد قصتها، بين الدموع والضحك على واقع أوجعها حتى النخاع متحدثة عن فقدان والديها وإشكالها مع أشقائها.
البحث عن مأوى
في أحد زواريب شارع صبرا الضيقة في لبنان، تسكن حسانه مع زوجها منذ سنة، في الطبقة الثانية من شبه مبنى تخبئ اوجاعها بين أربعة جدران، فهي التي جار الزمن عليها بعد وفاة والديها منذ اربع سنوات، لتجد نفسها بلا سند ومأوى، وقالت: “ستة أشهر فصلت بين معرفتي بزوجي احمد والانتقال للسكن معه في شارع صبرا، لا سيما بعدما اطلعني انه يملك منزلاً ومحلاً في حمص وقطعة ارض، واعداً اياي ان نسافر الى هناك حين يتوقف جريان نهر الدم، اذ لا ايجار بيت كما هو الحال الان حيث أدفع 400 الف ليرة شهرياً، ولا غلاء معيشة”.
آلام نفسية وجسدية
اقامت حسانة (44 سنة) شبه حفل زفاف، وكل املها ان تتحسّن حياتها شارحةً: “نحاول ان نكمل ما تبقى لنا من سنوات على الارض مع بعضنا البعض، وعلى الرغم من ان زوجي ضرير، الا اني اشعر بالراحة معه، فهو حنون، يحاول جهده لإسعادي، يعمل في محل لبيع ادوات التنظيف، كما اني احاول اعانته من خلال استلام طباعة نصوص كلما حانت لي فرصة، لكن حتى في هذا العمل عاندتني الحياة، فأصبت بالديسك بيدي اليمنى، ومنذ شهرين لم يفارقني الوجع، واليوم اجريت صورة لها على نفقة وزارة الصحة حيث انتظرت 4 ايام كي احصل على الموافقة، عدا عن اني اشعر بالاكتئاب منذ ان خضعت لعملية في الغدة”.
احاسيس مضطربة
لم يكن وضع حسانة كما قالت افضل قبل الزواج، تبكي بحرقة لتعاود الضحك من القهر، احاسيسها مضطربة، تهزأ من واقعها، تحاول كسر روتينها لكن من دون نتيجة، لذلك تحاول تهدئة نفسها بترديد عبارة، سياتي اليوم وأسافر الى سوريا، حيث المعيشة افضل، والطبابة مؤمنة، بل وربما الى اوروبا اذا فتح باب الهجرة، لا احد يعلم ربما يشفق عليّ القدر ويمنحني فرصة ولو لمرة واحدة في العمر”، تبتسم بسخرية قبل ان تتوجه الى الخزانة وتجلب صور زفافها، تعاود الحديث عن زوجها، والحادثة التي أفقدته 85 في المئة من بصره حيث قالت: “لم يولد احمد اعمى، كان يرى مثلنا، لكن قبل اربع سنوات اصيب بخردق في عينيه”.
ويبقى الأمل
تحلم حسانة بإنجاب طفل، ربما ينسيها تفاصيل الأيام المريرة التي ترافقها منذ سنوات، متمنية ان “تنظر الدولة الى وضع المرأة اللبنانية، التي تجد نفسها في الشارع عند أي اشكال مع أفراد عائلتها او طلاقها ووفاة زوجها”، مضيفة: “على عكس ما تحاول معظم جمعيات المرأة اظهاره من محاولة حل قضايانا والاخذ بيدنا، فإنه على الارض نحتاج مزيداً من الدعم”. وعما إن كانت تخشى الندم يوماً على خطوة زواجها من رجل يحمل جنسية غير لبنانية بسبب ما ستعانيه من منح جنسيتها لاولادها، أجابت “ربما قد اندم لو استمريت في العيش هنا، لكنني انتظر ان تسنح لي الفرصة وارحل من لبنان، كي اتابع رحلتي في بلد آخر”. (النهار اللبنانية)