تداول مستخدمو مواقع التواصل في الأردن رسالة كتبتها أم لابنها الذي فقدته أمس الخميس، في حادث غرق حافلة مدرسية خلال السيول التي اجتاحت منطقة البحر الميت.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي في الوطن العربي بحزن ومواساة، العديد من الصور لضحايا حادث البحر الميت في الأردن.وأثارت…
وشدد المغردون على الألم الذي عبّرت عنه الأم المفجوعة بموت ابنها. وكتبت الأم لابنها في هذه الرسالة المؤثرة أنها كانت خائفة عليه من البرد حيث طلبت منه قبل الذهاب في الرحلة المدرسية لبس “جاكيت”، إلا أنه بات اليوم في برد ثلاجة حفظ الموتى… مذكرةً بأن ابنها يخاف العتمة.
وتابعت الأم أنها لم تبك ابنها بعد حيث أنها لا تزال تنتظر أن يدق عليها الباب ويعود لبيته.. ووعدت الأم ابنها، الذي لا تزال تنتظر عودته، بأن لا تؤنبه لو رمى شنطته في نصف الدار أو دخل بحذائه الوسخ إلى البيت.. متمنيةً أن تشم رائحته مرة أخرى وتنظر لعينيه.
وجاء في رسالة الأم المكلومة: “كنت خايفه عليك من البرد حكيتلك خد معك جاكيت تغير الجو، بس ما كنت عارفه انه برد التلاجه وصقيعها اللي رح تنام فيه اليوم كل النار اللي بقلبي ما رح تدفيه، تلاجه بارده، معتمه، و انت بتخاف من العتمه كتير، انا لسا عم بستناك السما اليوم بكيت عليك كتير بس أنا لسا ما بكيت أنا عم بسمع الباب بيدق وعم بسمع صوتك وانت بتنادي علي وبتقلي يما رجعت! أنا بوعدك اليوم لو رميت شنطتك بنص الدار ودخلت ببوطك اللي كله طين علسجاد ما رح أصرخ عليك، اليوم انت كنت طالع تنبسط وأنا مسامحتك لو شو ما تعمل بس خليني أشم ريحتك و أتطلع بعيونك اللي بتوزع علدنيا كلها فرح، انت تأخرت كتير انا واخوتك وابوك علشباك بنستناك الدنيا برد وعتمه، صوت قلوبنا اللي بتصرخ وبتناديك أقوى من صوت كل العواصف اللي بره، سامعنا يا حبيبي احنا عم نستناك، طولت كتير”.
ولم يستفق الشاب منذر العزة من هول الصدمة عندما بلغه خبر وفاة ابنته ريم في فاجعة حادث الرحلة المدرسية في منطقة البحر الميت في الأردن، بعدما جرفت مياه السيول الهادرة جسدها الغض وصديقاتها إلى البحر.
إلا أن الصدمة الأكثر قسوة التي وقعت على منذر كانت إعلان أن ابنته الثانية هند في عداد المفقودين، فلم يغمض له جفن طوال اليوم، ولم يهدأ له بال وهو يفكر في مصير ابنته الثانية، داعيا الله أن تكون على قيد الحياة.
ظلت هذه الحال حتى قطع تفكيره الطبيب المختص، طالبا منه بأن يصحبه إلى غرفة الموتى للتعرف على جثمان ابنته هند فجر الجمعة، بعدما تمكنت فرق الإنقاذ من إخراجها من البحر الميت.
ساعات يوم الجمعة مرت ثقيلة على منذر وعائلته؛ فهول الصدمة منعه من الحديث فالتزم الصمت، ولم يقطع صمته إلا والد طالب فقد ابنه الوحيد عندما جاء ليواسيه ويواسي نفسه في مصيبتهما.
قصص مؤلمة
وعلى أبواب قسم الطب الشرعي في مستشفى البشير الحكومي، تجمعت العائلات المنكوبة، تتبادل التعازي في ما بينها، تواسي بعضها بعضا، وسط حالات الإغماء والدموع.
منذ ساعات الصباح الباكر، توافد أهالي الطلبة الموتى على ساحة الطب الشرعي ليأخذوا جثامين أطفالهم لدفنها، وأولوية التسليم كانت بحسب وقت الوفاة، فمن وجدته فرق الإنقاذ عصر الخميس سُلم جثمانه لذويه باكرا.
القصص تتعدد بين ذوي الضحايا المتواجدين في ساحة المستشفى، فهنا أب جاء لأخذ جثة ابنه ذي 13 عاما، ولم يمض على وفاة ابنه البكر سوى ثلاثة أعوام بسبب حادث سير.
وهذا والد فتاة عمرها 15 عاما عاد لتوه من دولة خليجية ليحتضن جسد ابنته، بعد فراق دام عامين لم ير فيها ابنته.
الكارثة لم تتوقف على الأردنيين فقط، بل تعدتهم لتشمل ثلاثة عراقيين: اثنين من طلاب المدرسة، وفتاة في العشرينيات من العمر يُعتقد بأنها من المرافقين للرحلة المدرسية.
النظرة الأخيرة
الطلبة الجرحى في الحادث الذين غادروا المستشفيات حرصوا على مشاركة العائلات في إلقاء النظرة الأخيرة على زملائهم الذين قضوا، وبعضهم يعاني من كسور بالغة، ولكنهم أبوا إلا أن يحضروا لوداع أصدقائهم.
وقال الملك في تغريدته على تويتر “حزني وألمي شديد وكبير، ولا يوازيه إلا غضبي على كل من قصّر في اتخاذ الإجراءات التي كان من الممكن أن تمنع وقوع هذه الحادثة الأليمة. أعزي نفسي وأعزي الأردن بفقدان أفراد من أهلي وأسرتي الكبيرة، فمصاب كل أب وأم وأسرة هو مصابي. إنا لله وإنا إليه راجعون”.
وسائل التواصل في الأردن ضجت على مدى اليومين بالغضب من الحادث، وتناقلت تغريدة لملك الأردن عبد الله الثاني ابن الحسين نعى فيها موتى الحادث الأليم.
يشار إلى أن عمليات البحث والإنقاذ والتفتيش مستمرة حتى الآن للعثور على أشخاص مفقودين، رغم وعورة المنطقة وغزارة الأمطار وتشكل السيول وما رافقها من طمي وأتربة، وحدوث بعض الانهيارات في المنطقة كانت سبباً في إعاقة عمليات البحث والتمشيط.
وتمكنت الفرق المشاركة من إنقاذ (35) شخصا، وصفت حالتهم بين المتوسطة والبسيطة، في حين تم انتشال (21) حالة وفاة.