بقلم: عيسى قراقع
انا المقتولة أعلاه بتهمة جريمة شرف ،لأني امرأة أمارس إنسانيتي وحريتي ، لي صوتي وجسدي وأحلامي، ارفض أن أكون أسيرة لرجل يدعي أنه يملكني، يضربني متى يشاء ويستبيح جسدي متى يشاء، يسجنني بين السرير وذكوريته المطلقة، يغرز سكينة في رقبتي عندما أتمرد أو احتج أو اشتكي، ويدعي بعد ذلك أمام قبيلته أنه غسل العار بالدم.
أنا خائفة ومرتعبة، أحبس أنفاسي كل ليلة وأصبر على جنون هذا الرجل الذي يهشمني ويدمرني، ويستغل تحملي لأجل الأطفال والأسرة والحياة، وعلي أن أظل المرأة المطيعة، ظل زوجها،ذيله، المشكوك فيها دائما ، الناقصة الأضلاع والعقل، الجاهزة دوما لإرادته وجبروته، محروم علي الضعف والبكاء والتذمر ، لا أحد يسمع ويرى، وباسم السترة والسمعة وثقافة الغالب على المغلوب أذبح في ذلك الصمت.
انا المقتولة أعلاه ، الفتاة التي خطفت وقتلت على يد قراصنة سفاحين ، وقد وجدتموني جثة هامدة في أحد الوديان، لم يسألني أحد ماذا جرى معي، ما لون الفزع ورائحة الموت، ليبدأ التأويل والتحليل والإشاعات دون تهمة أو محاكمة ، لأموت مرتين وتموت عائلتي ألف مرة، ويبدو أن موت الأنثى يرتبط في ثقافتنا وخيالنا الذكوري بالشرف ليعطي غطاءا وتبريرا لتحليل الجريمة ، ما دامت المقتولة أنثى، والفتاة جميلة.
انا المقتولة أعلاه ، وجدتموني متحللة في بئر ماء بعد 13 شهرا من اختطافي، قتلني رجال متوحشون ينطقون باسم الله في الأرض ،لم يستجيبوا لتوسلاتي ، حكموني بالإعدام دون شهود أو دفاع وخنقوني، أشكالهم صحراوية، وعيونهم تطفح بالقسوة كأنها وحوش كاسرة، انتصروا علي، ربطوني وزجوني في قاع البئر العميق.
لم أجد أحدا، ناديت على أبي وعلى إخوتي ليخرجوني من هذا الجب، لست يوسف ولا الفاعلون إخوتي، ولا أحد عشر كوكبا فوق رأسي ، وكأني رأيت القتلة يتوضأون ويقيمون بعد ذلك الصلاة،، معتقدين أنهم سلكوا الطريق إلى الجنة، وأنا سلكت الطريق الذي اختاروه إلى جهنم.
انا المقتولة أعلاه بتهمة جريمة شرف، قلت للقاضي في قاعة المحكمة: هم الذين اغتصبوني وهددوني، وعندما اكتشفوا أني حامل أرادوا أن يذبحوني لإخفاء الفضيحة، لم أجد دورا للحماية تحميني من رواية الرجال وملاحقتهم، ولم يصدق أحد أني بريئة وضحية ما دام الرجل يقف في الساحة، والعذر المبرر مصير القاتل والمعتدي، وعلي أن أقبل موتي ومصيري، لأن قانون العقوبات الفلسطيني ينطق باسم الرجال، والمرأة لازالت في أساطير الكراهية هي مصدر الخطيئة.
انا المقتولة أعلاه بتهمة جريمة شرف، حبسني زوجي وأقاربي لأكثر من عشر سنوات في تلك السقيفة ، تحولت إلى دابة، نسيت أنوثتي وأن خلف الباب حياة وكلام وبشر وسماء ، كان هناك سجان يلقي علي الطعام من تحت الباب المغلق، وعندما عثرت الشرطة علي أصابهم الرعب، رأوا كائنا حيا يشبه الوحش، ولم يصدقوا أن هذا الوحش هو امرأة أو