توفيت “نتيجة لمضاعفات الإصابات المتعددة التي تعرضت لها”
الطب الشرعي يؤكد صحة التقرير الطبي المسرّب لأسباب وفاة إسراء غريب
وطن: أكد الدكتور ريان العلي مدير الطب الشرعي المكلف في وزارة العدل الفلسطينية، صحة تقرير الطب القضائي المسرّب لأسباب وفاة الفتاة إسراء غريب.
وقال العلي خلال استضافته في برنامج “شد حيلك يا وطن” الذي يبث على شبكة وطن الإعلامية إن التقرير الطبي القضائي المسرّب حقيقي، والأختام حقيقية وصحيحة.
وأضاف أن الطب الشرعي سلّم التقرير ليلة أمس للنيابة العامة، وعلى ما يبدو فإنه قد تم تسريبه بعدها بلحظات.
وقد حصلت وطن على نسخة من التقرير الطبي، الذي يكشف عن أسباب وفاة الفتاة إسراء غريب، وينظر كما هو موجود في التقرير أن إسراء توفيت نتيجة “قصور حاد بالجهاز التنفسي والأنسجة تحت الجلد وفي الصدر ،نتيجة لمضاعفات الإصابات المتعددة التي تعرضت لها…”.
وقد أكد د. ريان العلي مدير الطب الشرعي المكلف في وزارة العدل، لـوطن صحة الوثائق المسربة بشأن تقرير اسباب وفاة الفتاة اسراء غريب، مدللا على ترويسة التقارير الطبية صحيحة، وختم الطبيب الشرعي ايضا، ويظهر في الوثائق افادة الطبيب الشرعي لدى النيابة العامة.
ونفى العلي ان الوثائق قد سربت من قبل دائرة الطب الشرعي، لأنها تحمل تأشيرة النيابة العامة على انها سُلمت وأُبرزت ومُيزت، كما ان الاختام الجانبية صحيحة، وان معاون النيابة الذي قام بسماع الطبيب الشرعي قد أشر على التقرير ودونه في رقم وهنا موجود رقم وتاريخ الاستلام 10/9/2019 اي بالامس (الثلاثاء).
واكد د.العلي خلال حديثه في برنامج “شد حيلك يا وطن” الذي تقدمه ريم العمري عبر شبكة وطن الاعلامية، أنه لم يتم تسريب قبل هذه الحادثة اي تقرير في منطقة شمال الضفة.
وبشأن طبيعة عمل الطب الشرعي وتكليف النيابة للطبيب الشرعي، أوضح العلي أن “النيابة هي الجهة المخولة وتكلف من تشاء من الاطباء، إذ أن الطبيب الذي شرّح الجثة هو اقدر على معرفة جميع محتويات التقرير، ولا استيطع التعليق على تقرير زميلي لاني لم اشارك في التشريح، ولايتم ارسال التقرير وتدقيقه بعد الزملاء لان الطبيب المشرّح حاصل على اختصاص في الطب الشرعي وعلى البورد الفلسطيني وهو قادر على اجراء مهامه بشكل جيد”.
لم أكن على رأس اللجنة المكلفة بالتشريح
واشار د. العلي، الى أن “المدير الطبي لا يشارك في كافة حالات التشريح في منطقة ليست منطقته، حيث المسمى الوظيفي لي اختصاصي طب شرعي، وانا اقوم بالعمل في التشريح وزيارة مسارح جريمة واغطي محافظتي، واتابع الزملاء في حال احتاجوا لاستشارة او مساعدة في اي حالة، لكن حينما يتم تكليف اي طبيب فإنه على دراية تامة اذا كان بحاجة لمساعدة ام لا”.
واردف، “حينما حولت جثة اسراء للطبيب لم تكن قضية رأي عام، وكانت قضية وفاة فجائية، وقام الطبيب بالكشف على الحالة في 22 الشهر الماضي وحولت الى التشريح ثاني يوم (الجمعة)، فهو أدرى ان كان بحاجة لتشكيل لجنة ام لا ولم يرتأي لضرورة تشكيل لجنة في حينه”.
“الدكتور اشرف القاضي مُصنّف كرئيس لجنة في منطقة الجنوب، واذا ارتأى وهو الطبيب المشرّح لجثة اسراء ان الامر يحتاج لتشكيل لجنة فإن له الخيار في تشكيلها من عدمه” بحسب د.العلي.
وتابع حديثه، “تم تشريح جثة اسراء واخذ العينات وطلب الملفات لمراجعتها، من ثم أثيرت كقضية رأي عام، هي كأي حالة وفاة تصلنا الطبيب يشرّحها يأخذ فحوصات نسيج وسوائل جسم ويطلع على الملفات الطبية وثم يصدر التقرير بعد جهوزية الفحوصات، ولكن ماحصل ان المدير الطبي ارتأي بأنه يجب ارسال عينات، فيتم تسهيل مهمة ارسالها، اذا كانت عينات سميّة يتم ارسالها للمختبر الجنائي الاردني، ويتم جمع العينات وارسالها دفعة واحدة او اي موظف في الدائرة وهذه المرحلة تأخذ حوالي الاسبوع وبعد عودة الطبيب بالنتائج يقوم باجراء الفحوصات النسيجية وهو طبيب علم الامراض النسجيي معتز النتشة، بعد الاتفاق مع وزراة الصحة لاجرائها في مختبرات الوزراة”.
التقارير الطبية تأخذ في العادة من اسبوعين الى ثلاثة اسابيع اذا احتاجت فحوصات، وفي نهاية العام حصلنا على دعم من الحكومة لانشاء مختبر و تم المصادقة عليه، وفي شهر كانون اول/ديسمبر القادم سيتم توريد اول جهاز يصل الشرق الاوسط للكشف عن السموم.
واكد د. العلي، أن العينة عادة تؤخذ مرة واحد وكاملة من سوائل الجسم قبل تسليم الجثة لذويها، ولم تحصل اعادة نبش قبر لأخذ عينات من قبل.
واشار الى ان عينات السوائل والسموم ترسل الى الاردن في العادة، وارسلت في حالة اسراء مع الطبيب معتز النتشة وهو مختص علوم الامراض، وبعد عودته قام باجراء الفحص النسيجي في مجمع فلسطين الطبي.
وعندما نعطي تصريح الدفن، تسليم الجثة لذويها لدفنها ويكتب في التصريح سبب الوفاة “معلوم لدى النيابة”، ليُسمح بالدفن، ولانتدخل بالدفن ونتابع في الفحوصات والتقارير الطبية.
استقالة 3 من الاطباء الشرعيين
وعن سبب استقالة الاطباء الشرعيين، كشف د. العلي على انهم يرون ان حقوقهم مهضومة وغير منصفين، فكانت لديهم دائما مطالبات بتحسين رواتبهم ودفع بدل مواصلات متحركة وبدل مناوبات، وهذا مطلب للجميع ولكن تفاجأنا ان الاطباء قدموا الاستقالة، حيث يوجد لدى اثنين من الاطباء المستقيلين انذار نهائي بالفصل، بسبب عدم الالتزام في الدوام الرسمي وعدم الاستجابة لاتصالات النيابة العامة وعدم الخروج لمسارح الجريمة وحضور التشريح، بدعوى انهم لاستيطعون التنقل على حسابهم الشخصي، وأحد الاطباء لديه قضية في محكمة الفساد، واخر يخضع للجنة تحقيق لانه منذ عودته الى ارض الوطن لم يلتزم بعمله في الخليل ولم يلتزم بقرار الوزير.
ازدواجية العمل مابين التدريس والتشريح!!
وفي دفاعه عن قضية ازدواجية العمل المتعلق به، قال د.العلي، ” انا مُبتعث من جامعة النجاح في 2005 للتخصص في الطب الشرعي، في وقتها تم انشاء معهد الطب العدلي في الجامعة وتم فصل كلية الطب عن كلية القدس، وتم ابرام اتفاقيات ما بين الحكومة السابقة في 2006، وكان وزير العدل فريد الجلاد والاتفاقية الاخرى كانت في زمن وزير العدل احمد الخالدي، وحين الانتهاء من الاختصاص عدت للعمل كعضو هيئة تدريس وتم الاستعانة بي من قبل وزارة العدل ضمن هذه الاتفاقيات لان معاهد الطب العدلي لاتتقاضى مقابل هذه الخدمات، ومعهد الطب العدلي في جامعة النجاح يقدم خدمة مجانية، لذلك لايستيطعوا ان يدفعوا لطبيبهم، هذا العمل من عام 2011″.
واكد أن ازدواجية العمل لاتؤثر على عمل الطب الشرعي، حيث في حالات التشريح نقوم بإعداد التقارير بشكل كامل، فالمعهد في جامعة النجاح والتدريس في الجامعة نفسها ايضا، رغم اقراره بأنها مخالفة لقانون الخدمة المدنية.
وشدد في حديثه على أن هذه ليست خروقات، إذ يوجد استثناء من وزارة العدل وحكومة سلام فياض في 2011، تنص على الاستعانة بالطبيب العدلي المتوفر لدى الجامعة لانها لاتدفع له مقابل تشريح بل مقابل تدريس فقط، وهذا كان ايضا ضمن الاتفاقيات الموقعة.
من كان في الطب الشرعي سابقا هم اطباء عامين!!
الطب الشرعي مر بمراحل عدة ونكسات، لم يكن في الطب الشرعي منذ نشأته ابطاء ذوي اختصاص بل كانوا اطباء عاميين تم نقلهم من وزراة الصحة، في عام 2009 اصبح لدينا 3 اطباء شرعيين، وفي 2013 تم ابتعاث 8 اطباء في الطب الشرعي للنقص الحاد في الاطباء الشرعيين.
وفي رده حول ماتداول بشأن تكليف يسري عليوي مدير لدائرة الطب الشرعي بدلا منه لانشغاله في وظيفته الثانية، قال العلي: الاستاذ يسري عليوي هو المدير الاداري للطب الشرعي من 2015، انا لم اكن مديرا حينها، ويحمل بكالوريس في الشريعة وماجستير في الدراسات الاقليمية وهو مدير درجة a، وعمل لخمس سنوات كمدير لدائرة شؤون الموظفين، وتم تكليفه بإدارة دائرة الطب الشرعي فلم يكن هناك مدير في حينه.
وتابع العلي “الاستاذ يسري يتابع الامور الادارية فقط ولايقوم بالتوقيع على اي من التقارير، ولايقوم الا بالمراسلات الادارية مابين المحاكم”، نافيا صحة ما تم تداوله حول اشرافه على الحالات وانتحال شخصية طبيب.
اما الاستاذ سلامة عويس، والحاصل على ماجستير صيدلة سريرية، وهو مكلف بإدارة المعمل الجنائي يقوم بالتوقيع على فحوصات المعمل الجنائي، وهي التحري عن الكحول والمخدرات في بول الانسان، ومن ثم يقوم مدير المعمل الجنائي بالتوقيع عليها، والاستاذ يسري علوي لايوقع على تقارير طب شرعي، واصلا هذه الحالات لا تحول لطبيب بل تحول للمعمل الجنائي، وفق العلي.
اتفاقية مع الحكومة للدفع للمعاهد مقابل التشريح
وعن تجهيز عيادات مجتمعية ذات طب شرعي في المشافي، يقول ان العيادات المذكورة هي دعم من un odc، بالتعاون مع وزارة الصحة، وهي عيادات مخصصة للفحوصات الجنسية وتم انشاء اربعة منها، وعيادة وحدة نموذجية في مجمع فلسطين الطبي فقط، وتم انشاء مشرحة في مستشفى في الخليل في 2010 ولم تعمل لعدم استكمال المعدات.
المعاهد تعمل بشكل مجاني، في 2018 تم عقد اتفاقية على اساس يتم دفع للمعاهد مبالغ مقابل التشريح، ولكن حتى اللحظة تقدم الجامعات الخدمة مجانية، ويفترض من الحكومة ان تقوم بالدفع لتدعمه.
“وطن” تطالب بتحقيق
وكان من المفترض ان يكون الناطق باسم الحكومة ابراهيم ملحم ضيفا في الحلقة، لكنه اعتذر عن الحضور لذلك تطالب وطنالحكومة بتحقيق واسع يطلع عليه الرأي العام عن كل مايجري في داخل دائرة الطب الشرعي، وما يحدث فيها، ومن يصادق على التقارير ويوقعها وكيف تكتب ولمن تسلم، وكثير من التساؤلات يطرحها الرأي العام.
تحقيق الحدث- وكيل وزارة العدل يضلل النائب العام في قضية إسراء غريب
تجاوزات خطيرة في دائرة الطب الشرعي
عينات أنسجة الجسم لم ترسل إلى الأردن
الوكيل أوهم النائب العام بأنها أرسلت للفحص ولكن ما أرسل هو عينات السوائل فقط
تم البدء بفحص الأنسجة الخاصة بـ “إسراء غريب” بتاريخ 8-9-2019 بعد كشف “الحدث” عن استقالة الأطباء الشرعيين الثلاثة
تجاوزات خطيرة في دائرة الطب الشرعي تسببت في إدانة مواطنين وتبرئة آخرين
تزوير في أوراق رسمية وانتحال شخصيات أطباء شرعيين والتوقيع بدلا عنهم
المدير الطبي أبرز الغائبين عن قضية إسراء بسبب ازدواجية العمل في جامعة النجاح
المدير الإداري يحمل شهادة التربية الإسلامية ويوقع بدلاً عن الأطباء ودون علمهم
العبث بعينات أفراد من الأجهزة الأمنية الفلسطينية
تحقيق الحدث- سجود عاصي
إن قضية إسراء غريب بما حملت من تساؤلات وأوجاع وتأمل في واقعنا القانوني والاجتماعي، دفعتنا للكشف عن تفاصيل ومعلومات ومعطيات كنا نبحث فيها منذ أشهر فيما يخص عمل دائرة الطب الشرعي في فلسطين، وذلك بعد حصولنا على معلومات حول شبهات مخالفات في عمل الدائرة. لقد تواصلنا قبل عدة أشهر مع جامعة النجاح الوطنية واستفسرنا من خلالهم عن عمل مدير الطب الشرعي الفلسطيني ريان العلي في التدريس في الجامعة، وأكدوا لنا في حينها أنهم سيعملون على فحص الأمر، وأنهم لن يقبلوا بازدواجية المهنة. بعدها حصلنا على وثيقة بالمساقات التي يقوم الدكتور العلي بتدريسها في الجامعة، وتبين لنا أنه بالإضافة لعمله كمدير للطب الشرعي، يعمل كذلك مدرسا في الجامعة ومديرا لمختبراتها.
لكن شاءت الأقدار، أن تتزامن كتابة هذا التقرير مع قضية إسراء غريب، لتصبح محورا مهما فيه، فلقد هزت قضية المرحومة “إسراء غريب” الرأي العام الفلسطيني وحتى الدولي، ودفعته للتساؤل في كل الاتجاهات، مرة باتجاه أهلها، وأخرى باتجاه الإجراءات، ولم يغفل الرأي العام عن المؤسسات التي تُعنى بهكذا قضايا وتقع في دوائر اختصاصها. لقد أخذت قضية الفتاة غريب وقتا طويلا قبل الإفصاح عن حقيقة ما جرى معها، وحتى كتابة هذا التقرير لم يكن هناك ما يجيب على التساؤلات المستمرة والمتكررة، وفي غمرة البحث عن ما يطمئن الرأي العام؛ كان هناك ما يثير الريبة والشك ويوسع دائرة التساؤلات. ففي صباح يوم الأحد 8.9.2019 قدم ثلاثة أطباء شرعيين استقالتهم، وانفردت “الحدث” بنشر تقرير حول الموضوع مع ذكر بعض التفاصيل المتعلقة بالاستقالة.
وأشارت “الحدث” في تقريرها المتعلق باستقالة الأطباء، أن الأطباء الذين قدموا استقالتهم، هم: الدكتور مؤيد بدر اختصاصي الطب الشرعي في محافظة رام الله، الدكتور مهند شويكي اختصاصي الطب الشرعي في محافظة القدس، والدكتور مهند جابر اختصاصي الطب الشرعي في محافظة الخليل، مع الإشارة إلى أنهم مسؤولو الطب الشرعي في محافظات وسط وجنوب الضفة الغربية، ومن المفترض أن يشاركوا في كتابة التقرير الطبي الخاص بإسراء غريب، حيث إنهم أعضاء في اللجنة التي يتم تكليفها في تشريح الحالات الجنائية في معهد الطب العدلي أبو ديس.
وأوضحت، أن الأطباء يعتبرون أن بعض التجاوزات في الدائرة أثرت على عملهم بشكل مباشر وساهمت في تأخير بعض الإجراءات المتعلقة بدائرة الطب الشرعي، ومن الأمثلة على ذلك؛ قضية إسراء غريب حيث استغرق صدور التقرير الطبي الخاص بها وقتا طويلا لا يتناسب مع كون القضية قضية رأي عام، حيث إنه يمكن إنجاز التقرير بشكل أسرع، خاصة في ظل وجود حالة من التكتم والغموض في حالتها.
وزارة العدل تنفي لكن روايتها متضاربة
توجهت “الحدث” لوكيل وزارة العدل محمد أبو السندس، والذي بدوره نفى أية علاقة بين قضية إسراء غريب وبين استقالة الأطباء المشار إليهم، مؤكدا أن “بعضهم عليه تهم فساد، ومنهم من كان على وشك أن يتم فصله، وهم استغلوا الرأي العام للهروب من الإجراءات التي كانت ستتخذ بحقهم ويحاولون إثارة الرأي العام من خلال ربط قضيتهم بقضية إسراء غريب”.
وبعد تصريح وكيل الوزارة أبو السندس، أصدرت وزارة العدل بيانا صحفيا، قالت فيه إن قيام ثلاثة من الأطباء الشرعيين في الوزارة بتقديم استقالاتهم ليس له علاقة بقضية وفاة المرحومة إسراء غريب، وأن استقالة الأطباء الثلاثة تأتي نتيجة لوجود مخالفات لديهم، وصدور عقوبات تأديبية بحق بعضهم، وكان هناك احتجاج من قبلهم ومن ثم قدموا استقالاتهم، وأنهم لم يشاركوا من قريب أو بعيد بالتشريح، وأشارت إلى أن الطبيب الشرعي المكلف بالتشريح من النيابة العامة هو اختصاصي الطب الشرعي في بيت لحم د. أشرف القاضي، علما بأنه سوف يتم تسليم التقرير النهائي للطب العدلي إلى النيابة العامة خلال يومين من تاريخه.
لكن وزير العدل محمد الشلالدة نسف روايتي وكيل الوزارة وبيانها، وأكد في تصريحات إذاعية أن قضية الأطباء الداخلية لم تصل إلى حد المشكلة، وأن مخالفات الأطباء الشرعيين المستقيلين روتينية وبسيطة لم تصل حد الانتهاك الجسيم للقوانين، وربط ضمنا بين استقالة الأطباء وقضية إسراء غريب، قائلا: إن الأطباء طعنوا في نزاهة زميلهم الطبيب أشرف القاضي، الذي قام بتشريح إسراء غريب، وأكدوا أنه كان يجب أن تتم استشارتهم في هكذا قضية. بذلك نسف الوزير تصريح وكيل الوزارة والبيان، حيث نفى في تصريحه وجود تهم بالفساد بحق الأطباء المستقيلين، وفند كذلك نفي العلاقة بين استقالة الأطباء وقضية غريب.
عينات الأنسجة في قضية إسراء ظهرت بعد استقالة الأطباء
بدورها حصلت الحدث على وثيقة وجهها الأطباء المستقيلون لجهة رسمية، فيما يخص قضية إسراء غريب، جاء فيها أن وكيل وزارة العدل محمد أبو السندس، المسؤول المباشر عن الإدارة العامة للطب الشرعي في الوزارة، ونتيجة “ارتكابه أخطاء كارثية”، كان هناك تقصير في الإعلان عن نتائج التشريح ونتائج المختبرات بخصوص القضية.
ويرى الأطباء المستقيلون، بحسب الوثيقة، أن “البلبلة” التي رافقت قضية إسراء غريب جاءت نتيجة الأسباب التالية:
أولا: عدم مشاركة جميع أعضاء اللجنة في التشريح وهم الدكتور مؤيد بدر والدكتور مهند شويكي والدكتور مهند جابر، وتم تشريحها فقط من قبل الدكتور أشرف القاضي بتاريخ 22-8-2019.
ثانيا: تضليل النائب العام الفلسطيني من قبل وكيل وزارة العدل محمد أبو السندس، حيث إن الأخير أبلغ النائب العام بأن الفحوصات المخبرية للمتوفاة إسراء غريب أرسلت إلى الأردن ولكنه تبين أن عينات من سوائل الجسم فقط هي التي أرسلت إلى المختبر الجنائي الأردني (( الأمن العام الأردني))، فيما أن عينات من أنسجة الجسم – وهي الأهم في حالة إسراء غريب- لم ترسل إلى الطب الشرعي الأردني ولم يتم عملها في وزارة الصحة الفلسطينية أو مختبرات “ميديكير” الفلسطينية في رام الله.
ثالثا: ظهرت العينات بعد استقالة الأطباء الثلاثة مباشرة، وتم تسليمها من قبل المدير الإداري يسري عليوي، تخصص تربية إسلامية، لطبيب الأنسجة معتز النتشة، وتم البدء في إجراء الفحص النسيجي في مختبرات وزارة الصحة الفلسطينية في يوم استقالة الأطباء الشرعيين الثلاثة بتاريخ 8-9-2019، مع الإشارة إلى أن التشريح كان بتاريخ 22-8-2019.
رابعا: الأشخاص المتابعون لقضية إسراء غريب غير مؤهلين؛ وذلك لأن أحدهم فني تخدير وهو سلهام عويس والآخر تخصص شريعة إسلامية وهو يسري عليوي وهم يعملون تحت إشراف وكيل الوزارة محمد أبو السندس.
خامسا: يرى الأطباء المستقيلون، أنه كان من المفترض أن يتم التشريح من قبل اللجنة المختصة، وكذلك الإسراع في إرسال عينات السوائل إلى الأردن، وعمل عينات الأنسجة بعد التشريح مباشرة من قبل المختصين في الإدارة العامة للطب الشرعي وذلك لأن القضية أخذت منحى رأي عام.
أين يقع المدير الطبي من قضية إسراء غريب؟
وفي إطار متابعتنا في “الحدث” لتفاصيل ما يجري بدائرة الطب الشرعي، اطلعنا على وثيقة، يدعي الأطباء الشرعيون الموقعون عليها، أن الدكتور ريان العلي كان من المفترض أن يكون على رأس اللجنة الطبية، التي من المفترض أن تقوم بمتابعة ملف المرحومة إسراء غريب، ولكنه كان أبرز الغائبين عن القضية، بسبب ازدواجية العمل وانشغاله بأعمال أخرى، وعلى الرغم من أهمية وجوده في مقر دائرة الطب الشرعي في رام الله، إلا أنه يقضي معظم وقته في جامعة النجاح في نابلس، وعادة ما يحضر للمقر يوم الثلاثاء فقط، ويستغل هذا اليوم لقضاء أمور خاصة به في رام الله.
وفيما يخص ازدواجية العمل لدى الدكتور العلي؛ أشار الأطباء، إلى أن هناك شكوى قدمت بحقه في كتاب استقالة الأطباء، تفيد بأنه حصل على استثناء من مجلس الوزارة في فترة حكومة رئيس الوزراء الفلسطيني السابق رامي الحمد الله، وذلك للعمل في جامعة النجاح، ورغم أن الاستثناء الذي حصل عليه جزئي، إلا أنه عمل بدوام كامل في الجامعة، وكان يتقاضى من وزارة العدل مبلغ 2000 شيقل إضافيات على راتبه الأساسي الذي يبلغ 10,000 شيقل، أي أن مجموع ما كان يتقاضاه 12000 شيقل، وبالنسبة لـ 2000 شيقل الإضافيات، فإنها بدل مناوبات لا يقوم بها إطلاقا، مع العلم أنه لا يقوم بإثبات دوامه في الدائرة، كباقي الأطباء الشرعيين، ومع الإشارة إلى أنه يتقاضى راتبا من جامعة النجاح الوطنية أيضا.
“هناك من ينتحل شخصية الأطباء الشرعيين “
المعلومات المذكورة في التقرير عن صلاحيات بعض غير المختصين، كانت الإشارة الأهم نحو البحث في الطريقة التي تدار فيها الأمور في دائرة الطب الشرعي، خاصة وأن المدير الطبي عليه ما عليه من التزامات خارج إطار وظيفته الرسمية ويعمل بازدواجية وظيفة. وثائق من داخل وزارة العدل، حصلنا عليها، تشير إلى أن المدير الطبي عليان كلف يسري عليوي الحاصل على درجة البكالوريوس في التربية الإسلامية بإدارة أوضاع الدائرة وذلك بموافقة واطلاع وكيل وزارة العدل محمد أبو السندس، وتم تعيين عليوي مديرا إداريا بصلاحيات شبه مفتوحة داخل الدائرة وصلت حد توقيعه على تقارير طب شرعي، وعلمنا مؤخرا أنه تم تقديم شكوى بحقه بهذا الخصوص للنائب العام بتاريخ 5.9.21019 بأنه انتحل شخصية أحد الأطباء الشرعيين وأشرف على حالة كان من المفترض أن يشرف عليها الطبيب الشرعي بتوكيل من النيابة، وقام برفقة فني التخدير سلهام عويس بكتابة التقرير الطبي، ووقع عويس على التقرير بصفته طبيب ومدير المعمل الجنائي في الطب العدلي رغم أنه لا يحمل هذه الصفة الوظيفية. وتشير الشكوى التي اطلعنا عليها، أنهما قاما بهذا النوع من العمل عدة مرات، وهو ما يضع علامات استفهام على كثير من الحالات التي تم تشريحها وعلى الكثير من التقارير التي تم كتابتها وعن الأهداف والدوافع وراء هذه الأفعال.
ويؤكد أحد الأطباء الشرعيين المستقيلين، في شكوى تقدم بها إلى الجهات المختصة، أنه “تم إعطاء مصادقات كاذبة أعدت وقدمت إلى السلطات العامة وألحقت ضررا بمصالح المواطنين، وذلك من خلال اختلاق وانتحال صفة الطب العدلي من أجل تسهيل إعداد وإعطاء هذه المصادقات، حيث إن فني التخدير والمتخصص بالتربية الإسلامية، قاما بتحرير أوراق تحتوي على بيانات مخالفة للحقيقة موقعة بصفتهم أطباء عدليين ومدراء للمختبر الجنائي، وهو ما يشكل هدرا لحقوق بعض المواطنين وأدى إلى إعاقة سير العدالة، وإساءة استخدام الصلاحيات والسلطات المخولة لهم”.
ويشير الطبيب في شكواه، إلى أن هذه التجاوزات الخطيرة تثير شكوكا حول الملفات التي قاموا بالعمل عليها خفية عن الأطباء العدليين المتخصصين، متسببين بإدانة مواطنين وتبرئة آخرين بما يتجاوز كل القوانين والأنظمة والأعراف.
وتبيّن لنا، أن هناك إشارة من قبل الأطباء الشرعيين الذين قدموا استقالتهم، في ملحق أرفقوه بكتاب الاستقالة الجماعية، أن هذه المخالفات الإدارية والقانونية من قبل أشخاص غير مؤهلين، ساهمت بشكل واضح في إضعاف البينات القضائية أمام الجهات القضائية المختصة، ووصلت المخالفات في هذا الإطار حد العبث بالعينات الخاصة بأفراد الأمن. كما أنه وبحسب الأطباء، يتم تحديد النتائج في بعض الحالات وفقا للمصالح الشخصية، وقد تكون نتيجة فحص التحري في بعض القضايا، عن المواد المخدرة؛ إيجابية أو سلبية، فيعاقب البريء في بعض الحالات ويفلت من العقاب متعاطي المخدرات.
“تربية إسلامية” و”سب دين” داخل وزارة العدل
اطلعنا على شكوى أخرى قدمت بحق يسري عليوي، الحاصل على بكالوريوس التربية الإسلامية، تبين أنه قام في آخر يوم من أيام شهر رمضان الماضي، بـ”سب دين” أحد العاملين في الوزارة أكثر من مرة وبعصبية، بالإضافة إلى توجيهه ألفاظا غير لائقة لهذا الموظف، حيث وإنه من باب إعادة التأكيد، يشرف عليوي ــ بشهادته التي لا تؤهله إلا لتدريس التربية الإسلامية ــ على الأطباء الشرعيين في الوزارة، ويدير أمورهم ويؤخذ من قبل وكيل الوزارة والمدير الطبي بكل ما يصدر عنه من قرارات أو توصيات.
عيادات الطب الشرعي.. أين تبخرت ولمصلحة من؟
واحدة من التساؤلات الهامة التي طرحها الأطباء المستقيلون، والتي تأتي في سياق من التساؤلات الأخرى، هي عن قيام الإدارة بتجهيز عيادات في مختلف المستشفيات بمبالغ طائلة؛ بعضها لم يعد موجودا، وتم الاستغناء عنها بدون مبرر منطقي. لكن المبرر قد نجده خلال البحث في المبالغ الطائلة التي تدفع للجامعات مقابل خدمات تتعلق بالتشريح، رغم أن هذا المبلغ كفيل بإنشاء أكثر من مشرحة، بالإضافة إلى أن هناك مشارح في المستشفيات، لا يتم استخدامها، ليثير ذلك بوضوح علامات استفهام عن المستفيد من هذه الحالة، خاصة وأن الحديث يدور عن طاقم إدارة يعمل مديره في جامعة النجاح.
تهديد ثم إنذار!
ومن بين الوثائق التي اطلعت عليها الحدث، تشير إحدى الشكاوى إلى أن الطبيب الشرعي قد تعرض للتهديد من قبل بعض العاملين في وزارة العدل من أجل تسليمهم وثائق رسمية تتعلق بوفاة أحد الأشخاص في منطقة رام الله. ويوضح الطبيب في شكواه أن طلب الوثائق من قبل بعض العاملين في الوزارة تزامن مع طلب أهل المتوفى لنفس الوثائق، حيث إنه لا يمكن للطبيب الشرعي تسليم الوثائق لأي جهة إلا للنيابة العامة.
ويظهر في الشكوى، أن الطبيب يطالب بحرية العمل ضمن القانون والأصول بعيدا عن التدخلات الخارجية بما يضمن مصداقية التقارير والطب العدلي ووزارة العدل، محذرا من أن تدخل البعض ومن ضمنهم موظفين في وزارة العدل يجعله تحت ضغوط إدارية ووظيفية ضمن الوزارة وهذا الأمر يجب التحرك بخصوصه فورا من قبل الوزارة لوقفه، “قبل أن أكون مضطرا للجوء للحصانة الوظيفية والقضائية ضمن مجال عملي مع معرفتكم الشخصية بمدى خطورة عملنا وكيف يمكن أن نكون ضمن دائرة التهديد بشكل مستمر، مع العلم أنه كان هناك تحريض من قبل البعض للشخص قريب المتوفى لتقديم شكوى بحق الطبيب الشرعي لإيقاع الضرر به، بحيث إنه لا يجوز طلب التقرير إلا بإذن من النيابة، حيث أبلغ الطبيب بإنذار تحت بند هدر المال العام بعد تقديمه الشكوى بيومين، حيث إن سبب الإنذار المرفق كان “كسره لدلة قهوة” على الرغم من أنها من ممتلكاته الخاصة “من المال غير العام”.
حاولنا الاستيضاح حول هذه الشكاوي من خلال الاتصال بالدكتور مؤيد بدر، أحد الأطباء المستقيلين، لكنه رفض التعقيب، مؤكدا أن كل هذه القضايا التي أثارها هو وزملاؤه أصبحت لدى الجهات المختصة، ورفعوا بها تقارير مفصلة، وأنهم أوكلوا محاميا لتمثيلهم لدى الجهات القضائية.