الإثنين, مايو 12, 2025
24 °c
Jerusalem
22 ° Tue
21 ° Wed
23 ° Thu
26 ° Fri
26 ° Sat
أنتِ لها
Advertisement Banner
  • ميديا

    وزيرة شؤون المرأة تلتقي وفد برنامج “نون التغيير YWCA” وتؤكد أهمية الشراكة لحماية النساء

    وزيرة شؤون المرأة تلتقي وفد برنامج “نون التغيير YWCA” وتؤكد أهمية الشراكة لحماية النساء

    وزيرة شؤون المرأة تؤكد على أهمية الدور المصري والعربي في حماية المرأة الفلسطينية

    وزيرة شؤون المرأة تؤكد على أهمية الدور المصري والعربي في حماية المرأة الفلسطينية

    التمثيل السياسي وتوفير فرص العمل أولويات للشباب

    التمثيل السياسي وتوفير فرص العمل أولويات للشباب

    Trending Tags

    • رياديات
      التطور الاجتماعي للوعي الانثوي وتأثيره على عالم الريادة الانثوية

      التطور الاجتماعي للوعي الانثوي وتأثيره على عالم الريادة الانثوية

      مي ناصر: الشهادة والمال لا يقرران ماذا نريد أن نعمل

      مي ناصر: الشهادة والمال لا يقرران ماذا نريد أن نعمل

      ريشة ولون.. قصة مشروع خزف نسوي صغير يصارع من أجل البقاء

      ريشة ولون.. قصة مشروع خزف نسوي صغير يصارع من أجل البقاء

      شيرين دلال تضيف لمسة نجاح جديدة لمركزها بافتتاح مركز شيرين للتجميل

      شيرين دلال تضيف لمسة نجاح جديدة لمركزها بافتتاح مركز شيرين للتجميل

      المسوقة العقارية كرمل أسعد: السر وراء النجاح هو القيام بأمور مختلفة عما يفعله معظم الناس

      المسوقة العقارية كرمل أسعد: السر وراء النجاح هو القيام بأمور مختلفة عما يفعله معظم الناس

      الصيدلانية ماما غالية: لاترضِ بالقليل فأنت ملكة وتستحقين الأفضل

      الصيدلانية ماما غالية: لاترضِ بالقليل فأنت ملكة وتستحقين الأفضل

      الريادية هبة المصري: “إبدئي بنفسك أولا وكوني أنت من يصنع التغير فالتغيير بحاجة إلى الإصرار والإرادة”

      الريادية هبة المصري: “إبدئي بنفسك أولا وكوني أنت من يصنع التغير فالتغيير بحاجة إلى الإصرار والإرادة”

      المخرجة الشابة رزان خضر تشق طريقها بأعمال مميزة

      المخرجة الشابة رزان خضر تشق طريقها بأعمال مميزة

      الريادية علا عسل تحول شغفها في الكيمياء لمنتجات طبية في العناية بالبشرة

      الريادية علا عسل تحول شغفها في الكيمياء لمنتجات طبية في العناية بالبشرة

      ملاك الحنبلي طالبة جامعية تسخر قناتها عبر اليوتيوب لتعليم طلبة التوجيهي في غزة

      ملاك الحنبلي طالبة جامعية تسخر قناتها عبر اليوتيوب لتعليم طلبة التوجيهي في غزة

      Trending Tags

      • تجربتي

        طالبة الهندسة ديما إسماعيل: تعلم التعامل مع العقبات فالرحلة مليئة بالتحديات

        طالبة الهندسة ديما إسماعيل: تعلم التعامل مع العقبات فالرحلة مليئة بالتحديات

        الأخصائية النفسية والاجتماعية لمعة معاني: لا حدود للطموح

        الأخصائية النفسية والاجتماعية لمعة معاني: لا حدود للطموح

        الطالبة آية أبو عرة: الطموح والإصرار هما سر النجاح

        الطالبة آية أبو عرة: الطموح والإصرار هما سر النجاح

        الطالبة سجى كنعان بداية حافلة للتخصص في مجال الإذاعة والتلفزيون

        الطالبة سجى كنعان بداية حافلة للتخصص في مجال الإذاعة والتلفزيون

        الطالبة نارمين قبها عين على القانون والعلاقات الدولية وأخرى لإصدار كتابها الأول

        الطالبة نارمين قبها عين على القانون والعلاقات الدولية وأخرى لإصدار كتابها الأول

      • صحتكِ
        فوائد تمارين الاطالة

        فوائد تمارين الاطالة

        علاج نزلات البرد بالأعشاب: ما حقيقة ذلك؟

        علاج نزلات البرد بالأعشاب: ما حقيقة ذلك؟

        فيتامين د للحامل: أهميته، وأضرار النقص والعلاج

        فيتامين د للحامل: أهميته، وأضرار النقص والعلاج

        تعرف على تأثير أشعة الشمس سلبًا وإيجابًا

        تعرف على تأثير أشعة الشمس سلبًا وإيجابًا

        كيف تعتنين بالشعر التالف: أهم 6 نصائح

        السكر المضاف يجعل الأطعمة لذيذة لكن خطيرة

        السكر المضاف يجعل الأطعمة لذيذة لكن خطيرة

        عصير لفقر الدم: وصفات لذيذة وصحية! 🍹💪

        عصير لفقر الدم: وصفات لذيذة وصحية! 🍹💪

        لماذا البروتين هو سر القوة والصحة لجسمك؟

        لماذا البروتين هو سر القوة والصحة لجسمك؟

        تغذية المستقبل: التغذية الصحية للمرأة الحامل

        تغذية المستقبل: التغذية الصحية للمرأة الحامل

      • مطبخكِ
        الكعك الأصفر الفلسطيني: مذاق الطعام بنكهة تراث الأجداد

        الكعك الأصفر الفلسطيني: مذاق الطعام بنكهة تراث الأجداد

        تكمن فكرة مطبخ حرف G في توفير مساحة للدخول والخروج

        أحدث تصاميم ديكورات المطابخ

        فتة اللبن: مزيج الطراوة والنكهة الشرقية الأصيلة! 🥣✨

        فتة اللبن: مزيج الطراوة والنكهة الشرقية الأصيلة! 🥣✨

        فتة العدس البني: دفء الشتاء في طبق! 🍲❄️

        فتة العدس البني: دفء الشتاء في طبق! 🍲❄️

        عصير لفقر الدم: وصفات لذيذة وصحية! 🍹💪

        عصير لفقر الدم: وصفات لذيذة وصحية! 🍹💪

        سلطات بالسبانخ طبق لذيذ قدميه بالشتاء

        سلطات بالسبانخ طبق لذيذ قدميه بالشتاء

        المسفن الفلسطيني: معجنات تراثية عريقة

        المسفن الفلسطيني: معجنات تراثية عريقة

        الخبيزة.. أكلة شعبية توارثها الفلسطينيون

        الخبيزة.. أكلة شعبية توارثها الفلسطينيون

        لو لسه مبتدئة في المطبخ.. خطوات بسيطة تخليكي شيف محترفة 👩‍🍳✨

        لو لسه مبتدئة في المطبخ.. خطوات بسيطة تخليكي شيف محترفة 👩‍🍳✨

      • إطلالتكِ
        الأبيض في الشتاء.. كيف ترتديه وتبدو أنيقًا؟

        الأبيض في الشتاء.. كيف ترتديه وتبدو أنيقًا؟

        شتاء 2025 إطلالات وأناقة تخطف الأنظار

        شتاء 2025 إطلالات وأناقة تخطف الأنظار

        نصائح لبشرة صافية

        نصائح لبشرة صافية

        4 إشارات فى لغة الجسد تعبر عن ثقتك بنفسك.. أبرزها الهدوء والتواصل البصرى

        4 إشارات فى لغة الجسد تعبر عن ثقتك بنفسك.. أبرزها الهدوء والتواصل البصرى

        كيف تعتنين بالشعر التالف: أهم 6 نصائح

        5 ألوان موضة شتاء 2025.. أبرزها البينك والأصفر المشمس

        5 ألوان موضة شتاء 2025.. أبرزها البينك والأصفر المشمس

        أساسيات تنسيق الملابس الشتوية للسيدات

        أساسيات تنسيق الملابس الشتوية للسيدات

        لماذا يظهر السيلوليت عند النساء أكثر من الرجال ؟

        لماذا يظهر السيلوليت عند النساء أكثر من الرجال ؟

        المصممة ”هند المغربية”  تكشف عن تشكيلة جديدة من القفطان المغربي

        المصممة ”هند المغربية”  تكشف عن تشكيلة جديدة من القفطان المغربي

        Trending Tags

        • منوعات
          مدرسة الأمهات تعقد تدريباً لوحدات الحماية حول إدارة الأزمات في شمال الضفة

          مدرسة الأمهات تعقد تدريباً لوحدات الحماية حول إدارة الأزمات في شمال الضفة

          الدكتور نعيم سلامة عضواً في الشبكة الإقليمية لصانعي القرار لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة

          الدكتور نعيم سلامة عضواً في الشبكة الإقليمية لصانعي القرار لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة

          أيهما أختار : البورسلان أم السيراميك ؟

          أيهما أختار : البورسلان أم السيراميك ؟

           Jabra تطلق سماعتي الأذن الأكثر تطورا لتثبت ريادتها في ميدان الاتصالات اللاسلكية

           Jabra تطلق سماعتي الأذن الأكثر تطورا لتثبت ريادتها في ميدان الاتصالات اللاسلكية

           مجموعة Aleph تُطلق برنامج شهادة مجاني بمجال التسويق الرقمي في منطقة الشرق الأوسط  وشمال أفريقيا

           مجموعة Aleph تُطلق برنامج شهادة مجاني بمجال التسويق الرقمي في منطقة الشرق الأوسط  وشمال أفريقيا

          بالفيديو – “شكلك مش سهل” جديد الفنانة إلهام روحانا

          بالفيديو – “شكلك مش سهل” جديد الفنانة إلهام روحانا

          دراسة بحثية في العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية وتقدير الذات

          دراسة بحثية في العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية وتقدير الذات

          كيف نستخدم الإنترنت بأمان؟

          كيف نستخدم الإنترنت بأمان؟

          العالمة القديسة الإماراتية غزالة المطوع تفتح ملف البرمجة الروحية

          العالمة القديسة الإماراتية غزالة المطوع تفتح ملف البرمجة الروحية

        • فرصتكِ
          مطلوب كاتبة وصانعة محتوى إبداعية!

          مطلوب كاتبة وصانعة محتوى إبداعية!

          برنامج تدريبي لتمكين وتعزيز مهارات المرأة “She Creates”

          برنامج تدريبي لتمكين وتعزيز مهارات المرأة “She Creates”

          إطلاق مشروع “بناء الصمود”

          إطلاق مشروع “بناء الصمود”

          هل تبحثين عن طريقة لتعزيز علاقتك مع أطفالك وخلق بيئة أسرية دافئة وداعمة؟

          هل تبحثين عن طريقة لتعزيز علاقتك مع أطفالك وخلق بيئة أسرية دافئة وداعمة؟

          بتدوري على وظيفة في قطاع الآي تي والتكنولوجيا و مش عارفة كيف تلاقيها؟

          بتدوري على وظيفة في قطاع الآي تي والتكنولوجيا و مش عارفة كيف تلاقيها؟

          كوني قوية في مسيرتك، وتأكدي أن مشرقة دائمًا هنا من أجلك!

          كوني قوية في مسيرتك، وتأكدي أن مشرقة دائمًا هنا من أجلك!

          فرصة لبرنامج الدبلوم المهني المتخصص “إدارة المكاتب”

          فرصة لبرنامج الدبلوم المهني المتخصص “إدارة المكاتب”

        • حياتي شوب
        لا يوجد نتائج
        عرض كل النتائج
        أنتِ لها
        لا يوجد نتائج
        عرض كل النتائج

        ما خربته غزة في روحي… ولم تشفه فرنسا!

        ما خربته غزة في روحي… ولم تشفه فرنسا!

        أسماء الغول

        مرّت ثلاثة أعوام على اليوم الّذي تركت فيه غزّة، أردت أن أنجو بذاتي عبر الخلاص الفرديّ، بعد أن عشت على أرضها عمرًا من أجل خلاص جماعيّ.

        كانت السنوات الأولى في فرنسا من أصعب السنوات عليّ، لم تشفني على الإطلاق كما يعتقد البعض أنّ مجرّد الوصول إلى أوروبّا يعني نهاية المعاناة، في حين قد يحدث العكس، فنكتسب معاناة أخرى متمثّلة في مقاومة النظام الجديد حتّى آخر نفس، المواعيد، الاعتناء وحدك بالأطفال؛ فما من منظومة عائليّة تساعدك كما كان يحدث في غزّة، إضافة إلى الوحدة الّتي لا تحتضن خلال لياليها الطويلة سوى الجدار المقابل لك.

        كان من الصعب عليّ أن أتقبّل نفسي نكرة، ولكن الآن أعرف أنّني كنت في حاجة إلى ذلك، مجرّد أمّ تتعلّم الطبخ وتوطّد علاقتها نفسيًّا وعمليًّا بمعنى الأمومة في الغربة

        عانيت من كوابيس، خوف من أصوات الحرب القديمة، أرق شديد، صعوبة تقبُّل وضعي الجديد حيث لا يعرفني أحد، بعد أن كان كلّ مَنْ في شارع الرمال بغزّة يبادلني التحيّة، تبحث هنا عن أصدقاء، لكن ليس ثمّة مَنْ لديك معه تاريخ قديم مشترك، يعرف طباعك وتعرف طباعه، كلّ مَنْ صادقتهم تركوا لي فشل علاقاتنا، وهذا الفشل كان يعني المزيد من التورّط في الحياة الجديدة؛ أي أنّني بدأت أعيش فعلًا في هذا البلد، بعد أن مرّت عليّ شهور طويلة أتعامل فيها مع كلّ شيء على أنّه مؤقّت، وسأعود إلى منزلي وعملي ومقهاي المفضّل وأصدقاء العمر، وقد ألمح حبيبًا سابقًا في “حارته”!

        وأقنعت ابني بأنّ غربتنا مؤقّتة، وقد عانى هو الآخر من العنصريّة والعزلة، على الرغم من أنّه بذل مجهودًا كبيرًا لتقبُّل كلّ شيء وتعلُّم اللغة. وبفعل هذه الإرادة المبكّرة، سرعان ما أصبح مستواه في اللغة موازيًا لمستوى أيّ طالب فرنسيّ، لكنّه بكى كثيرًا، واشتاق إلى أصدقائه ومدرسته ونادي “شامبيونز” الّذي كان يلعب فيه كرة القدم، وكنت أغضب لأنّي عاجزة عن فعل شيء، كنت أشعر بأنّه يكفي ما عشناه من ثلاث حروب ومن اقتتال، ولن أورثهم مزيدًا من الخوف.

        ثمّة إحساس دفين كان يقول لي أن سيمرّ كلّ شيء وتتحسّن الأحوال، وتحت هذه الضغوط بكيت أنا أيضًا في كثير من المرّات سرًّا وجهرًا، وحاولت النسيان بممارسة قيادة الدراجة، ودروس اللغة، والمشاركة في حصص الرياضة، واكتشفت الريف من حولي أكثر، مشيت كلّ يوم ساعة وبدأت أحبّ ما كنت أكرهه؛ فحين تعيش في الطبيعة لا تعود تراها جميلة ومبهرة كما لو أنّك تراها من نافذة قطار، لذلك قرّرت كما يقول ميلان كونديرا في رواية “البطء”، قرّرت أن أكتشف نعمة هذا البطء في المرور على جميع التفاصيل.

        وإذ إنّ السفر جدّد من تجربتي على مستوى الكتابة، وشعرت بأنّني أذهب إلى أماكن ومشاعر لم أجرّب أن أعبّر عنها سابقًا، أدركت ماذا قد يفعل الاغتراب بك؛ فهو يعطيك أدوات جديدة، بعد أن تكون بلدك قد حمّلتك بحارًا من الإلهام

        كان من الصعب عليّ أن أتقبّل نفسي نكرة، ولكن الآن أعرف أنّني كنت في حاجة إلى ذلك، مجرّد أمّ تتعلّم الطبخ وتوطّد علاقتها نفسيًّا وعمليًّا بمعنى الأمومة في الغربة، أمّ لا تزال تكتب المقالات والتقارير، لديها مسؤوليّات عائلتها في الوطن، كنت أشعر بما تركته غزّة في داخلي من هوس أمنيّ وشكّ في الناس في كلّ مكان، وليس فقط على مواقع التواصل الاجتماعيّ، ولم أكن آخذ الأمور بما تبدو عليه، وأنا على يقين بأنّني لست وحدي مَنْ يعاني من هذه المشكلة، بل ثمّة مئات مثلي، وقد عرفت أنّ هذا الأمر صورة من صور الخراب الكثير والثقيل، الّذي تركته غزّة في داخلي وفي تجربتي، ولا سيّما السياسيّة؛ إذ إنّني لم أعد أثق بأحد، وقد كدت أصدّق أنّ ثمّة مَنْ يراقبني.

        في أوّل عام من الرحيل عن غزّة، ظلّت ذاكرتي تردّد مشاهد تعنيفي وضربي وشتمي، من قِبَل رجال شرطة “حماس” ونسائهم، بعد توقيفي مرّتين عام 2011،  في أثناء مظاهرات تطالب بالتغيير، وتزورني وجوه الناس الّذين خانوا ثقتي، بعد أن اكتشفت على مرّ سنوات لاحقة أنّهم يعملون لديهم،  فأتوتّر ولا أكون على طبيعتي. لكن لم أكن قد وصلت وقتذاك إلى حقيقة ما يملأ نفسي من أنقاض وهدم، نعم، كنت محطّمة ومهزومة، ولست مستعدّة لحياة جديدة. وكنت في حاجة إلى أن أذكّر نفسي في مرّات عديدة، بأنّه لا يمكن أحدًا أن يقترب منّي بهدف أذيّتي، وأنّ هذا بلد حرّ وأنا حرّة، نعم، أعرف أنّني لم أكن بحاجة إلى أوروبّا من أجل حرّيّتي الشخصيّة؛ فأنا أيضًا كنت حرّة في غزّة، وأنتزعها غصبًا عن الجميع، لكنّ الحرّيّة هنا فيها أمان؛ فلا أحد يُحصي عليك خطواتك أو فساتينك أو أصدقاءك أو سفريّاتك، فما مِنْ أمن داخليّ وشرطة فضيلة، وجيران يكتبون عنك تقارير شبه يوميّة.

        تعرّفت على سودانيّة مثقّفة وطيّبة، عائلتها كانت معارضة في السودان، وغادرت إلى لندن منذ سنوات، وهي الوحيدة في فرنسا مع ابنتها وزوجها، وقد تشاركنا الرياضة والركض والضحك والنميمة والأكل، وبنَيْنا تاريخًا مشتركًا، وشعرت ببعض السعادة.

        الغريب أنّك كلّما مررت في حياة الغربة هذه أدركت مقدار وحدتك، ولا يحدث يومًا العكس، بمعنى أنّك لا تشفى منها أبدًا؛ فالوحدة شعور عظيم حين تهاجر وليست شكلًا، وهذه الوحدة لها قوّة التأثير فيك

        ثمّ بدأت أطبخ جيّدًا بعد مكالمات كثيرة مع صديقاتي الموزَّعات على العالم ووالدتي، ودخلت مرحلة العزائم، وهذه أيضًا يمرّ فيها كلّ مَنْ تغرّب، فمجرّد أن يتأكّد أنّه يطبخ جيّدًا يريد أن يذوق الشعب الأوروبّيّ كلّه من طبخته، لعلّهم يكتشفون طعم أطباقهم الجرداء، وكانوا يفرحون بأيّ شيء: بصارة، كفتة، بامية، عدس. إلّا المحشي لم أتعلّمه، أو بالأحرى لم أجد “حفّارة كوسا”!

        وإذ إنّ السفر جدّد من تجربتي على مستوى الكتابة، وشعرت بأنّني أذهب إلى أماكن ومشاعر لم أجرّب أن أعبّر عنها سابقًا، أدركت ماذا قد يفعل الاغتراب بك؛ فهو يعطيك أدوات جديدة، بعد أن تكون بلدك قد حمّلتك بحارًا من الإلهام، عبر قصص وشخوص لا تنضب مع آلاف الصفحات.

        لكنّ هذا كلّه بقي خارجيًّا؛ أي أنّني في أعماقي غير سعيدة، بل هذه وسائل مقاومة “غصّة القلب” في البعد عن الأهل والأصدقاء والعمل، بل البعد عن كلّ ما كنته سابقًا. أحيانًا تأتيني نوبة هلع مفاجِئة، ولا أتعرّف على نفسي؛ مَنْ تكون هذه المرأة؟ أين طفلة المخيّم الصغيرة الّتي كانت ترتدي قبّة مريول شديدة البياض، وشعرها شديد الضبط في “ديل حصان”، وتفرح حين يعطيها سيدْها “الخمسة آلاف”، أي نصف شيكل، فتشتري كلّ شيء من “الكانتين”، ثمّ يهدأ قلبي عن الخفقان، وأهزّ رأسي لأنّه حتّى هذه الطفلة، كانت مليئة بالألم والخوف، ولم تكن سعيدة، فلا يُريحها سوى الخيالات الّتي تنسجها في رأسها، وسعاد حسني الّتي كانت تظهر فجأة في “قاع الدار” لترقص معها.

        وذهب إحساسي المؤقّت، والوعود الّتي أبرمتها لابني ناصر بأنّنا سنرجع في شباط (فبراير) القادم، ربّما الصيف القادم… على الأرجح في إجازة الشتاء، وهو نسي أيضًا، وأصبح له عالمه الصغير.

        وأصبحت الشهور في الغربة كأنّها أيّام، والسنوات كأنّها أسابيع، ويمرّ كلّ شيء سريعًا بل يتكرّر: الطقس، الإجازات، المدارس، التأمينات، الضرائب، سائقو الحافلات. وذهب إحساسي المؤقّت، والوعود الّتي أبرمتها لابني ناصر بأنّنا سنرجع في شباط (فبراير) القادم، ربّما الصيف القادم… على الأرجح في إجازة الشتاء، وهو نسي أيضًا، وأصبح له عالمه الصغير.

        وبدأت كلّ فترة وأخرى أتلقّى خبر موت واحد عزيز عليّ أو مرضه، فكان موت شيراز صديقة المراهقة والشباب، ومرض زوجي السابق، الّذي هو أيضًا صديقي الدائم، ثمّ أخيرًا موت خالتي الغالية، وكأنّني بدأت أفهم ما يعنيه أنّنا نكبر في السنّ وتمرّ بنا الحياة، لنرى كلّ شيء حولنا يتساقط؛ فنحن أوراق خريف هزيلة، هبّة ريح واحدة تُلقي بنا إلى الحُفر، وما أكثرها! هكذا أصبحت تعني لي الغربة؛ أن تبني حياتك بعيدًا عن كلّ شيء، كأنّك في كهف وخرجت لترى أنّ الكلّ شيء تغيّر وذهب، إلّا خوفك من التقدّم بقي على كماله.

        الغريب أنّك كلّما مررت في حياة الغربة هذه أدركت مقدار وحدتك، ولا يحدث يومًا العكس، بمعنى أنّك لا تشفى منها أبدًا؛ فالوحدة شعور عظيم حين تهاجر وليست شكلًا، وهذه الوحدة لها قوّة التأثير فيك؛ فقد تُصدِر قرارات مجنونة من أجل التخلّص منها، كأن تدعو كلّ زملائك أو زميلاتك في حصّة اللغة على الغداء عندك، أو تبحث عن أبناء بلدك لتشكّل معهم مجتمعًا موازيًا كي تشعر بالوطن، أو ترتبط بأقصى قوّتك واندفاعك، معتقدًا أنّ هذا حبّ جارف، لكن سرعان ما تكتشف أنّ كلّ هذا غير حقيقيّ، وأنّك مرعوب من وحدتك وغربتك! والحلّ يكون في عائلتك، دائمًا وأبدًا؛ فهُم دائمًا هناك من أجلك، ولو عبر “الواتس أب”.

        لقد شعرت بأنّ ربيع بلادنا وربيع أعمارنا الّذي بدأ نهاية 2010، تحطّم مع فيديوهات وائل غنيم، بل حال الربيع العربيّ تمثّل تمامًا في ما وصل إليه نفسيًّا وجسديًّا، وتمنّيت لو أنّه بقي داخلي على صورته الأولى

        لماذا أكتب هذا المقال الآن، مع أنّني أبلغت محرّري في فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة بفكرة مغايرة تمامًا قبل نحو شهر؟ السبب أنّني حين رأيت فيديو “وائل غنيم” هزّتني الصدمة، شعرت بأنّ عضلات وجهي كلّها ترتجف من الحزن، هذا الشابّ الّذي كان يمثّل مرحلة وأملًا كبيرين، كيف حدث له هذا؟ ما الّذي مرّ به بالضبط؟ الأمر الّذي دفع شريط الغربة كلّه إلى رأسي، وبعد ذلك لم أستغرب قطّ ما قد يكون حدث لوائل، في عزلته تلك سنوات عديدة.

        إنّ بلادنا تعطينا الأمل والسبب في الحياة؛ لأنّك تبقى تقاوم لتُغيّر، فترى أمام عينيك كيف يكبر التغيير من مولود إلى شابّ قويّ، لتحسّ بقيمة كلّ شيء، بينما الغربة تحطّم كلّ ذلك، وتصبح سعادتك محصورة في كرسيّ فارغ وجدته فجأة في الحافلة أو المترو، مع كلّ تلك الوجوه الغريبة الّتي لا تعرفها، ولن تعرفها يومًا.

        لقد شعرت بأنّ ربيع بلادنا وربيع أعمارنا الّذي بدأ نهاية 2010، تحطّم مع فيديوهات وائل غنيم، بل حال الربيع العربيّ تمثّل تمامًا في ما وصل إليه نفسيًّا وجسديًّا، وتمنّيت لو أنّه بقي داخلي على صورته الأولى، وأحاديثه القديمة، لكنّي أيقنت أيضًا أنّ الحياة لا تستقيم من غير أن نراه على هذه الشاكلة، وفي هذا المنحى، وإذا لم يكن هو، كنّا سنرى أيقونة أخرى تتحطّم. وقد نجا مَنْ نجا من جنون اللاشيء الّذي يتبقّى لك في الغربة، بعد أن كنت تفعل كلّ شيء في بلدك.

        نعم، غزّة أتلفت “رادار” السعادة داخلي و”رادار” الأمان والثقة، وبدأت أخيرًا أنتبه إلى كلّ الشرّ غير المبرَّر تجاه البشر البريئين حولي، الّذين لم يسلموا من ظنوني الملوّثة، الّتي ليست سوى أوهام بنَيتها وشيّدتها حكاياتٍ وقصصًا، كلّها لا يناسب سوى الهوس الّذي تركته الحرب والصحافة والسياسة، وعمّا فعلته الخيبات الشخصيّة والعامّة بي؛ فقرّرت أن أصلح من نفسي، وأضبط جميع “الرادارات” لأكون “نورمال”، لكن هذا لا يعني أنّ غزّة مدينة متوحّشة؛ فقد كانت الوحيدة الّتي أعطتني سعادة التأثير وسبب الحياة!

        نقلا عن فسحة

        أسماء الغول: كاتبة فلسطينيّة مقيمة في فرنسا، صدر لها كتاب مشترك مع الروائيّ سليم نصيب ” L’insoumise de Gaza” (2016)، تُرجم إلى الإنجليزيّة والروسيّة، ولها مجموعات قصصيّة أخرى مشتركة صدرت في كوريا الجنوبيّة وبريطانيا. حصلت مجموعتها القصصيّة الأولى “هجران على لوح أسود” على “جائزة الكاتب الشابّ”، من مؤسّسة عبد المحسن القطّان عام 2006.

         

         

        وسوم: الأدبالغربةغزة
        شارك2غردأرسل

        ذات صلةمواضيع

        ميديا

        11 مايو، 2025

        شارك محافظ نابلس غسان دغلس اليوم الأحد الموافق 11/5/2025 في افتتاح سوق عيبال الوطني الداعم لصاحبات وأصحاب المشاريع الريادية، والذي...

        ميديا

        11 مايو، 2025

        الأرض الفلسطينية المحتلة - قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل بالقصف المباشر على قطاع غزة ما معدله...

        ميديا

        7 مايو، 2025

        في إطار دعم الرياديات وتعزيز الشراكة المجتمعية: السيدة لينا زاهي التميمي-سعد الدين تزور مركز شيرين للتدريب المهني برفقة نخبة من...

        الموضوع التالي
        حان وقت الإنفصال عن الهواتف المحمولة كيف ذلك ولماذا؟

        حان وقت الإنفصال عن الهواتف المحمولة كيف ذلك ولماذا؟

        أنتِ لها

        جميع الحقوق محفوظة | أنتِ لها © 2020

        تعرفي على انتِ لها

        • نبذة عن أنتِ لها
        • من نحن
        • فريق أنتِ لها
        • الهيئة الاستشارية العليا
        • لمشاركاتكم
        • اتصل بنا

        تابعينا

        لا يوجد نتائج
        عرض كل النتائج
        • ميديا
        • رياديات
        • تجربتي
        • صحتكِ
        • مطبخكِ
        • إطلالتكِ
        • منوعات
        • فرصتكِ
        • حياتي شوب

        جميع الحقوق محفوظة | أنتِ لها © 2020

        Login to your account below

        Forgotten Password?

        Fill the forms bellow to register

        All fields are required. Log In

        Retrieve your password

        Please enter your username or email address to reset your password.

        Log In

        Add New Playlist