تقرير: رهف خليل
ماسة اسماعيل فتاة تبلغ من العمر سبعة أعوام تقضي معظم وقتها في استخدام شبكة الإنترنت، وتمتنع عن ممارسة أي نشاطات أخرى كاللعب، و الرسم، و التنزه، وتمضي وقتها في سبيل استكتشاف عالم الإنترنت بكل ما يحتويه دون أي رقابة واضحة أو جادة من عائلتها.
تعرضت إبنة السبع سنوات لعدة أمراض جسدية واضطرابات نفسية وخمول جسدي وعقلي، وأرجح الأطباء حدوث ذلك الى جلوسها المستمر أمام شاشة الهاتف لساعات طويلة ومتأخرة من الليل.
تشكل شبكة الإنترنت جزءاً هاماً من حياتنا، وأدى ظهورها إلى إحداث نقلة نوعية في العالم أجمع، ومع تطورها لم تعد حكراً على فئة معينة بل أصبحت متاحة لجميع الأفراد بمختلف أعمارهم وثقافاتهم مما أحدث أزمة حقيقية في فرط استخدام الأطفال للإنترنت.
لا شك أن لتطور التكنولوجيا وظهور الإنترنت فوائد كثيرة على مختلف الأصعدة إذا تم استغلالها بشكل جيد، ولكن في حد سيفها الأخر تحمل هذه التطورات الكثير من الآثار السلبية التي تؤثر بشكل أكبر على أطفالنا المعرضين لها.
وأكد أخصائي الإرشاد النفسي الأستاذ ماجد القاضي لموقع ومجلة المرأة (أنت لها) على أن الإنترنت ليس مجرد أداة جامدة لا حياة فيها، بل يبث نوعاً من الحياة المشوهة بما يحمله من قيم ومفاهيم وسلوكيات يقوم الأطفال بتبنيها بإنجذاب شديد نحوها، مما قد يؤثر على سلوكهم بطريقة سلبية نتيجة لما يرونه.
وأضاف القاضي: “يفتقر استخدام الإنترنت من قبل الأطفال للرقابة الأسرية، حيث أصبح الطفل على علم ودراية بأمور لا يحبذ أن يعرفها في هذا العمر، كما أنه سيفقد قدرته على الاتصال في العالم الخارجي وقدرته على الإبداع”.
وأوضح القاضي أن المشكلة الأساسية تبدأ من الأهالي والكبار فمن الذي سيوجه الطفل الصغير الذي لا يفقه أي شيء بالهاتف لولا توجيه والديه إليه، مضيفا في الوقت ذاته:”يفرح الآباء عندما يرون أبناءهم يمسكون الهاتف ويجيدون استخدامه ولكنهم يجهلون أن سعادتهم هذه تعاسة لأبنائهم سيحصدونها مع مرور الوقت”.
وقالت والدة أحد الأطفال: “يقضي ابني ذي الست أعوام ساعات طويلة من وقته على الهاتف حيث يملك هاتفاً نقالاً خاصاً به، أعلم جيداً أنه ما زال مبكراً على اقتنائه للهاتف ولكن استخدامه له يريحني قليلاً لأن ضجيجه ومتطلباته تصبح أقل، نتيجة انشغاله به فأستطيع خلال هذا الوقت إنجاز الكثير من الأعمال”.
وأكدت أنه ورغم ذلك فإنها منزعجة في الوقت ذاته من قضاء ابنها للكثير من الوقت على الهاتف، مضيفة:” أجل للأمر فوائد ولكن ليس بوسعنا غض النظر عن سلبيات ذلك فمثلاً انا لا أملك أي وسيلة لأتواصل فيها مع ابني فما يشغل عقله هو الهاتف, وأصبح يفاجئني بأسئلة تعجيزية لأمور قد يراها على الإنترنت وفي بعض الأحيان أنا حقا لا أملك جواباً لها”.
وعلقت مياس أبو عيشة ابنة التاسعة ربيعا :” أنا أحب استخدام الهاتف، لأنني أتابع الكثير من الأشخاص الذين يضحكونني كثيراً وأحب أن استخدم التطبيقات الموجودة على الإنترنت”.
الفيديو https://youtu.be/PgSwilo53Ok
وقال القاضي:” يجهل الآباء الكثير من مخاطر استخدام أبنائهم للإنترنت سواء على صعيد جسدي أو نفسي، حتماً هناك بدائل أفضل من إلهاء أطفالنا بهذا العالم الإفتراضي، بدائل قد تقوي من إبداعهم الفكري بدلاً من طمسه، وإذا كان لا بد من استخدام الإنترنت فعليهم الحرص جيداً على مراقبة أطفالهم بداعي حمايتهم وتوضيح مساوئ الإنترنت لأبنائهم وتحديد ساعات
استخدامه”.
ويذكر أن أغلب الدراسات التي أجريت في هذا الصدد في مختلف أنحاء العالم تشير إلى نتائج تؤيد أن للإنترنت أضراره البالغة على الأطفال، وتؤكد أيضاً أن الأطفال يقضون معظم أوقاتهم أمام صفحات الإنترنت بحد وصل إلى الإدمان، ففي دراسة صينية اتضح أن 13 %من مدمني الإنترنت في العالم هم من الأطفال، وغيرها من الدراسات التي أكدت أن ملايين الأطفال يقضون ساعات طويلة أمام الأنترنت في الوقت الذي قد لا يعلم فيه الآباء ما يقوم به ابناؤهم على هذه الشبكة، وقد أكدت الدراسات أيضاً أن متوسط عمر الأطفال الذي يستخدمون الإنترنت هو ثلاثة أعوام.