أطلقت دارة الاستقلال للثقافة والنشر باكورة إنتاجها الإبداعي “كتابة الصمت”، الذي يحتوي على مجموعتين شعريتين: “ديوان أنائيل” و”بروفايل للسيد هو” للشاعرة نداء يونس.
ويقع الديوان في 280 صفحة من القطع المتوسط، ترافقه لوحات للفنان التشكيلي الفلسطيني الراحل مصطفى الحلاج ولوحة واحدة للفنان حمادة مداح، وقام الفنان محمد سباعة بتنفيذ لوحة الغلاف.
ووصف الشاعر. المتوكل طه ما جاء في المجموعتين بـ”صوفيّة جديدة للجسد، تكوّنتْ مع تحوّل النرجس أشباحاً في دم الشاعرة، ففي لحظة يصير دمها هو ذاته المنفى، حيث إن هذه الصوفية تتغيّا رموزاً غير معهودة، على عكس ما ذهب إليه الصوفيّون القدماء”.
وفي معرض قراءته، شدد الكاتب عيسى قراقع على أن في المجموعة زوايا عدة يمكن تناولها، مشيرا إلى أن “كتابة الصمت” خطاب أنثوي ثوري وحداثي للتحرر من النظام الذكوري وثقافة القبيلة التي تقمع المرأة وتسيطر عليها، لكن “صمت الأنثى” في هذا الديوان أصبح له صوت، بل وبات يتكلم.
وجاء في قراءة وسام هاشم الشاعر العراقي المقيم في الدنمارك، ثلاثة أسباب من الصمت تتحكم في هذا الكتاب، وتبرر له العنونة الهادئة لكن المريرة، وإذا ما أخذنا بالاعتبار “فكرة تحرير الإنسان من عادات الكلمة” عند “بيكيت”، يصبح لزاماً علينا إثارة السؤال النقدي الأساس بل الأول عن ماهية المتعة التي يخلفها النص الأدبي في ذات قارئه؟ .. أو لنقل كم من اللحظات التي يبهرنا النص فيها أو العكس ربما، ولأننا نتحدث عن صمت مكتوب، سنجد أنفسنا امام إخفاء مقصود وبعناية شديدة،
واستعارات مقصودة أيضاً، كما في استبدال الزمن والأسى الفلسطيني بالهم البابلي والسومري وبالخمسة آلاف عام.
وفي قراءته، رأى الشاعر والكاتب أحمد زكارنة، “الوقت، محاكمة نداء يونس، بصوت “أنائيل” لربما لـ” بروفايل السيد هو” الذي يشير إلينا جميعاً، بوصف كل منا بروفايل ما، بمعنى أو بآخر لهذا المجتمع الذي تصفه نداء بالقول: “ليس للغابةِ بابٌ/ والذئب الذي يغادرها يحُّك بالأشجارِ جسدَه “.
أما الروائي الأسير كميل أبو حنيش فأرسل قراءة من داخل زنزانته في معتقل “ريمون” الإسرائيلي، لافتاً بعد أن كشف قيام جنود الاحتلال بتمزيق الإهداء الذي سطرته الشاعرة له حين أرسلت له المجموعة مع شقيقه، بعد احتجاز الكتاب قرابة الأسبوعين.
وأشار أن “هذين العملين تحفة أدبية، تمتاز نصوصهما بالعمق، وبالأسلوبية الخاصة، والكثافة غير المعهودة، ويثبتان أن نداء شاعرة متفردة تشق طرائق جديدة في الشعر، وهي التي اختارت الانعتاق من الزمن، وفتحت الآفاق النائية، وتجرأت أن تضع يدها على الأسئلة قبل أن تلتمس الإجابات، ولم تأبه للتابوهات” .. وأضاف: نداء شاعرة تشبه نصوصها.
الشاعر خالد الجبور، أكد أنك ستجد في هذين الديوانين أن الجسد – كما الروح غير المنفصلة عنه – حاملٌ لهواجس الوجود، ومرتبطٌ ومتّصلٌ بالكون وعياً وتبادلَ أدوار .. ليس في الديوان أنثى يمكن فصلها عن الذكر، ولا ذكر يمكن فصله عن الأنثى، ففي ديوان “أنائيل”، وهذه مفردة ركبتها الشاعرة تركيبا مزجياً من ضمير المخاطب “أنا العربية”، وضمير الغائب “إل بالفرنسية” التي تعني “هو”، وهي بهذه المفردة لا تترك أي مسافة بين الجنسين.
متابعة ورصد : رؤى عطا