قررت مجد أن تطلق على طفلتها الجديدة اسم “أيلول” عندما عرفت جنس جنينها في شهر أيار/ مايو الماضي، رغم أن موعد ولادتها المتوقع سيكون في شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
أنجبت مجد “أيلول” الشهر الماضي، بعد أن اضطرت لوضعها بعملية قيصرية بعد وصولها حالة صحية خطيرة جدا حسب تشخيص الطاقم الطبي لها.
أُدخلت مجد عوض (29 عاما) من بلدة جماعين جنوب نابلس إلى المستشفى العربي التخصصي قبل أسبوعين، بسبب معاناتها من ضيق حاد بالتنفس وسعال شديد، ونزول الأوكسجين بنسبة 70%.
أُخذت العينات منها والتي أثبتت إصابتها بفيروس “كورونا”، ووقتها حاول الأطباء إبقاءها على الأوكسجين الخارجي، وإعطاءها المدعمات والأدوية التي تؤخذ بناء على البروتوكولات المتبعة من قبل وزارة الصحة.
ساءت حالة مجد شيئا فشيئا، وأظهرت صور الأشعة بأن رئتيها شبه بيضاء، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ قرار بوضعها على جهاز التنفس الاصطناعي الذي بقيت عليه لمدة 10 أيام.
“لم يطرأ أي تحسن يُذكر على الحالة في الأيام الستة الأولى، بل كانت تسير نحو الأسوأ، وفي بعض المراحل تشهد هبوطا حادا بالأوكسجين رغم أنها كانت موصولة بجهاز التنفس الاصطناعي، وفي مراحل أخرى يحدث خلل في عمل الوظائف الحيوية، فالحالة كانت في وضع حساس وخطر جداً”، يقول الدكتور توفيق أبو عيشة أحد أفراد الطاقم الطبي المشرف على حالة مجد.
حمل مجد كان له الأثر الأكبر في عدم تحسن نسبة الأوكسجين عندها، فكان القرار الطبي بتوليدها قيصريا، حيث كان الأمل لديهم بأن توليدها سيساهم في تحسن صحتها.
“سنحاول إنقاذ الجنين، نسبة الخطورة على حياة مجد تتجاوز 90%”، هكذا أخبر الطاقم الطبي عائلتها قبل إجراء العملية لها، فالأطباء كانوا يصارعون الزمن للحصول على محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
نجحت العملية، وولدت “أيلول” التي وضعت على جهاز تنفس اصطناعي في قسم الخدج بالمستشفى، وهنا تمكن الأطباء من التعامل بشكل أفضل مع حالة مجد، والحصول أيضا على نتائج أحسن.
استمرت الحالة الخطرة لمجد حتى مساء اليوم التاسع، وفي اليوم العاشر ذهل الأطباء للتحسن الكبير الذي طرأ على حالتها في ليلة واحدة، فالالتهاب الرئوي يتراجع والأوكسجين يتحسن، والوظائف الحيوية تعمل بشكل أفضل.
10 أيام على جهاز التنفس الاصطناعي، والعائلة مهيأة لتلقي الخبر الأسوأ، لكن مجد تخرج من العناية المكثفة وتجلس على كرسي وتسير بخطى ثابتة، بعد أن كان ذلك أمرا شبه مستحيل أن يتحقق.
“منذ أربع ساعات ونصف وأنتِ بغيبوبة، هكذا قالوا لي في البداية”، قالت مجد التي نقلت إلى غرف المرضى العادية.
طلبت هاتفها لإجراء مكالمة مع أهلها، حينها اكتشفت من خلال الهاتف أنه قد مرت 10 أيام على غيبوبتها.
اختلطت مشاعر الفرح بالدموع، هذا كان شعور العائلة عندما شاهدوا ابنتهم تخطو نحوهم بعد أن كانوا لا يشاهدونها ولا يتمكنون من الوقوف بجانبها بسبب وضعها، وكانوا يعرفون تطورات حالتها الصحية من قبل الطاقم الطبي المشرف على حالتها.
ستعود مجد إلى بيتها يوم غدٍ الاثنين لتحتفل بعيد ميلادها الثلاثين مع زوجها أنس وأبنائها إبراهيم (6 سنوات)، وزيد (3 سنوات)، بينما “أيلول” ستعود إلى حضن عائلتها بعد أن يكتمل نمو جسدها في قسم الخدج بالمستشفى.
أنس عوض، زوج مجد، الذي عاش أصعب أيام حياته، لم يسمع كلمة “مبروك” عند ولادة “أيلول”، لكنه اليوم يشعر أنها جاءت للتو، وأن حياته قد بدأت من جديد، حياته مع زوجته وأطفاله.
المصدر: إيهاب الريماوي – وكالة الأنباء الفلسطينية رام الله
إ.ر/و.أ