نابلس – تقرير “ے” دوت كوم – عماد سعادة – في قلب معرض صغير وأنيق في مدينة نابلس يحمل اسم “رياديات ديرتنا” تجتهد مجموعة من النسوة من أصحاب المشاريع المنزلية الصغيرة، في توضيب زوايا معرضهن وترتيب منتوجاتهن الحرفية والغذائية والزراعية فوق رفوفه، فيما تغمرهن السعادة لتمكنهن من تحويل فكرة راودتهن قبل سنوات إلى انجاز حقيقي، واعدات بالتوسع وتعميم الفكرة لخدمة أكبر قدر من النساء الساعيات لتحقيق استقلالهن الاقتصادي ومساعدة أسرهن في ظل ظروف صعبة يعيشها شعبنا.
وقبل ثلاث سنوات، خطت عشر نساء رياديات من محافظات نابلس ورام الله وجنين وطولكرم وسلفيت (قاسمهن المشترك امتلاك مشاريع منزلية صغيرة، ومؤمنات بأهمية العمل الجماعي) خطواتهن الأولى على طريق تأسيس مشروعهن الخاص، وهو معرض دائم أردن له أن يكون حاضنة لمشاريعهن النسوية، ونقطة لعرض وتسويق منتوجاتهن، بدلاً من المشاركة في المعارض الموسمية، والتي تقام أحيانًا على الأرصفة، وبشكل لا يليق بالمنتوجات أو يؤدي أحيانًا إلى تلفها.
تخطي عقبات الكورونا
كابدت مُؤَسِّسات المشروع العناء خلال فترة التحضير والتأسيس بفعل انتشار فايروس الكورونا وما رافقه من اغلاقات وإجراءات وبروتوكولات صحية، الأمر الذي أعاق لديهن الحركة واللقاءات والتدريب وإنجاز كل فصول الخطة، لكن إرادتهن تحدت كل المعيقات فابتكرن الوسائل وواصلن المسار نحو تحقيق هدفهن المحدد الرامي أساسًا لتحسين المستوى المعيشي لهن وضمان استقلاليتهن المالية للقيام بدور فعال في خدمة أسرهن ومجتمعهن.
وتقول منسقة المشروع واحدى مُؤَسِّساته، أُمامة مرزق، بأنهن تمكن قبل عدة شهور من تسجيل مشروعهن “رياديات ديرتنا” كشركة مساهمة، مختصة في مجالات المنتوجات الغذائية والحرفية والزراعية، وأنهن تمكن قبل أربعة أشهر تحديدًا من افتتاح نقطتي عرض وبيع أحدهما في شارع الراهبات مدينة نابلس، والثانية في جمعية اللد الوطنية في مدينة رام الله، وذلك من باب التسهيل على المنتجات لإيصال بضاعتهن إلى إحدى النقطتين.
وتوضح مرزوق، بأن النساء المشاركات في هذا المشروع نشأت بينهن علاقة صداقة وتعاون من خلال مشاركتهن في العديد من المعارض أو الدورات التدريبية التي كن يشاركن فيها، وقد تبلور لديهن اقتراح بتأسيس معرض خاص بهن ودائم، يقدم خدماته لهن ولكل من ترغب من النساء المنتجات ممن لديهن مشاريعهن الخاصة على امتداد مساحة الوطن.
وتضيف بأنهن درسن الفكرة بعناية، ووضعن تصورًا حملنه إلى مؤسسة “Grow” التي رحبت بالفكرة وأبدت استعدادها للمساندة، وقدمت لهن التدريب اللازم للمضي قدمًا في هذا المشروع، كما تعهدت بتقديم منحة مادية لمساعدتهن على اقتناء بعض اللوازم الضرورية للمشروع مثل ثلاجات لحفظ وعرض المواد الغذائية.
من ناحيتها تقول، المدير العام للمشروع، ميسون أبو عمرة، بأن المشروع يخدم شريحة من النساء المكافحات اللواتي عملن خلال السنوات السابقة على امتلاك مشاريعهن الخاصة الصغيرة، من أاجل مساهمتهن في تحسين ظروف أُسرهن.
ثمرة تعاون مشترك
وتضيف أبو عمرة، بأن “رياديات ديرتنا” هو ثمرة تعاون مجموعة نسوة من محافظات نابلس وجنين ورام الله وطولكرم وسلفيت، ويهدف أيضًا إلى مساعدة النساء الأخريات على امتداد الوطن من ناحية عرض وتسويق منتوجاتهن من خلال معرض دائم.
وتوضح أبو عمرة، بأن المشاركات في المشروع مختصات في انتاج الحلويات والمعجنات الشعبية، والتراثيات الفلسطينية، والمنتوجات الغذائية كالمخللات والزعتر والدقة الغزاوية والبهارات والفواكه المجففة، والألبان، وزيت الزيتون والعسل والمربيات، والكريمات الطبيعية، والصابون الطبيعي، والأشتال والورود، والأعشاب الطبية، مضيفةً أن “لكل من هؤلاء النسوة قصة نجاح”.
وتدعم مُشارَكة مهندسة زراعية في تأسيس المشروع أفقًا أوسع للاستفادة من خبراتها سواء في مجال الاستفادة من المنتوجات الزراعية، أو عبر تخصيص زاوية للأشتال والورود الطبيعية ضن المعرض وهو ما حاصل فعليًا.
وتقول المهندسة الزراعية وإحدى مؤسسات المشروع، علا الهدهد، بأنها وخلال فترة اغلاقات الكورونا، عملت على تطوير مشروع خاص بها من داخل منزلها، وهو زراعة أشتال الورود وتسويقها على نطاق بسيط من خلال صفحة على “الاترنت”.
وأضافت الهدهد بأنها انضمت إلى النسوة المشاركات في المشروع الجماعي “رياديات ديرتنا” والذي يهدف إلى ضم مجموعة من المشاريع تحت سقف واحد، لأن مشروعًا جماعيًا بهذا الشكل من شأنه خدمة الجميع وإتاحة المجال لعرض منتوجات متنوعة تحت سقف واحد.
وأشارت إلى أن من ضمن الخطط المستقبلية للمشروع الجماعي، استثمار قطعة أرض لصالح المشروع وزراعتها بمنتوجات زراعية ضرورية لإنتاج أصناف غذائية مثل المخللات والتي هي جزء أساسي من المشروع، الأمر الذي من شأنه تخفيض فاتورة المشتريات من هذه الأصناف.
آمال وطموحات
وتشرح رزق (منسقة المشروع) بأن لدى النساء المؤسِّسات آمالاً وطموحات كبيرة، وتضيف “إن خطة العمل لديهم ستشمل أيضًا جانبًا آخر يتعلق بالتدريب، خاصة وأن لدى المؤسِّسات خبرة عريقة اكتسبنها من العمل والتدريب، وبالتالي فان بإمكانهن تدريب أخريات”، منوهةً إلى أن التدريب سيركز أيضًا على الأطفال خاصة في مجال التراثيات، بغرض أحياء التراث والحفاظ عليه ونقله للأجيال اللاحقة.
وتطمح القائمات على المشروع في توسع الفكرة، وافتتاح فروع أخرى في مختلف المحافظات لخدمة أكبر شريحة من النساء المنتجات، ولكنهن يدركن تمامًا أن المسألة بحاجة إلى الصبر، وأن مسيرة الألف خطوة تبدأ بخطوة واحدة، وأن التسلح بالأمل هو أهم قوام النجاح.