تنتشر في الفترة الأخيرة حالات تحرّش يتفنّن مرتكبوها في الأساليب، بهدف إشباع غرائزهم الجنسية، مقابل أذية النساء جسدياً ومعنوياً، إذ تشهد اللبنانيات بشكل شبه يومي طرقاً جديدة يعتمدها مجرمون يعانون من أمراض نفسية أو ربما جنسية تدفعهم للتصرّف فوق القانون خارقين حريّة الآخرين والآداب العامة.
منذ بضعة أيام، ضبطت كاميرات أحد المباني في منطقة الضم والفرز في مدينة طرابلس أحد المتحرشين الذي يلاحق فتيات الى مدخل المبنى ويتعرّ أمامهن، قبل ان يلوذ بالفرار.
فيما تحدثت فتيات لـ”ليبانون ديبايت” عن أساليب تحرش تعرّضن لها. منهن من تحدّثت عن تحرّش لفظي بها، وأخرى عن تحرّش سائق سيارة الأجرة التي استقلتها، وغيرها من الحوادث المبتذلة التي ضجت مواقع التواصل الاجتماعي والاعلام عن ممارسة المتحرّش العادة السرية في العلن وأمام النساء في أماكن عامة. أضف إلى ذلك السبعيني الذي يقصد إحدى الجامعات ويحاول استدراج الطالبات عبر طلب خدمة، ليقتربن منه ويجدن أنه متعرّ.
أكدت المنسقة الاعلامية في جمعية كفى سلوى الحمصي لـ”ليبانون ديبايت” ان الجمعية تركز اهتماماتها على الضحية، نظرا لاستحالة كشف الحالات النفسية الجنسية المختلفة التي تدفع بالمتحرش الى ارتكاب هذا الجرم. والأمر ممكن ان يرتبط أيضا بطريقة التربية، أو المجتمع المحيط، أو حتى طريقة تفكير مختلفة تعكس نظرته للمرأة.
لا يختلف المتحرش عن المعتدي من ناحية انتهاك حق المرأة، بحسب الحمصي. ولفتت الى ان التحرش بدء من اللفظي والجسدي وصولا الى مرحلة الاغتصاب هو جرم يجب ان يعاقب عليه المرتكب بالقانون. وهذا ما تسعى اليه كفى عبر اقرار قانون يجرّم التحرش الجنسي.
دعت المنسقة جميع النساء اللواتي تعرّضن للتحرش أو الاعتداء، التصريح عن ذلك من دون خوف. وعدم تحميل نفسهن ذنب من خلال لباسهن أو طريقة تصرفاتهن، لأن لا شيء يبرر للرجل جرم التحرش. والخروج من دوامة المجتمع الذكوري التقليدي في مثل هذه الحالات لفضح المرتكب وتجريمه.
أمّا الأساليب الغريبة المعتمدة من قبل المتحرّشين التي انتشرت كثيرا وانفضحت أكثر مع رواج مواقع التواصل دعت البعض الى التساؤل عن مستوى الكبت أو الجرأة أو المرض الذي يعاني منه المرتكب، اذ يستحيل على رجل عاقل ان يقدم على ارتكاب فعل مخل للآداب أمام مرأى العامّة من دون أن يأبه لشيء.
في هذا الإطار، أوضحت المتخصّصة في الطبّ الجنسي الدكتور ساندرين عطالله ان هناك حالات جنسية مرضية عدة مثل Paraphilia، تدفع الشخص الى ارتكاب تصرفات جنسية غير قانونية تكون اما استعراضية، اما طلقيّة. ولم تنكر ان ارتكاب هذه الأفعال هو نوع من العنف الّا ان هؤلاء لا يقدمون على أذية الآخرين جسديا، بل معنويا.
وأشارت عطالله الى ان الحالات المرضية الجنسية لا تهدف الى اذية الآخرين بل ارضاء الحاجة، على عكس الحالات المرضية النفسية التي قد تؤدي الى أذية الآخرين وتوصل الى الاغتصاب. وأكدت ان علاج الأمراض الجنسية لا يمكن ان يغيّر ميول المريض وتفضيلاته الجنسية، بل يعمل على تدريبه على كيفية التحكم بسلوكياته الجنسية.
يتلقى المعتدي الجنسي مزيجاً من العلاجات النفسية والجنسية في غاية الصعوبة ليتمكن من التخلّص من مرضه، وهو عادة ما يكون مكتسب وسببه التراكم. والخطورة هي بقلة الوعي عند الآخرين ما يستدعي دق ناقوس الخطر ونشر التوعية الجنسية والتحذيرات خصوصا في ما يتعلّق بفضح المرتكبين وتجريمهم. “ليبانون ديبايت”