قد لا يكون سهلاً تقبّل شريك حياةٍ مستقبلي فاقدًا قدمًا أو يدًا؛ إلا أن حنين القططي انتصرت على “الاختبار الصعب” وقررت إكمال مشروعها والارتباط بمحمد.
فحنين، (22عامًا) انتظرت بفارغ الصبر خطيبها الأسير المحرر محمد الأخرس (30عامًا)، ليعود من رحلة علاجية شاقة في مشفىً مصري.
أما محمد، من رفح، فقد أصيب في منتصف مايو الماضي برصاص الاحتلال المتفجر أثناء مشاركته بمسيرة العودة وكسر الحصار، بمخيم العودة شرقي المدينة.
وكما ترك محمد ست سنواتٍ عصيبة من حياته في سجون الاحتلال منذ 2007، كذلك ترك قدمه لتواجه مصير الدفن بعدما قرر الأطباء بترها.
لذا، فإن عودة محمد دون قدمه لم يُشكل أي تردد لجنين، وتقول إنها عاقدة العزم على استكمال زواجهما في موعده المقرر.
وتقول القططي، وهي تقدم باقة ورد أحضرتها خصيصًا لخطيبها: “إصابة محمد ألمتني كثيرًا، لكنها لن تؤثر على علاقتنا ومستقبلها وارتباطنا”.
وتضيف “القططي”: “لا يمكن أن تكون عائق أمام إكمال فرحتنا، وإتمام مراسم الزواج بُعيد عيد الفطر المبارك مباشرةً-إن شاء الله-“.
وتوضح عند وضعها باقة الورد مكان قدمه المبتورة “جراحتنا تنبت الحياة، هذه الرسالة يجب أن تصل للعالم أجمع، ولكرامتنا وحريتنا ندفع الثمن الباهظ”.
وتابعت بالقول: “مهما حاول الاحتلال تفرقتنا عن بعضنا لن ينجح، هنا نحن اليوم عدنا مع بعضنا مُجددًا وسنبقى”.
وتؤكد “القططي” أنها ستعيش مع خطيبها فرحة العيد، “سنخرج سويةً للتنزه والزيارات، وسأقف معه، وسأسانده في محنته، وأرفع معنوياته”.
وتلفت إلى أنه “فقد جزءا عزيزًا من جسده، لكنه ليس أعز من وطنه، الذي قضى سنوات عمره في سجون الاحتلال لأجله”.
وتشدد على أننا “شعب أعزل، لا يحب الموت، وذهب للحدود ليطالب بحياة كريمة بشكل سلمي عبر مسيرات العودة وكسر الحصار”.
وتوضح أن “الاحتلال يقذف بالموت نحو أجساد المشاركين في مسيرات العودة، وخطيبي خير شاهد، على ظلم وبطش وإرهاب هذا الاحتلال، الذي لم يوقفه أحد، ويضع له حدًا”.
وفي الغرفة التي يجلسان فيها سوية، يؤكد المحرر “الأخرس” لمراسل “صفا” أن “إصابته لن تترك تأثيرًا كبيرًا في نفسه، وسيُكمل حياته مع خطيبته، وسيعيش العيد بفرح، ويخرجا سويةً في أيام العيد”.
ويلفت إلى أنه باشر التحضير للفرح بمعنوياتٍ عالية ورضا لما حل به من إصابة؛ ويضيف: “نعلم جيدًا ما هو هدف الاحتلال من وراء بتر أقدامها وأيدينا، لكن أنى له هذا، فهو يقتل ويبتر ويصيب ويعتقل، ونعود له من جديد، لأننا أصحاب حق”.
ويتابع: “أنا لم أخرج للحدود كي أقتل أو أصابت أو للتنزه، فرسالتي وهدفي وهمي وهو كما (2 مليون) محاصرين في غزة؛ ونحن نعلم جيدًا عدونا، والعقلية التي يفكر بها، وطريقة العنف المُستخدمة”.
ويردف متعجبًا: “فلذي قتل المسعفة رزان النجار والصحفي ياسر مرتجي واقتلع الشجر والحجر، ليس بغريب عليه استخدامه للسلاح المحرم بحقنا”.
ويوضح أنه كان مشاركًا في مسيرات العودة باستمرار، وأصابه جنود الاحتلال برصاصتين في مكانٍ واحد؛ دون أن يشكل أي خطر على الجنود المتخفين خلف السواتر التربية وداخل الثكنات العسكرية.
ويتمنى “الأخرس” أن يقف العالم مع الفلسطينيين، ويوقف شلال الدم النازف، وأن تتحسن الأوضاع وتتحرر بلادنا من الاحتلال.
ويقول: “هذه بلادنا، لن نكل أو نمل في الدفاعِ عنها، والعمل كي نعود لها، حتى لو كلفنا ذلك أجسادنا وأرواحنا”، ويضيف: “على العالم أن يفهم رسالتنا؛ ونقول له: سنعيش ونكمل حياتنا ونفرح بأرضنا ولن تكسروا عزائمنا”.
(صفا)