لا حب مع خوف، لا سكن مع قلق، لا علاقة عاطفية ناجحة مع شريك تخاف منه أو تخاف من الاستمرار معه. هذه هي القاعدة الأولى في أى علاقة ناجحة، لكن هنا في بلادنا العربية، يصبح الأمر مختلفًا، وفى مصر بالأخص، يتحول الخوف إلى شبح غامض، يشعر به فقط من يعايشه، سواء كان ذلك قبل الدخول في علاقة وارتباط جاد، أو حتى بعده؛ فأكثر الرجال لا يتقنون فن الرفق بالقوراير – ويظنون وبعض الظن إثم – أن الرفق يكمن فقط في الحب، وممارسته، بلا إدراك لماهية الأمان، وحتمية تواجده.
الخوف يفسد الحب، يقتل الحياة، فلماذا تخاف النساء، في علاقة من المفترض أن يكون أساسها الأمان والمحبة، الدعم والمواساة، التقبل والسكن، عن ماذا تبحث المرأة في علاقتها العاطفية،، على اختلاف أعمارها، وثقافتها، وطبقاتها الاجتماعية؟، كلهن خائفات من شركائهن بشكل أو بآخر، سواء كان الشريك موجود بالفعل، أو لم يزل صرحًا من خيال.
أريد نفسي .. لا أمي
“كنت دوما لا أصدق أنه سيأتى عليّ اليوم الذي أحصل فيه على لقب زوجة، كنت دائما أردد أنني لن أصبح مثل أمي، لن أشبهها بأي حال، لن أتحمل فوق طاقتي وأستيقظ مبكرا للعمل، وتجهيز طعام الأطفال، وفطور زوجى، ثم آتى من العمل لأحضر الغداء و استكمال أعمال المنزل ثم مذاكرة الأبناء، كل هذا ثم أرتمي في السرير لأواصل الحياة في الدوامة ذاتها كل يوم، أنا لن أكون مثل أمى، لهذا السبب أنهيت خطبتى مرتين، وفي الثالثة اضطررت إلى لجوء لطبيب نفسي لأتجاوز تلك المرحلة. كان من المفترض أن يذهب خطيبي معى للطبيب، لكنه لم يقتنع بما أعانيه، فتركته وتركت الطبيب ولم أترك أمي”. ندى عزيز. 24 سنة.
أخاف الفكرة
“كلما اقترب موعد الزفاف أشعر برغبة شديدة في التخلص من كل شئ و خلع خاتم الخطوبة من إصبعي، لكن يوقفنى حبه لي، هو ليس شخصًا سيئًا، لكنه عادى. كل طموحاتى في علاقة مختلفة تنهار بالتدريج، لكنى لا أستطيع أن أقول أنه سيء. تبدو الأشياء مختلفة وصعبة التقبل، كلما اقترب موعد زفافنا، أضخم أخطاءه، وأرى بوضوح كل نواقصه، وأسأل نفسي 100 مرة، هل هذا الشخص هو من سأكمل معه عمرى للنهاية؟ لا أنكر خوفى، تعترض أمى على فكرة ذهابي لطبيب نفسي أو استشارى علاقات قبل الزواج، دومًا تردد أن هذا هو حال كل الفتيات، لكن أنا لست مثل كل الفتيات، فأمى و أبى قد انفصلا منذ طفولتى وليس لدي الثقة بنفسي، وأحاول تجنب أطفالي ما تعرضت له”. شاهندة حمدي، 24 سنة.
“أخاف بشدة أن يغير شريكى رأيه بشأن ما نتفق عليه سويا، اتفقنا على تأجيل الإنجاب بعد الزواج لحين استقرار أوضاعنا، ثم فاجئنى بأن أهله أخبروه أن هذا حرام بيّن، لم أجادله وأخبرته أن هذا اتفاقنا نحن وليس لأهله دخل بموعد إنجابي. تكرر الأمر مرة أخرى بشأن اتفاقات عديدة حول العمل وعلاقاتى مع أصدقائي وطريقة ملبسي، خشيت كثيرا من تذبذبه و طريقته في التعامل معي، وفى النهاية كان شعوري بالخوف من تقلباته أكبر من شعوري العاطفي تجاهه، فانفصلنا”. نهى محمود، 25 سنة.
نوبات هلع
“تزوجنا بعد قصة حب، لم ألتفت فيها لأمور حسبتها تفاهات، أصبحت أتذكر تفاصيل مرت بيننا، كنت من المفترض أن أقف عندها وأنهى ما بدأته مبكرًا، لكنى واصلت في هذه العلاقة. كان يرفض أن يكون لي صداقات مع زملاء في الدراسة أو العمل، يعتبر أي كلام بينى وبين صديق لابد وأن ينتهى بخيانته. كان يدفعني دفعًا لإخفاء علاقاتى عنه، رغم براءتها، وحين يكتشف مصادفة ما أخبئه، كانت تصيبني رعدة عنيفة. أخبرتني صديقتي أن ذلك ما يُطلق عليه “نوبة هلع”، كان هو مصدر هلعي وخوفي. أنا لم أفكر أبدا في خيانته أو الإساءة إليه بأي شكل، لكنه دفعنى لارتكاب أخطاء مثيرة للريبة، ودفعت ثمنها من أعصابي وللأسف هو لم يعترف أبدًا بخطئه، وأنا ليس لدي أي بديل، لهذا سأكمل حتى أنتهى أو ننتهى سويا”. شيرين منصور، 35 سنة.
جذور عائلية
“كان الخوف عنوان علاقتي بأبي وأشقائي، لا أتذكر أن والدي احتضنني ذات مرة، ولا أذكر لأخوتي شيئا سوى المزيد من لحظات الخوف والرعب. انتقل الخوف معى إلى بيت الزوجية، فالزواج الذي تم بعد تعارف عائلي، كان شعار زوجي فيه هو تنفيذ وصية أبي، اكسر لمراتك ضلع يطلعلها 24. وهكذا عشت عشرة أعوام كاملة، في انتظار 24 ضلع جديدة كل ليلة، صرت خائفة بسبب أو دون سبب، إن لم أجهز طعامًا أخاف من ردة فعله، وإن جهزت، أخشى ألا يعجبه مذاقه، أخاف إن رضى وإن لم يرض. أتذكر مواقف جعلت أطفالي يسألوننى لماذا أتحمل كل هذا، حين شتمنى و ضربنى في السيارة لأننى نطقت بالسلام على أحد الجيران العجائز في طريقى، ومرة أخرى كان الضرب من أجل طرحتى القصيرة داخل شرفة منزلى خلال وضع ملابس أطفالي على المنشر. كان ذلك موقفًا ربما يراها البعض بسيطًا، لكنه كان القشة التي قصمت ظهر بعيري، اتخذت قراري في النهاية وهربت، لملمت ما استطيع جمعه، استأجرت شقة صغيرة ثم عاد من عمله ذات يوم ولم يجدنى، كان أول ما فكرت فيه، أن أحرر ضده محضر في قسم الشرطة لعدم التعرض، وقتها فقط شعرت بالأمان وانتهى عهدي بالخوف. لم أحصل على الطلاق بعد، بسبب محاولاته إنهاء الموقف بالصلح، لكني أبدا لن أعود للخوف الذي تخلصت منه”. شيماء خليل، 34 سنة.
“لا أعرف لماذا أوصلني لهذه الدرجة من الخوف، كان يتعمد إخافتي حين يتطرق مزاحنا نحو افتراقي عنه، يخبرني أنه سيحبسنى، إن رحلت عنه، ويهددنى دوما بأنه يعرف فلانا يستطيع أن يلفق لي عددا من القضايا، كنت أعرف أنه يمزح، لكن شيئًا ما جعلني أخافه، وأخاف من مزاحه، صرت دائمة الاضطراب، ومعظم مشاكلي معه، أنى لا أستطيع التفرقة بين هزله وجده، وصرت حتى في أحلامى، أهرب منه، أعرف أنه يحبنى، أو ربما لا أعرف، لكنه متمسك بزواجنا وبخوفى منه، وأنا لم أعد أرغب في الاثنين، صوته عالى وصراخه يرعب طفلي الصغير، حتى أنه ذات يوم سألنى لماذا ينظر لنا أبي بهذه الطريقة؟ قاصدًا نظراته النارية التي يوجهها لنا حين يعتقد أن أحدنا أخطأ، أتعمد أن أحتضن أطفالي مطولاً، و أن أشعرهم بأمان يغيب في علاقتهم بأبيهم، لكنى لا أعرف إلى متى سأتحمل نظراته المرعبة؟”. هبة الطوخي، 28 سنة.
(فايس – إعداد شيماء جلهوم)