لا تنقص فلسطين الخبرات المهنية والتخصصات الأكاديمية في المجالات المختلفة، خصوصاً بين النساء، ولكن في كثير من الأحيان يصعب الوصول الى صاحبات هذه الخبرات، أو يصعب عليهن تقديم أنفسهن. من هنا جاءت فكرة «دليل خبيرات فلسطين»، وهي تجربة جديدة في تمكين النساء والتعريف بهن وبتخصصاتهن، كشفت في جانب منها عن تخصصات وخبرات نسوية غير مألوفة في المجتمع الفلسطيني.
ويقدم «الدليل» الواقع في 256 صفحة من القطع المتوسط، معلومات وصوراً لخبيرات ومختصات من داخل فلسطين التاريخية وخارجها، ويشمل مجالات الزراعة والمهن والحرف والسياسة والطب والصحافة والمال والأعمال والقانون والتنمية والتربية والتعليم والرياضة والهندسة وتكنولوجيا المعلومات.
واستُقبل «الدليل» بحماسة لدى إطلاقه في غزة أمس، وأشادت به وزيرة المرأة هيفاء الآغا، مثلما كان لاقى ترحيباً في الضفة الغربية عندما أصدره «مركز تطوير الإعلام» في جامعة بيرزيت، خلال احتفال قبل أقل من شهر. وقالت رئيسة المركز نبال ثوابتة لـ»الحياة» إن «الدليل يهدف إلى خلق توازن في الإعلام الفلسطيني بين الجنسيْن في الحضور الكمي والكيفي، وتمكين النساء الخبيرات من الوصول إلى وسائل الإعلام، والمشاركة الفاعلة بآرائهن وتوجهاتهن في اتجاهات الحياة كافة».
وإن كان التعريف بالخبرات الموجودة لدى النساء الفلسطينيات هو الهدف الأساس لـ «الدليل»، إلا أنه كشف في جانب آخر منه، وجود خبيرات في تخصصات نادراً ما تستقطب النساء، أو نساءٍ يعملن في مجالات قد تكون غير مألوفة. مثلاً تبيّن أن في فلسطين أول مراسلة صحافية متخصصة في الرياضة هي نيللي المصري، وأول مسيحية مختصة بالترافع أمام المحاكم الشرعية الإسلامية هي هناء ترزي، وأول قاضية شرعية في فلسطين تعمل في ديوان قاضي القضاة في محكمة بيرزيت الشرعية هي خلود محمد الفقيه … وغيرهن.
وقالت نيللي المصري لـ «الحياة» إنها تشعر بالحماس والفخر وهي تتحدث عن نفسها بصفتها أول صحافية متخصصة في الرياضة في فلسطين، علماً أنها ابنة لاعب نادي اتحاد الشجاعية في غزة في سبعينات القرن الماضي اسماعيل المصري الشهير بـ «سمعة». وأضافت انها تعتز بوجود اسمها، كصحافية خبيرة بالرياضة الفلسطينية، في «دليل خبيرات فلسطين». واعتبرت المصري، التي تعمل في الصحافة الرياضية منذ 17 عاماً، ورافقت منتخب سيدات فلسطين الى البطولة العربية في مصر عام 2006، لتغطية فعالياتها، أن «الدليل فرصة ممتازة لإبراز أسماء النساء الخبيرات في المجالات كافة».
ورأت زميلتها الإعلامية الرياضية تغريد العمور، عضو الاتحاد الفلسطيني للثقافة الرياضية، وتعمل لصالح إحدى القنوات الرياضية السعودية، في حديث لـ «الحياة»، أن إصدار الدليل «تأخر كثيراً». واستدركت بالقول: «تُحسب للدليل محاولة الوصول إلى كل الخبيرات». وحضت على «وجوب وصول الدليل إلى كل غرف الأخبار والإعداد في وسائل الإعلام، لضمان التعريف بالخبيرات».
أما المحامية المسيحية هناء ترزي، التي تُعتبر أول مسيحية مختصة بالترافع أمام المحاكم الشرعية، فتشعر بالحماس لإدراج اسمها في «الدليل». وقررت المشاركة في احتفال إطلاق «الدليل» في غزة، وإدراج معلومات عن خبراتها فيه.
وقالت منسقة «وحدة النوع الاجتماعي» في مركز تطوير الإعلام ناهد أبو طعيمة لـ «الحياة» إن المركز «وضع جملة من الشروط والمحددات الواجب توافرها في المرأة الخبيرة». وأضافت أبو طعيمة، وهي غزية تقيم في رام الله مع ابنتيها منذ نحو 20 عاماً، أن «الدليل» يتضمن نبذة عن الخبيرة مخصصة لوسائل الإعلام، تتضمن مجال العمل، وسنوات الخبرة بحيث لا تقل عن سبع سنوات في مجال تخصصها، والدرجة العلمية، والمهارات والقدرات العملية، والإنجازات في حقول البحث والتأليف أو العمل».
واعتبرت ثوابتة أن «رفد المؤسسات الإعلامية بدليل الخبيرات مساهمة من المركز لدعم الخبيرات في تقديم أنفسهن للإعلام، والمشاركة في نقل صورة كاملة ومتوازنة ومؤثرة عن الرجل والمرأة». وأعلنت أن باب التسجيل للدليل ما زال مفتوحاً لإتاحة الفرصة لإبراز أكبر عدد من الخبيرات في كل المجالات من فلسطين وخارجها، وتسهيل مهمات وسائل الإعلام المختلفة والصحافيين ومساعدتهم في العثور على الخبيرات بالسرعة المطلوبة.