بقلم / فرح سمحان – الأردن
“يؤسفني أن أخبرك بأنك مصابة بسرطان الثدي ” بهذه الجملة أخبر الطبيب (س) من النساء عند مراجعتها له لمعرفة نتيجة التحاليل التي قامت بها منذ أن بدأت أعراض المرض بالظهور عليها فقد كانت ذاهبة وبين كل خطوة والأخرى يتراود لذهنها العديد والعديد من التساؤلات والخوف والقلق من النتيجة كانا سيد الموقف”.
ولكن الخوف من ماذا؟والقلق على ماذا! هنا يبدأ الصراع الداخلي والنفسي عند كل من تصاب بهذا المرض أو حتى بغيره فالشعور في تلك اللحظة بالرهبة من فكرة أن تخبرهم بأنها مصابة بسرطان الثدي يكون أشد أثراً أكثر من الأصابة نفسها بهذا الورم الخبيث اللذي سكن في داخل أعماقها ليخرج كالاعصار محملا معه فيض من الآلآم ومشاعر الحزن من هنا تبدأ الرحلة مع السرطان ولكن أي سرطان ؟!
هل نقصد به ذلك المرض اللعين الخبيث اللذي لايتم الشفاء منه الا بالعلاج الكيميائي من وجهة نظر واقعية لكنها “يائسة” أم انه ذلك الصديق اللذي جاء على هيئة مرض ليمد مصابه بالشجاعة والقوة وعلاجه الأمل والتحلي بالصبر بالطبع هناك فرق شاسع مابين النظرتين والفوارق بين كلا النوعين من السرطان واضحة.
فالأول تعاملت معه س على أنه عدو لها وجاء ومعه الموت والثاني اتخذته صديق لها ليصاحبها طيلة رحلة العلاج وليمدها بالقوة لا الضعف والأمل بأن المثول للشفاء قريب حتى وأن تخلله بعض اللحظات الصعبة بسبب مرارة العلاج الكيميائي.
أذكر جيداً حالة س عندما أخذت الجرعة لأول مرة بعد محاولات عديدة من ذويها فهي كانت رافضة لفكرة اللجوء لهذا العلاج اللذي هو الحل الأمثل للتشافي من هذا المرض أو على الأقل للتخفيف من انتشاره لأنهم بأمس الحاجة لها ولأجلهم ومن أجل ذلك الأمل بغد أجمل أخذت س أول جرعة كيماوي لتخرج من الجلسة بشكل طبيعي ومع ابتسامة تخفي خلفها الكثير.
قالت ” لم أكن أعلم أن جرعة العلاج الكيميائي ستكون سهلة بهذا الشكل ” ففرح ذويها وطبيبها المشرف على علاجها بأن معنوياتها عالية ثم طلب منها الطبيب أن تراجعه في مكتبه ليخبرها بعض الأمور التي يجب عليها اتباعها فذهبت س للطبيب فأخبرها بأن هناك بعض المضاعفات التي ستنتج عن الجرعة ولكنها لاتظهر في نفس الوقت وأنه من الممكن أن يتساقط شعرها وبالتالي يجب أن تهيأ نفسها على ذلك قبل موعد العملية لاستئصال ثديها اللذي نشب فيه الورم وبعد تفكير طويل كان الأمل عنوانه أخذت س على عاتقها أن تجعل من مرض “سرطان الثدي” صديق لها بحلوه ومره وبأسوأ لحظاته وأنها ستحاول قدر الامكان أن تصاحبه طوال فترة العلاج الى أن يحين الوقت لفراقه بالشفاء منه وعلى الرغم من صعوبة هذا القرار الا أنه كان بمثابة العلاج الحقيقي من ذلك الصديق اللذي اعتاد على جسد سرعان ما سيفارقه من خوفه عليه .
(لكل فتاة وأم وزوجة وأخت لكل من حاربت وصمدت طويلا أمام مرضها وأخفت دمعتها لتظهر بسمة أمل لمن تحب ولكل من ضحت وأعطت وقدمت الكثير لكي منا تحية حب واحترام وتقدير فحياتنا لاتحلو الا بوجودك بيننا كل مانريده منك فقط هو أن تجعليه صديق لك وكلنا سنكون معك الى أن يحين الوقت لتنزل دموع الفرح بمثولك للشفاء الكامل منه ) بهذه العبارات الصادقة والمؤثرة تمت مخاطبة النساء اللواتي أصبن بهذا المرض من قبل ذويهم لتكون البداية نهاية جميلة مكللة بالانتصار والانجاز بالتشافي ويبقى الشعار الأول والآخير ” افحصي … حياتك بتهمنا”.