مجد أبو عون : أنا امرأة عربية أردنية، نبضي عربي وقومي تمتد جذوري لقرية بيت محيسر قضاء القدس المحتلة، ومن جهة أمي تسري دماء الفراعنة في عروقي.
هكذا تعرف الإعلامية سالي الأسعد عن نفسها، وتكمل أنا إنسانة إيجابية ودائماً ما أنظر للنصف الممتلئ من الكأس مهما كانت الظروف.
هي الأم والزوجة والإعلامية الناجحة التي تواصل بإرادة وعزيمة مشوارها المهني، وبقوة إصرار تسعى الأسعد لتحقيق نجاحات متوالية تكمل بها مسيرتها التي بدأتها عندما كانت في سنتها الجامعية الأخيرة.
وذلك من خلال حب العمل والإخلاص له، والغاء كلمة الفشل من قاموس حياتها.
النشأة
دائما ما يكون للطفولة الأثر الكبير في حياة كل شخص، وكان لطفولة سالي الأسعد الأثر الكبير في تحقيق نجاحها ومواصلتها لمسيرتها المهنية الناجحة، وتحدث الأسعد ل “أنت لها” عن طفولتها: لقد عشت طفولة جميلة في ظل والدي رجل الأعمال محمد أسعد ووالدتي السيدة زينب شعبان، اللذان زرعا فيي روح التحدي والإصرار، وكبرت مع إخوتي السبعة على العزة والكرامة والعطاء اللامحدود.
بالإضافة لذلك عاشت الأسعد غالبية مراحل حياتها متنقلة من دولة لأخرى، الأمر الذي جعل منها قارئة نهمة تعرف أهمية الثقافة والاطلاع، وتضيف الأسعد: هذا التنقل علمني كيف أكون أم وزوجة وسيدة مجتمع بالإضافة لكوني امرأة عاملة تبحث عن تحقيق النجاح دون أن تطغى إحدى مهماتي على الأخرى.
بداية الشغف
للنجاح في أي مجال أو عمل يجب عليك أن تحبه وتمارسه بشغف، وينطبق الأمر على مجال الإعلام الذي يحتاج أيضا للموهبة والإبداع، الأمر الذي لم تفتقده يوماً سالي الأسعد، فقد بدأ حبها للعمل كمذيعة منذ تعلمها الكلام.
وتستذكر الأسعد طفولتها وتقول: يوجد لي تسجيلات صوت وأنا أقلد المذيعات، ولطالما أمسكت الميكروفون وأجريت مقابلات مع أفراد العائلة وحتى مع سكان الشارع الذي كنت أقطن فيه في مناسبات عدة.
وتخبرنا الأسعد: كانت يرغب أبي أن أدرس إدارة الأعمال كونه يحب هذا التخصص ويرى أنه أوسع مجالاً، ولكني أرى أن الإعلام هو المجال الذي أجد نفسي فيه وهي المهنة التي أحب، وتضيف: دخولي لتخصص الإعلام وعملي في التلفزيون الأردني صدفة قدرية بحتة.
تحقيق الحلم
لكل طريق بداية وبداية سالي الأسعد كانت مختلفة، وتعلل سالي هذا الاختلاف: لقد بدأت في المكان الذي انتهى منه الاَخرون واستطعت النجاح بذلك وتفوقت على نفسي.
بداية انطلاقة سالي الأسعد في العمل الإعلامي كانت من تلفزيون الأردن، حيث شاركت بإعداد وتقديم البرنامج الأشهر في الأردن آنذاك (يسعد صباحك)، هذه التجربة كان لها الأثر الكبير في سالي وتوضح ل “أنت لها” : تعلمت من هذه التجربة الاعتماد على النفس والإحساس العالي بالمسؤولية تجاه كل دقيقة وثانية في التلفزيون، وعرفت أن العمل بروح الفريق هو السبب الوحيد بالنجاح واذا حدث غير ذلك يكون مصير العمل هو الفشل المحتوم، على حد وصفها.
وثم انتقلت سالي لتقدم عدة برامج تهم فئة الشباب والمراهقين لقربها من أعمارهم، ولاحقاً انتقلت الأسعد لتلفزيون قطر بعد أن التحق زوجها، الإعلامي الرياضي لطفي الزعبي، بقناة الجزيرة، وعملت هناك كمذيعة ورئيسة تحرير للنشرة الاقتصادية وبرامج أخرى منوعة واجتماعية.
وبعد أن أثبتت الأسعد نفسها في تلفزيون قطر وحققت نجاحات عدة جاءت النقلة النوعية بحياتها كما تصفها، وذلك عندما انتقلت مع زوجها إلى الإمارات العربية المتحدة عام 2003، وفي هذا الصدد تبين سالي، انتقلنا لدبي حيث البيئة والوسط الإعلامي الأكثر انفتاحاً وتطوراً في المنطقة، وفيها أسس زوجي لطفي الزعبي شركة “الليث ميديا” وسلمني إدارتها ايماناً منه بقدراتي الإدارية والمهنية.
وتعد “الليث ميديا” من أكبر المجموعات الإعلامية في المنطقة، وتفخر الأسعد بها وتوضح: كل من عمل معنا في هذه المجموعة أو حصل على التدريب العملي فيها هم نجوم مضيئة تلمع في فضاءات إعلامية كثيرة.
نصائح في الإعلام
ومع ازدياد أعداد المحطات التلفزيونية وبعد سنوات من العمل في مجال الإعلام، ترى سالي الأسعد أن وجود الكثير من المحطات التلفزيونية في العالم العربي أمر غير ضروري، وتدعو إلى توحيد الجهد والإمكانات المهنية والمادية لكل هذه المحطات في محطة واحدة أو مجموعة محطات لديها رؤية موحدة وميزانية ضخمة، ما يضمن انتاج برامج لها القدرة على المنافسة وحينها يصبح لهذه المحطات قيمة حقيقية.
وفيما يتعلق بالإعلام الرقمي تقول الأسعد: هو لغة العصر والمستقبل مهما قاومه الرجعيون.
ولا تقل أهمية المحطة التلفزيونية عن أهمية الإعلامي الذي يجب أن يتمتع بالاحتراف والمهنية والموضوعية، وفي هذا السياق تقول سالي: في هذا الزمن أرى أن مهنة الإعلامي فقدت هيبتها واحترامها وأصبحت مقترنة بالمسوقين الإلكترونيين، الإعلامي الحقيقي يجب أن يكون عاملاً في وسيلة إعلامية محترمة، وأن يكون قد قدم برنامجاً أو كتب خبراً أو تعرض لمواقف صعبة وأنقذها على الهواء، وهذا كله غير متواجد حالياً.
وتكمل الأسعد حديثها: اليوم لقد اختلط الحابل بالنابل وصار الكل إعلامي وناشط ومحلل، وهناك فرق واضح بين الإعلامي والناشط السياسي، حيث أن الإعلامي عليه أن ينقل الصورة بحيادية بينما الناشط السياسي لديه موقف يفترض أنه واضح للناس والشعب.
وللحصول على إعلاميين محترفين في المستقبل تقدم سالي الأسعد عدة نصائح لطلاب الإعلام والشغوفين للعمل به، ونصيحتها الأولى لهم أن يكونوا أنفسهم ويحرصوا على تقديم إضافة للإعلام العربي وأن يبتعدوا عن الاستسهال والطرق المبتذلة.
ولأن عجلة الحياة تدور بسرعة وفي تطور متواصل، كما هو الحال في الإعلام أيضاً تؤكد الأسعد على ضرورة عدم التوقف عن التعلم والتدريب، لأن الخبرة في مجال الإعلام مهما كانت كبيرة فهي غير كافية في ظل التطور السريع لمختلف تقنيات وجوانب الإعلام.
وإضافةً على ذلك تقول سالي: كل زميل أو وسيلة إعلامية يعتقد أنه ختم العلم ووصل إلى القمة ولم يتابع التطور فمصيره الفشل والنسيان.
سياسي أم اجتماعي
عملت سالي الأسعد على عدة مواضيع خلال مسيرتها المهنية وترى أن عملها على الموضوعات الاجتماعية ورفع الوعي بين الجمهور أهم بكثير من الادعاء أن لديها القدرة على تغيير المشهد السياسي، وتكمل : الضبابية تسيطر على المشهد السياسي في العالم العربي وأعداء الأمس هم حلفاء اليوم وحلفاء الأمس هم أعداء اليوم.
وعن الحراك الأردني والوضع الذي يمر به وطن الأسعد تقول: من الضروري تغيير النهج الذي تسير فيه البلاد وتحسين مستوى حياة المواطن الأردني وتحقيق العدالة الاجتماعية، وذلك فرض على الحكومة الحالية أو أي حكومة يختارها جلالة الملك، الذي أعلن مراراً أنه غير راضٍ عن أداء بعض الهيئات والوزارات.
وتواصل الأسعد حديثها: المواطن الأردني يعاني من غلاء المعيشة وارتفاع الضريبة وغيرها من الأزمات التي أتعبته أنهكته وغيبت عن قطاع كبير من الشعب أبسط ضرورات الحياة، وتتابع: الشعب يصمت لبعض الوقت بانتظار تحسينات حقيقية على أرض الواقع ولكن اذا استمر الوضع كما هو فأراه مرشحاً للتأزم.
وتؤكد الأسعد أن بعدها الجغرافي عن الأردن لم يؤثر على ارتباطها بوطنها، فهي تتابع الوضع كأنها لم تغادر الأردن يوماً، وتصف الأردن قائلة: هو أرضي وبيتي وأهلي وكل حياتي، وشأن الأردن المحلي والداخلي هو شأني وينعكس على حياتي الخاصة.
المرأة الأردنية
وعبر منصة “أنت لها” توجه سالي الأسعد كلمة للمرأة الأردنية وتقول: أنا فخورة جداً بالمرأة الأردنية وبما وصلت إليه، ويكفي أن العشرة الأوائل من التوجيهي في الأردن غالبيتهم إناث.
وتكمل الأسعد: من خلال عملي مع أكثر من اتحاد نسوي عربي وجدت أن المرأة الأردنية مميزة وقادرة على التغيير والتأثير ولديها جلد وصبر أيوب على الظروف والتحديات.
وفي رسالة للجميع تقول الأسعد: المرأة هي قارب النجاة للدول النامية، فهي نصف المجتمع وطاقة يجب أن نحسن استغلالها لتكون شريكة مع الرجل جنباً إلى جنب في دفع عجلة التنمية والنمو.
ختاماً
سالي الأسعد هي نموذج للمرأة القوية والناجحة التي نطمح لرؤية الكثير من النساء مثلها، الأسعد تواصل مسيرتها المهنية بكل عزم وإصرار وتختم حديثها عن مسيرتها في الليث للإنتاج حيث وصفتها بالفضاء الذي تحلق فيه إعلامياً مع نخبة من الشباب والصبايا الإعلاميين من كافة الدول العربية.
وتنهي الأسعد: في (الليث ميديا) نقدم أفضل ما لدينا من برامج وأفكار وتغطيات ونقل مباشر للأحداث والفعاليات، والطموح ما يزال كبيراً لتحقيق الأفضل بإذن الله.