تتحدث”رند” –اسم مستعار- 18 عاما على أنها لم تكن تجيد استخدام الإنترنت أو موقع الفيسبوك، لكنها لم تردد في التعلم فأنشأت حساب على موقع الفيسبوك بمساعدت إحدى صديقاتها، وبدأت في الولوج إلى الموقع من خلال جهاز الموبايل “الجوال” الخاص بها.
الفراغ والأوقات الضائعة هي إحدى الافات التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان، فبدأت رند تروي تجربتها المريرة والدموع في عينيها وكيف نجت في الرمق الأخير، فتقول: “بعد انتهائي من الثانوية العامة “توجيهي” ولم يحالفني الحظ، جلست في بيت العائلة في انتظار صاحب النصيب على رأي والدتي، بدأ الملل والفتور يتسلل إلي ولا أجد ما يشغلني، نصحتني احدى قريباتي بأن اتصفح الإنترنت وأن اشترك في موقع الفيسبوك، فهناك الكثير من الصديقات يمكن أن اقضي وقتي معهم”.
شعرت بالسعادة خاصة بعدما وجدت الكثير من صديقاتي وتعرفت على أشخاص آخرين لا أعرفهم إلا من خلال الفيسبوك، وبدأ شعوري بالملل والفراغ يقل تدريجياً.
وتضيف: وصلتني خلال الأشهر الأولى من استخدام الفيسبوك الكثير من طلبات الصداقة، كنت أوافق على بعضها واتجاهل الأخر، كانت معايير قبولي الطلبات (الاسم – الصورة – وبعض المشاركات).
قبلت صداقة أحد الشباب وبدأت في الحديث معه بشكل مستمر، تعرفت عليه بصورة دقيقة وبدأت العلاقة بيننا تتحول إلى حب وغرام خلال الأشهر الأولى، خاصة عندما عرفت منه أن يسكن في نفس المدينة التي اعيش بها. كنت اشاهد صوره على الفيسبوك وأتابع صولاته وجولاته، كانت مشاركته “رائعة وتجذبني”، حتى وثقت به.
طلب مني صورة شخصية لي، فقابلت طلبه بالرفض رغم اصراره، فأظهر انزعاجه واتهمني بأنني لا اثق به. لكني كنت مصرة على عدم ارسال صورتي له.
تتابع “رند” وفي احدى المرات وخلال حديثي معه شعرت بتغيير في اسلوبه وطريقته في الحديث معي، سألته عن السبب، فأجاب بكل برود “لقد حصلت على صورك يا …. ” ونعتني بلفظ خادش للحياء.
صعقت من كلماته والتي لم اعتد على سماعها منه، وسألته عن أي صور حصل، فأرسل لي مباشرة أحدى صوري الخاصة أثناء زفاف شقيقي الأكبر، وألحقها بصورة أخرى، ثم شرع يهددني بنشرها وتركيبها على جسم فتاة عارية في حال لم استجب له ولطلباته!!
صعقت من طلباته وتحوله إلى ذئب بهذه السرعة، حاولت أن استجديه لكنه رفض، ذكرته بمحادثات سابقة والعلاقة القريبة لكنه تجاهلها تماما.
طلب مني أن ارسل رقم هاتفي، وأن “أشحن” رصيد مكالمات بمبلغ مرتفع. نفذت له ما أرد خلال يومين، ثم اتبع طلبه بطلب “حقير” لقد طلب مني أن أخرج معه إلى أحد المطاعم وفي حال الرفض ستكون الفضيحة ونشر الصور هي مصيري.
تتابع “رند” اصابني الهم والغم ودخلت في دوامة لا أعرف نهايتها، كيف حصل على الصور وماذا اصنع؟ وكيف الخلاص من هذه الورطة؟ وماذا سيحصل لي في حال نفذ تهديده!!
لاحظت والدتي التغيرات التي أصابتني وحالتي النفسية السيئة، حاولت معرفة السبب لكني كنت متردد خشية ما سيترتب على ذلك من نتائج.
بعد أيام من الضغط الرهيب الذي مارسه الشاب علي، وتحت إصرار من والدتي قررت أن أفصح لها عن الفخ الذي وقعت فيه، فأخبرتها بكل شيء. وبدورها قامت بإخبار شقيقي الأكبر والذي تواصل مع وحدة الجرائم الإلكترونية في دائرة المباحث العامة التابعة لجهاز الشرطة، وحررت شكوى بحقه، وعلى الفور تم كشفه واعتقاله وتحويله إلى العدالة.
بدورنا في “رام الله مكس” سألنا أحد المختصين في أمن المعلومات عن آليات الحصول على الملفات والصور فأكد لنا مايلي:
1- لا يمكن للمخترق الحصول على ملفات أو صور إلا في حال زراعة برنامج في جهاز الضحية.
2- يمكن أن تكون الفتاة “رند” قامت بارسال صورها عبر الفيسبوك إلى احد الأشخاص من خلال المحادثة أو الرسائل الخاص، وبدوره قام المخترق باختراق حساب الفيسبوك الخاص بالفتاة.
3- يمكن للمخترق الحصول على كلمة المرور “السر” من خلال الصفحات المزورة.
4- يحذر المختص من حفظ الملفات والصور الخاصة على أجهزة متصلة بالإنترنت.
يذكر أن أبرز الجرائم الإلكترونية المسجلة لدى الشرطة الفلسطينية هي التهديد والابتزاز والتشهير والسرقة، حيث خصصت وحدة الجرائم الإلكترونية ، وجندت لهذا الغرض الإمكانيات وكادرا مدربا ومتخصصا،وفي أغلب الحالات تكون الضحايا فتيات، بحيث يقوم محتال بانتحال شخصية ما ويدخل إلى حسابها، ويحصل على صور الفتاة، ومعلومات عنها ويهددها بنشرها مما يضطرها لدفع المال.
ورغم نجاح الوحدة المذكور، الا أن هناك عقبة تتعلق بقانون العقوبات، إذ ما زال يطبق قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960، ولا يعالج الجرائم المستجدة،بحيث يتم تكييف القضايا الواردة وفق طبيعتها من ابتزاز وتشهير وغيرها.
وبما أن عقوبة هذا النوع من الجرائم لا تتجاوز الحبس ثلاثة أشهر أو غرامة لا تتجاوز خمسين دينارا أردنيا فإن الجدوى المأمولة من ملاحقة مرتكبيها هي التقدير بأن 95% من مرتكبيها لن يعودوا لارتكاب الجرائم بعد كشفهم.
رام الله- خاص رام الله مكس-مصعب زيود